الأحزاب المنتمية للتيار الإسلامي جزء أساسي من الخارطة السياسية نحن أصحاب فكرة التحالفات والتكتلات منذ التسعينيات تكتل الجزائر الخضراء تجربة برلمانية جيدة، لكن كحركة خسرنا مواقع كثيرة يجزم عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم، في الحوار الذي خص به “الشعب”، أن الأحزاب المنتمية إلى التيار الإسلامي “جزء أساسي من الخارطة السياسية”، وأن الحركة التي يترأسها منذ مؤتمر 2013 “طلائعية”، وإلى ذلك يؤكد “الانتخابات التشريعية لسنة 2017 قد تكون فرصة عظيمة، إذا لم يقع تزوير، وقبل النظام السياسي بالتوافق والانتقال الديمقراطي والانتقال الاقتصادي”، وبخصوص مشاركة “حمس” في الحكومة، فهو أمر منطقي حسبه يندرج ضمن فكر “مستقيم يسنده العلم والتجربة البشرية، والحزب تارة يكون في السلطة وتارة يكون في المعارضة”. ”الشعب”: ما موقع الأحزاب الإسلامية اليوم في الساحة السياسية؟ عبد الرزاق مقري: الأحزاب الإسلامية في الساحة الجزائرية بين قوسين أحزاب وطنية، وهذه التسميات المشتهرة، وهي وطنية وأكيد هي ديمقراطية، وجزء أساسي من الخارطة السياسية، وطرف مهم في التركيبة الاجتماعية الجزائرية، وكان لها دور طلائعي في الحاضر وسيكون لها دور في المستقبل. أين موقع حزب «حمس» من الأحزاب المنتمية إلى التيار الإسلامي؟ بالطبع نحن عندما نريد أن نقارن بين الأحزاب لابد أن تكون هناك معايير، منها الانتشار التنظيمي والهيكلي، فالحزب الذي يكون متواجد مثل حركة مجتمع السلم في كل ولايات، وممتد في أغلب بلديات الوطن، فهو بالتأكيد حزب قوي وله انتشاره الوطني، ومتميز عن الأحزاب الأخرى غير المنتشرة، نحن نتحدث عن حزب له أكبر عدد من المنتخبين المحليين «رغم التزوير»، فهو حزب أقوى من الأحزاب التي ليس لها هذا العدد، وله أكبر عدد من النواب في البرلمان فهو الحزب الأكبر في الأحزاب ذات التمثيل الاسلامي، حزب له امتدادات في المجتمع المدني على مستوى الشباب، النساء، العمل الفكري والعمل الدعوي، العمل الاجتماعي بكل تأكيد، له حضور وجاهزية وفاعلية أكثر من غيره، بكل تأكيد نعتبر من خلال هذه المعايير الموضوعية القابلة للقياس، أن حركة مجتمع السلم هي الحركة الطلائعية في ساحة الحركات الإسلامية. اندماج مع حركة التغيير التي ولدت من رحم التغيير؟ العزوف عن التحالفات ورفض “حمس “ خوض التجربة مجددا بعد تلاشي تكتل الجزائر الخضراء؟ نحن آباء فكرة التحالفات والتكتلات منذ التسعينيات، والذي يعود إلى التاريخ سيجد بأن لحركة مجتمع السلم دور كبير منذ زمن، كانت في مجموعة 7+1 في التسعينيات، مشاريع التحالف الوطني الإسلامي، والتحالف الوطني الإسلامي الجمهوري، والائتلاف الرئاسي، تنسيقية حريات الانتقال الديمقراطي، هيئة التشاور والمتابعة، تكتل الجزائر الخضراء، نحن حركة لها مسار كبير في التكتلات لأننا نؤمن بالعمل الوطني المشترك، وفي كل مرحلة الظروف هي التي تملي على الحركة التكتلات التي تختارها، أو صيغة الوحدة التي تختارها، نحن رأينا هذه المرة أن ننجز مشروع الوحدة داخل مدرسة الشيخ محفوظ نحناح مع جبهة التغيير، فأعطينا الأولوية لهذا الأمر، فكان الإنجاز الكبير بعد نقاشات ومفاوضات دامت أكثر من 10 سنوات، لوحدة اندماجية لنصبح كما كنا. وهل الوحدة الاندماجية في اعتقادكم ورقة رابحة أكثر من التحالف؟ الوحدة الاندماجية هي أكثر من التحالف، لأن فيها التحالف وغير التحالف، الوحدة ستسير عبر ثلاث مراحل، الأولى مرحلة التحالف وتتميز بالدخول في الانتخابات بقوائم واحدة صف واحد ضمن حركة مجتمع السلم، وبعد الانتخابات تستمر لأن الأمر لا يتعلق بتحالف انتخابي أو تقاسم مناصب، هي وحدة حقيقية وبعد الانتخابات سندخل في المرحلة التوافقية عبر مؤتمر استثنائي سيرسم المرحلة التوافقية التي ستستمر على الأكثر سنة، ثم ندخل في المؤتمر السادس العادي الذي يكون في 2018 . عادة ما تدخل كبريات الأحزاب في تحالفات بعد الإعلان عن نتائج الاستحقاقات التشريعية، هل تعتزمون الانخراط فيها، وهل ستشاركون في الحكومة؟ تكتل الجزائر الخضراء بدأ مبكر قبل الانتخابات التشريعية، وتحالفنا مع جبهة التغيير كذلك جاء قبل الانتخابات، نحن سندخل الانتخابات التشريعية باسم حركة مجتمع السلم، نحن نريد أن نرسخ ثقافة سياسية عادية، كما هي موجودة في العالم بأسره، وكما يقرأها الطلبة في الجامعات تنظم الانتخابات وإذا نجح حزب وأخذ الأغلبية وحده بإمكانه أن يحكم وحده إذا كان عنده 50 بالمائة من النواب + واحد، إذا لم يأخذ أي حزب الأغلبية أو الأحزاب كلها مع الأغلبية تريد أن توسع جبهة الحكومة، فالناس يتفاوضون وفق نتيجة الانتخابات، يعني لا يوجد حديث عن التحالفات البرلمانية الحكومية قبل الانتخابات. لكن إذا حققتم نتائج لاشيء يمنع من مشاركتكم في الحكومة؟ أكيد قطعا، هذا هو الفكر السياسي العادي، نحن لما نحقق نتيجة انتخابية جيدة، القانون الأساسي الذي صادق عليه المؤتمر في 2013 الذي بموجبه أصبحت رئيسا لحركة مجتمع السلم، يقول أن الحركة بإمكانها أن تكون في الحكومة وبإمكانها أن تكون في المعارضة، وأن تكون في الحكومة إذا نجحت في الانتخابات، وندخل في التفاوض مع التشكيلات الأخرى التي نجحت، إذا اتفقنا نشكل حكومة مع بعض. بعد خروج “حمس” من التحالف الرئاسي، ظلت تمارس معارضة إيجابية بالمشاركة في كل الاستحقاقات، ما الذي تغير بعد الانتقال من الموالاة إلى المعارضة في الحركة؟ نحن توجهنا للحكومة في فترة كان البلد في خطر كبير جدا، استقرار البلد في خطر، مؤسسات الدولة الجزائرية كانت في خطر، الديمقراطية في خطر، وجودنا ككل كان في خطر، نحن في الحقيقة شاركنا لهذه الاعتبارات، ثم بعد ذلك لما استقرت الجزائر، طالبنا بأن يرتقي التحالف إلى شراكة حقيقية، للأسف شركائنا رفضوا، ذلك جاءت انتخابات 2012، قررنا أن نخرج من الحكومة بعدما أدينا واجبنا. الحزب لما يخرج من الحكومة أين يكون؟ يكون في المعارضة، ومثل ما كنا نفضل العمل المشترك في الحكومة، فضلنا العمل المشترك في المعارضة كذلك، ما هو الهدف؟ الهدف هو بلورة الرؤى الجماعية لصالح الوطن، حتى نتحدث مع السلطة بلسان واحد، حتى نبسط الأمور ولا نعقدها، وحتى في نفس الوقت نعطي رسالة ايجابية للشعب الجزائري، بأن الطبقة السياسية لها القدرة على العمل المشترك، ولها القدرة على التوأمة والتحالف والتعاون، وثالثا حتى نضغط على النظام السياسي ليقبل التوافق ويقبل توقيف الممارسات السلبية الحكومية، والانتقال إلى مرحلة انتقالية لمصلحة الجزائر، بالنظر إلى المخاطر الاقتصادية والاجتماعية التي تهدد البلد. في 2012 شاركتم تحت لواء تكتل الجزائر الخضراء، هل كانت سببا في تحصيل نتائج لا تعكس حجم الحركة؟ من حيث العمل البرلماني كانت تجربة جيدة، وكان هناك انسجام بين نواب الأحزاب الثلاثة، واستطاعوا تأدية دور جيد جدا، ولكن نحن كحركة في الحقيقة قدمنا تضحيات كبيرة، وخسرنا كثير من المواقع، وخسرنا من الانسجام التنظيمي داخل كثير من ولايتنا، بالنظر إلى هذه التجربة بايجابياتها وسلبياتها قررنا أن لا ندخل في تحالف فوقي مع أي حزب سياسي، وإذا فيه تحالف يكون على المستوى المحلي، وهذا خلافا للوحدة التي تكون ضمن حزب واحد، هو الذي سيستمر في العمل بنفس الاسم بعد الانتخابات التشريعية. الدستور حمل مواد جديدة تؤسس لتغيير في العمل التشريعي وهو ما أكده أساتذة القانون الدستوري، على غرار حق الإخطار، هل هو سبب للمشاركة القوية للمعارضة؟ لا علاقة للدستور بالمشاركة على الإطلاق، المشاركة الواسعة للمعارضة سببها تحمل المسؤولية الوطنية، لأن هذه الأحزاب التي شاركت فكرت أنها إن لم تشارك في الانتخابات معنى ذلك هي متجهة للقطيعة الكلية مع النظام السياسي القائم، وبعد ذلك نحن ذاهبون إلى المجهول، الأحزاب تحملت مسؤوليتها بأن تشارك في الانتخابات، رغم عدم قبولها لهذه الوثيقة الدستورية التي صارت أمرا واقع، الناس جميعا يعملون الآن تحت هذا الدستور. ورغم ذلك الأحزاب فضلت أن تواصل المسيرة، وأن تواصل المجهود الثقيل وأن تقاوم سياسيا، إن لم تستطع تحقيق الإصلاح السياسي البارحة سواء في الدستور أو في القوانين، ستحققه غدا، هي عملية مستمرة للإصلاح السياسي غير متوقفة، وهذا طبيعة العمل السياسي السلمي، الذي يختلف عن العمل الثوري، الثورة هي التي تقلب الأمور رأسا على عقب، عمل الأحزاب ليس عملا ثوريا، هو عمل سياسي سلمي يحقق نتائج على مراحل، يتابع تطور موازين القوى السياسية، والذي لا يمكن أن يتحقق اليوم سيتحقق غدا، ونحن نعتقد أن ضمن هذا المنظور الزمن يسير لصالح مطالب الإصلاح، وليس لصالح مطالب الاستبداد، لصالح مطالب الشفافية وليس لصالح الأمر الواقع أي الفساد. نحن نطالب النظام السياسي بأن نبدأ بالإصلاحات مباشرة بعد الانتخابات حتى نربح الوقت، وحتى لا ندخل في صراعات هامشية، ولكنه إن رفض سنبقى نطالب بالإصلاح، والزمن لا يشتغل لصالحه في ميزان تطور القوة، وإنما لصالح أحزاب المعارضة. ماذا تمثل الانتخابات التشريعية لكم في ظل السياق الذي تأتي فيه؟ قد تكون فرصة الانتخابات التشريعية لسنة 2017 إذا لم يقع تزوير، وقبل النظام السياسي بالتوافق والانتقال الديمقراطي والانتقال الاقتصادي، هي فرصة عظيمة سنتمكن من الخروج من الأزمة رغم الصعوبات. بعد دسترة الهيئة العليا لمراقبة الانتخابات، لماذا الحديث عن التزوير؟ هذه الهيئة ليس لها أي دور، سترسم ما تريده الإدارة وما يريده أصحاب القرار. هل ستتعاملون معها؟ سنتعامل معها كأمر واقع، لكن لسنا راضين عنها والأمر لا يتعلق بالأشخاص بطبيعة الحال، وإنما لاعتبارات تتعلق بالهيئة وبالصلاحيات، هي هيئة تابعة لجهاز تنفيذي وكل من فيها معينون، وبالتالي ليست هذه التي تطمئننا. لماذا التخوف رغم تأكيد السلطات توفير الضمانات والتعليمات الموجهة للإدارة بالتزام الحياد؟ لأننا جربنا الانتخابات 14 مرة، وكانت مزورة في كل مرة. الدستور في طبعة 2016 تضمن مكتسبات ستغير العمل التشريعي على الأرجح، منها حق الإخطار على سبيل المثال، ما رأيكم؟ ليست ذات أهمية كبيرة، لما الانتخابات تزور وتشكل أغلبية برلمانية مزورة، ما فائدة الإخطار، الذي يتصرف في كل هذه الأشياء هو الأغلبية، لما تقوم بالإخطار وتذهب إلى الجلسة العلنية الأغلبية المزورة تسقط كل شيء، كل الإجراءات الموجودة غير كافية، قد يكون الدستور رائع جدا لكن التطبيق غير موجود، كما كان يقول الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله “نكتب النصوص بأيدينا وندوس عليها بأرجلنا”. ما تحقق في الدستور غير كافي لضمان الإصلاح السياسي. مع كل موعد انتخابي يطرح إشكال العزوف؟ العزوف موجود بسبب التزوير، نحن لكي نقنع المواطن لابد أن نوقف التزوير وتدخل الإدارة في الشأن السياسي، المناضلين الآن يتحملون مسؤولياتهم رغم التزوير من أجل بلادهم، وهم يقاومون ويدفعون من أجل المشاركة في الانتخابات من أجل بلدهم، حتى لا تقع القطيعة والصدام اليوم “حمس” محل انتقاد من قبل زملاءها في الطبقة السياسية بسبب مواقفها مرة في المعارضة وأخرى في الحكومة، ما تعليقكم؟ فكرنا مستقيم يسنده العلم والتجربة البشرية، والحزب تارة يكون في السلطة وتارة يكون في المعارضة، والمعيار الشعب وليس الكوطات، إذا أعطاك الشعب أنت في الحكومة، وإلا فأنت في المعارضة، فكرنا سليم. هيئة المتابعة والتشاور لم تتدخل فيما يتعلق بمشاركة الأحزاب في الانتخابات من عدمه؟ اتفاق داخل الهيئة لا علاقة له بالمواقف من المشاركة، الأحزاب سيدة. الوضع الداخلي لبيت “حمس”؟ على أروع ما يكون.