شرعت مؤخرا وزارة الداخلية والجماعات المحلية في مراجعة القوائم الانتخابية من أجل تحيينها وتفادي تكرار ما وقع خلال مختلف الاستحقاقات الانتخابية التي احتضنتها الجزائر، لاسيما التشريعيات والمحليات التي شهدت تدحرجا كبيرا في نسبة المشاركة وتأتي هذه العملية تحسبا لانتخابات قد تجري العام المقبل، رغم أن الطبقة السياسية استبعدت أن تكون مرتبطة بحدث إنتخابي. في محاولة منها لاستدراك الأخطاء التي وقعت في السابق، فضلت وزارة الداخلية أن تجعل من مراجعة القوائم الانتخابية عملية دورية لتكون القوائم معينة، تحسبا لأي استحقاق انتخابي، وفي هذا الاطار تندرج عملية المراجعة التي أعلنت عنها قبل حوالي أسبوع ودعت المواطنين الى الاقتراب من مصالح مراجعة قوائم الانتخابات على مستوى البلديات. وتمتد هذه العملية وهي الثالثة من نوعها في غضون السنة الجارية لمدة شهر كامل وكانت مصالح الداخلية قد راجعت القوائم الانتخابية عشية رئاسيات التاسع أفريل المنصرم، كما دعت المواطنين الذين غيروا مكان إقامتهم الى شطب أسمائهم من أماكن الاقامة القديمة وتسجيل أنفسهم بالدوائر الانتخابية الجديدة. وكان المسؤول الأول على وزارة الداخلية، قد أكد في الندوة الصحفية التي أعقبت الانتخابات التشريعية للعام ,2007 بأن الأحزاب السياسية تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية في العزوف عن المشاركة، لكنه كذلك لفت الانتباه الى أن البرامج السكنية الضخمة التي يتم تسلمها سنويا وترحيل آلاف العائلات كان سببا مباشرا في تقلص نسبة المشاركة، ذلك أن العائلات المرّحلة لم تسو وضعيتها ولم تتمكن من أداء واجبها وحقها الانتخابي. ورغم أن السعيد بوحجة، العضو القيادي بحزب جبهة التحرير الوطني ''الأفلان''، استبعد في تصريح ل ''الشعب'' أن تكون عملية المراجعة الجارية، تمهيدا للاستفتاء حول العفو الشامل، على اعتبار أنه أهم استحقاق انتخابي تم الاعلان عنه، والمترقب خلال الفترة الرئاسية الجارية، إلا أن المراجعة في كل الأحوال تأتي تحسبا لانتخابات لاسيما وأن رئيس الجمهورية الذي أمر بتعديل جزئي للدستور نهاية العام ,2008 أعلن أنه سيقوم بتعديل معمّق على أن يستفتي فيه الشعب. ولأن القاضي الأول في البلاد تحدث عن استفتاء يخص مسألتين مصيريتين ويتعلق الأمر باستفتاء العفو الشامل وكذا تعديل الدستور المعمّق، فإن وزارة الداخلية إرتأت التحضير الجيد للمدنيين لاسيما وأن رئيس اللجنة الاستشارية لترقية وحماية حقوق الانسان قد أكد في عدة مناسبات بأن العفو الشامل يقع ضمن صلاحيات رئيس الجمهورية وأن الارهاب سينتهي في أجل أقصاه 18 شهرا. ويبقى الأمر الأكيد أن مصالح وزارة الداخلية تحرص على تحيين القوائم الانتخابية لتخلي بذلك مسؤوليتها وتبقى الطبقة السياسية من جهتها مطالبة بلعب الدور المنوط بها لاستعادة ثقة المواطن في السلوك الانتخابي بسبب تخييب آماله وعدم تجسيد الوعود التي يتم قطعها خلال الحملات الانتخابية.