شهدت كلية الآداب واللغات بجامعة 20 أوت 55، بمناسبة الاحتفال باليوم الوطني للشهيد، وبالتنسيق مع مديرية الثقافة للولاية وقصر الثقافة والفنون، تنظيم الطبعة الثانية من اليوم الدراسي حول «الأدباء الشهداء» خلال الثورة التحريرية من سنة 1954 إلى 1962، بمشاركة عدد من الأساتذة الدكاترة والمختصين من جامعات سكيكدة وعنابة وقسنطينة، حيث تطرّق المشاركون إلى عدد من المواضيع التي لها صلة باليوم الدراسي، منها بيبليوغرافيا الكتابات النقدية حول آثار أحمد رضا حوحو، وتوظيف التاريخ في مسرح رضا حوحو، والبعد الإصلاحي في أدب أحمد رضا حوحو كنموذج. كما كان للأساتذة جولات أدبية في كل ما له علاقة بأدب الشهيد مولود فرعون، منها مداخلة حول «مولود فرعون بين المحلية والعالمية «وقراءة في رواية «الأرض والدم»، والبعد الاجتماعي في رواية «ابن الفقير» لمولود فرعون، و»نصوص مولود فرعون في المدرسة الجزائرية». فالأستاذ حسن تليلاني المشرف على اليوم الدراسي في طبعته الثانية، أكّد على «أنّ أرقى مستويات العلاقة بين الأدب والثورة، وهو مستوى الالتزام المطلق الذي يبديه الأديب تجاه الفعل الثوري الذي يؤمن به، بحيث يمتزج لديه فعل المقاومة بواسطة سلاح الكتابة أي الحبر مع فعل المقاومة بواسطة سلاح البندقية والرصاص أي الدم، فيكون الأديب على استعداد تام ليفدي قضيته بما يبذله من حبر الكلمات وما يضحّي به من دم الجسد إلى درجة التضحية بالنفس والروح أي الموت والاستشهاد. بوشامة، العمودي، بناسي، العقون، التبسي غيرهم خالدون في الذّاكرة فقد ناهض الأدباء الجزائريون بإبداعهم ومقالاتهم على اختلاف ألسنتهم ومستويات لغاتهم «العربية، الفرنسية والعامية» الاستعمار الفرنسي، وسخّروا أقلامهم لنصرة القضية الوطنية، وقد قضى بعضهم نحبه لمواقفه وكتاباته، ونال شرف الاستشهاد، وأوضح الدكتور «إنّنا نجد في تاريخ الثورة الجزائرية عدة نماذج لأدباء تجسّدت في سيرتهم مسألة الالتزام المطلق بالثورة التحريرية، حيث إنّ هؤلاء الأدباء آمنوا بتحرير الوطن وانخرطوا في الثورة، فقاوموا الاستعمار الفرنسي بحبرهم ودمهم حتى استشهدوا في ميدان الشرف مثل الشهداء أحمد رضا حوحو، الربيع بوشامة، الأمين العمودي، الحبيب بناسي، مولود فرعون، عبد الكريم العقون والعربي التبسي وغيرهم من الكتاب والأدباء الجزائريين شهداء الحرية والاستقلال، وأضاف: «لهذا كان منّا المبادرة في تجسيد هذه الفكرة». البعد التّاريخي والأدبي فاصل مهم في حياة هؤلاء ونحن الآن في الطبعة الثانية وقد رأت اللجنة العلمية لهذه التظاهرة أن يكون موضوع هذه الطبعة سيرة الأديب الشهيد أحمد رضا حوحو ومولود فرعون وآثارهما، وتسعى هذه التظاهرة من خلال بعديها التاريخي والأدبي أن تحقّق الأهداف المسطرة من مواكبة الأحداث الوطنية، والمساهمة في إحياء الأيام المخلّدة للوقائع المشهودة في تاريخنا المجيد، تعريف أجيال ما بعد الاستقلال بأحد أشكال مقاومة الاستعمار الفرنسي، وجانب من تضحيات الشعب لنيل حريته واستقلاله، والتعريف بالأديبين الكبيرين أحمد رضا حوحو ومولود فرعون رحمهما الله، وبمضامين أشهر إبداعاتهما ومقالاتهما الاجتماعية والسياسية. محمد العيد تاورتة أستاد الأدب الحديث بجامعة قسنطينة، اختصاص الرواية في الأدب الجزائري المعاصر، قدّم مداخلة حول الكتابة النقدية حول الأديب الشهيد رضا حوحو فيما يتعلق بالكتب، الأبحاث، المقالات والندوات التي أقيمت حوله، إضافة الى التطرق الى الكتابات النقدية حول هذا القامة الأدبية. وأوضح البروفيسور لجريدة «الشعب» حول سؤال إن كان الأديب أخذ حقه من الدراسة والتعريف بمنتوجاته الأدبية، «أن الأديب ليس مهملا في هذا الجانب، ولكن الدراسات حوله تحتاج الى المزيد خصوصا المعمقة والمختصة في كل الأنواع الأدبية التي أبدعها، كما يحتاج الى الأكاديميين لتعميق الأفكار التي كان يدعو إليها في مؤلفاته، وأضاف البروفيسور أنه من الجانب الإعلامي ليس غريبا، فالعديد من المؤسسات التعليمية والثقافية أخذت اسمه». وعن سؤال حول استعانة الطلبة في أبحاثهم بكتب وزبدة أفكار الأديب، يقول محمد العيد «إنّه للأسف الشديد في الوقت الحالي الطلبة قراءتهم قليلة جدا في أدب الشهيد أو في غيره، فليس هنالك اهتمام بالقراءة والمطالعة، ربما لوسائل الاتصال الحديثة، يمكن أنّها أثّرت على هذا الجانب». من جانبه البروفيسور حسن بوساحة من جامعة قسنطينة، مختص في الأدب المقارن والترجمة ومدير مخبر اللغات والترجمة على مستوى نفس الجامعة، تطرّق في مداخلته القيمة في إبراز عالمية وخصوصية أدب الشهيد والروائي الكبير مولود فرعون، كما تحدّث بإسهاب عن جزائريته الأدبية وعالمية أفكاره وعلاقاته بالآداب العالمية الأخرى، من الأدب الروسي، الألماني، الفرنسي وغيرها من الآداب العالمية، مؤكدا في السياق «أنّ طلبة الماستر بالخصوص يقبلون على إبداعات الأديب لإعداد مذكّراتهم وأبحاثهم الجامعية، خاصة البحث في مظاهر رواية «ابن الفقير»، ومقارنة هذه الرواية بروايات إفريقية، مثلا تأثير هذه الأخيرة على رواية «الولد الأسود» لكمارا لاي، وأضاف بوساحة «أنه سجّلت تجربة في هذا الشأن من قبل طلبة بجامعة قسنطينة». وتخلّل اليوم الدراسي قراءات شعرية للشّعراء شامة درويش، حسن دواس وأحمد عاشوري، وعلى هامش هذه الفعالية، كرّم البروفيسور عثماني عمارة والدكتور أحسن ثليلاني، نظير المجهودات والاضافة التي قدّماها لجامعة سكيكدة، كل في اختصاصه العلمي والأدبي.