كلفت صفقات استيراد الأدوية غلافا ماليا بلغ 040,1 مليار دولار خلال 8 أشهر الأولى من السنة الجارية مقابل غلاف ب 30,1 مليار دولار خلال سنة ,2007 أي بنسبة استهلاك مالي تقدر ب 18,19 في المائة. وبالطبع لم يكن غريبا أن تتحرك السلطات المعنية بوقف استيراد الأدوية التي تنتج محليا لمواجهة المسألة ذات الارتباط المباشر بالاقتصاد الوطني في وقت يواجه فيه تداعيات الأزمة المالية العالمية بكل ما تحمله من مخاطر انعكاسات محتملة، جراء كساد الاقتصاد العالمي وتراجع واردات تصدير المحروقات لتراجع الطلب عليه في الظرف الراهن على الأقل. ومن الأهداف الاقتصادية لقرار الحكومة بمنع استيراد تشكيلة الأدوية التي يتم إنتاجها في البلاد على مستوى المؤسسات الدوائية العمومية والخاصة حماية السوق الوطني للأدوية من إغراقها بالمنتوجات القادمة من المؤسسات الأجنبية، مما يضرب الإنتاج الوطني في الصميم بما ينجم عنه من انعكاسات سلبية على المؤسسات المنتجة على مستوى ضمان حصصها في السوق، وكذا تأمين مناصب العمل. وكان هذا القرار الذي يعتبره البعض متأخرا، لكنه يبقى حاسما لتدارك الوقت من أبرز المطالب التي لم تتوقف النقابة الجزائرية للصناعة الصيدلانية عن المطالبة بها ضمن الانشغال بالصناعة الوطنية للدواء والسعي إلى تأسيس قاعدة صناعية وطنية ترسي قواعد سياسة الأمن الصحي في وقت تحول فيه الدواء، خاصة المتعلق بالأمراض المزمنة إلى ورقة ضغط ومقايضة في العلاقات الدولية الراهنة تفرض فيها المخابر والشركات الكبرى شروطها على البلدان المستهلكة وفقا لعلاقة تبعية غير عادلة ومجحفة. وتمثل الجزائر أحد البلدان النامية التي تعاني من هذه المعادلة غير المتوازنة إلى درجة أن سوق الأدوية عرفت ارتفاعا في حجم الاستيراد من 500 مليون دولار أواخر التسعينات إلى أكثر من 7,1 مليار دولار منذ السنة الأخيرة، ومن المرشح أن يستمر سهم الاستيراد في الارتفاع مستقبلا إذا لم تتحكم السلطات المعنية في الموضوع وقد بدأت فعلا التكفل به بقرار منع استيراد ما ينتج محليا وبحجم كاف من الأدوية. المدير العام لمجمع صيدال: القرار اقتصادي واستراتيجي اعتبر المسؤول الأول لمجمع صيدال لإنتاج الأدوية أن قرار الحكومة القاضي بمنع استيراد الأدوية التي تنتج ببلادنا من مختلف المؤسسات الدوائية، بأنه قرار اقتصادي ولما تكتسيه من طابع استراتيجي. وأوضح السيد رشيد زعواني لمندوب ''الشعب الاقتصادي'' أن هذا القرار الشجاع إلى جانب قرار اعتماد السعر المرجعي يمكّن المنتجين الوطنيين من القطاعين العام والخاص، بالدخول مجددا إلى السوق بعد أن عانوا من الضغط في السنوات الماضية بفعل اتساع حجم الاستيراد. وقد تأثر مجمع صيدال نتيجة ذلك بخسارة حوالي 20 في المائة من حصته في السوق. وحسب السيد زعواني الذي يتولى مقاليد أكبر مجمع صيدلاني منذ حوالي ستة أشهر ويحمل في حقيبته أكثر من 20 سنة تجربة في نفس المجمع، فإن حجم الإنتاج الوطني من الأدوية يقدر مبدئيا بحوالي 350 مليون علبة منها 250 مليون وحدة، تنتجها معامل صيدال وحوالي 100 مليون علبة دواء تنجها مؤسسات من القطاع الخاص. ويغطي الإنتاج حاليا حوالي 26 في المائة من السوق. وبفضل هذا القرار بالإمكان الدفع بطاقة الإنتاج لبلوغ بعد 6 أشهر نسبة 43 في المائة، مع الأخذ بعين الاعتبار زيادة الطلب بحوالي 10 في المائة طيلة ذات المدة، علما أن هناك وحدات تابعة لصناعة الأدوية لا تعمل إلا بنسبة 20 في المئة من طاقتها الفعلية التي سيتم تجنيدها لما يكون هناك إقبال على أدوية منتجة محليا علما أنها واعني ما ننتجه في صيدال تستجيب لمقاييس الجودة والفعالية الطبية. وأشار زعواني، إلى أن صيدال تنتج حاليا 270 منتوج دواء منها 50 توجد في مرحلة التسجيل الرسمي قبل التسويق، مؤكدا أن لديهم القدرات لضمان وفرة الأدوية المنتجة مما يطمئن المرضى. وللإشارة، تضم مجمع صيدال عدة مصانع إنتاجية منها ثلاثة بالعاصمة وآخر بشرشال، إلى جانب مركب إنتاج المضادات الحيوية بالمدية ومصنعين بعنابه وقسنطينة لإنتاج الأنسولين بطاقة إنتاج من 2 إلى 3 ملايين وحدة. كما للمجمع مركز للبحث والتطوير لديه سجل حافل بالأعمال العلمية في حقل الأدوية. ويرتكز في سياسته التسويقية على ثلاثة مراكز للتوزيع مع تسجيل متابعة مقتضيات السوق على مستوى جنوب البلاد لدراسة إمكانية فتح مخزن مستقبلا. وتسود الأوساط الصناعية في هذا القطاع الحساس يهدف التوجه الجديد الذي لم تحدد له بعد إجراءات تطبيقه ضمانا للشفافية إلى التوصل سنة 2012 لإنتاج ما يغطي 65 في المائة من احتياجات السوق، لكن شرط أن تعمل الجهات المعنية للإسراع في إجراءات تسجيل الأدوية التي تنتظر الإذن بالدخول إلى السوق وإحاطتها بالتعويض ما يشجع بلا شك على الإقبال عليها. والمتوقع هو الوصول بعد سنة من تطبيق القرار إلى تقليص فاتورة الاستيراد الحالية بنسبة 30 في المئة مقابل يوقع زيادة الطلب بحوالي 20 في المئة.