تمثل الصناعة الدوائية أحد محاور التنمية الاقتصادية الاجتماعية وتلعب فروع مجمع صيدال دورا رياديا في تأمين إنتاج دوائي يضمن حدا من استقرار السوق الدوائية وتأسيس صناعة وطنية ذات مدلولات إقتصادية ملموسة من حيث توفير مناصب عمل وانتاج عنصر القيمة المضافة من خلال إدماج البحث العلمي الطبي في المعادلة الصناعية. غير أنه منذ أن أكدت الدولة على مرافقة هذا المجمع في تنمية قدراته بالحد من استيراد ما ينتج محليا فإن أوساطا عديدة تستفيد طولا وعرضا من السوق الدوائية المحلية باستيراد مفرط بما يخدم مخابر أجنبية لا تزال تصنف بلادنا بقرة حلوب مضمونة الربح لم تتوقف عن الترويج لعودة ظاهرة الندرة وإثارة الشكوك حول استقرار السوق بل فوجئ عمال صيدال قبل أيام بصدور اعلان للبحث عن مدير عام بهدف استبدال المسير الحالي الذي كان يبحث عن شراكة كوبية دون أن تقدم مبررات تقنع كل معني ومهتم، ما أثار تساؤلات كثيرة حول الأسباب الحقيقية وراء ذلك ومن المستفيد منه، علما أن للمجمع تقاليد في تأهيل إطاراته لتولي مقاليده على أساس الكفاءة والمقدرة والاستحقاق. كان ينتظر أن تتم مرافقة المؤسسة لتجمع حولها عناصر الصناعة الدوائية من القطاعين العام والخاص ضمن الاستراتيجية الصناعية الوطنية التي لم يظهر عنها مؤشر من الجهة المكلفة بإعدادها بإحكام وليس بارتجالية ومن أولى أوراق مثل هذا الوجه أي إرساء صناعة دوائية وطنية إحاطة المؤسسة الوطنية بالهدوء وتدعيم استقرارها بكل الشفافية المطلوبة بعيدا عن مناورات أو ألاعيب تحاك هنا أو هناك وهو ما يصنف في خانة المساس بالأمن الدوائي ويصب مباشرة في خدمة ما تريده مخابر أجنبية لطالما استنزفت القدرات الوطنية لقطاع الصحة العمومية التي ترتبها الدولة ضمن الاهتمامات ذات الأولوية وترصد لها من الأموال والإمكانيات الكثير. ومن هذا المنظور، لا يمكن التصرف في تعيين من يدير مقاليد مؤسسة بهذا الحجم انتشلت من إفلاس محقق سنة 1995 وأعيد ترتيبها ضمن المؤسسات الريادية التي تنتج وتترجم سياسة الدولة الاجتماعية بمجرد اجراء يحضر له بعيدا عن الأضواء، ومن ثمة من حق الدولة على أعلى المستويات أن تمسك بالخيوط جميعها لقطع الطريق عن تلك الأوساط التي تعرف أهمية ومردودية سوق الأدوية ومؤشراتها وارتباطها مباشرة بالتنمية البشرية ولذلك من الضروري أن تكون كل الاجراءات مهما تكن طبيعتها مبررة وبحيثيات شفافة. وبدل أن يحاول البعض تعكير المياه عن حسن أو سوء نية، من الأجدر الاهتمام بقضايا أخرى لا تقل أهمية مثل انقاذ ميراث مؤسسات مثل ''ديقروماد'' يسيل عقارها لعاب أكثر من طرف والتي بالإمكان أن تدمج في النسيج الصناعي الدوائي وحمايتها من برامج للاستحواذ عليها تحت عناوين براقة يصعب هضمها. إن النهوض بالجهاز الانتاجي والدفع به الى مراتب متقدمة مسألة حيوية تعتبر ضمن لب وصميم الاستراتيجية الصناعية التي تتطلب إشراك كل الفاعلين في إنضاجها دون الارتكاز على مجموعة أشخاص أو عدد ممن يوصفون خبراء غالبا ما يخطئون قراءة الواقع الاقتصادي العام أو ربما يلتفون عليه لأغراض في نفس يعقوب.