تشهد ولاية جيجل تكالب شبكات متمرسة في استنزاف ونهب الثروات الطبيعية والغابية ساعدها في ذلك الوضع الأمني لممارسة النهب المنظم. باتت الثروة الغابية مهددة بسبب الاستهداف المتواصل لها من قبل جماعات المصالح، الذين يعملون ليلا ونهارا دون هوادة، والثروة الغابية المتنوعة التي ميّزت ولاية جيجل لعقود من الزمن، هي اليوم تسير إلى الانهيار بسبب جملة من المشاكل التي تحيط بها من كل جانب، فقد تحركت قوى النهب في هذه المنطقة واستغلتها خلال الوضع الأمني المتأزم آنذاك، لتمتد أياديها إلى أشجار البلوط، ومن قبل تجار الفحم بالخصوص، والمناطق المعزولة والبعيدة عن الأنظار، ليقطعوا الأشجار اليانعة على محاور كبيرة ووضع هذه الغنيمة في مواضع مخصّصة لحرقها حتى تتحوّل إلى فحم ويتم تسويق المنتوج بأثمان زهيدة، وعملية الاستغلال اللاشرعي لأشجار البلوط والغطاء النباتي، يتكرّر كل موسم ولم تتمكن المصالح الغابية من القضاء عليه لقلة وسائل المراقبة والتدّخل. لا يمكن لمصالح الغابات الحد والتصدي لجميع حالات سرقة وقطع الأخشاب، التي يقوم بها أشخاص مجهولون تحت جنح الظلام، ويقومون بتهريبها في الشاحنات لبيعها بالسوق المحلية والولايات المجاورة، لتستغل من قبل بعض المقاولين في ورشات البناء وبعض الأنشطة الأخرى، بحسب مصادر مطلّعة، فإن عصابات المتاجرة بالخشب تترّصد حركة أعوان الغابات وتنظم نشاطها عن طريق الهاتف النقال، لتجنب المداهمات، خاصة وأن الدوريات لا يمكنها الخروج ليلا لنقص الإمكانيات.فقد تمكنت فرق محافظة الغابات بجيجل التي أنشئت لغرض محاربة نهب الثروات الغابية بمداهمة الاماكن التي يتم فيها انتاج الفحم بطريقة غير شرعية، من حجز أزيد من 650 كيس من الفحم، خلال الأشهر القليلة الماضية، كما تم حجز عتاد هام يدخل في استخراج الفحم، من مضخات وآليات قطع الخشب، فغابات الولاية، شهدت تنامي خطير في التخريب من حرق وقطع للأشجار من قبل عصابات الفحم والخشب، حيث تم ضبط عشرات الشاحنات التي تقوم بنقل جذوع الأشجار المقطوعة، وكذا الفلين نحو مناطق خارج حدود الولاية. تقوم الأيادي المجرمة في حق الغطاء النباتي بقطع الأشجار وحرقها من أجل تحويلها إلى فحم على مستوى نقاط عدة من غابات ومناطق مختلفة من الولاية لتهريب هذه الأخيرة إلى مناطق مختلفة، بما فيها تلك التي تقع خارج حدود الولاية من أجل إعادة بيعه بمبالغ معتبرة، وعلى سبيل الذكر الخرجات التي قامت بها محافظة الغابات لمحاربة ظاهرة التفحيم غير الشرعي، بمقاطعة دائرة العنصر اكتشفت مردومة معدة لغرض التفحيم داخل غابة لأولاد عواط بمقطع بني عباس، ونفس الأ*مر بمقاطعة الغابات لدائرة الطاهير لمنطقة واد جن جن بالمكان المسمى لآزاون بلدية الأمير عبد القادر.كما قام، ببني عيشة ببلدية بوراوي بلهادف، أعوان الغابات بنزع أسيجة لتعديات في الأماكن المحروقة حديثا، كما تم حجز بدائرة العنصر 91 كيسا من الفحم مستغلة ومنقولة بدون رخصة على مستوى الطريق الوطني رقم 43 «بلغيموز» بالتنسيق مع فرقة الدرك الوطني.من جانبها، مصالح الأمن المختصة، تقوم بتحقيقات حول ملف تهريب الفلين والخشب بالجهة الشرقية بالولاية بالخصوص، وتحديدا على المحور الممتد بين بلديات العنصر، الميلية والسطارة وذلك بعد اكتشاف بقايا مجزرة حقيقية ارتكبتها عصابات مجهولة ببعض غابات هذه المنطقة التي تضمّ أشهر المساحات المغطاة بأشجار الفلين ذو الجودة العالية. نشاط عصابات مختصة في تهريب مادة الفلين باتجاه مدن وولايات مجاورة وفي مقدمتها ولايتي ميلة وسكيكدة، انطلاقا من الغابات الشرقية لولاية جيجل، وذلك انطلاقا من العنصر شرقا، مرورا بالميلية وانتهاء ببلدية السطارة المتاخمة لولاية سكيكدة، وذلك بعد اكتشاف بقايا لمئات الأشجار المقطوعة، وكذا تلك التي نزعت منها قشرة الفلين على مستوى البلديات المذكورة والتي يرجح أن العصابات المختصة في تهريب مادة الفلين وكذا الخشب كانت وراء هذه المجزرة. تشير الأرقام شبه الرسمية بخصوص نشاط تهريب الفلين والحطب على مستوى غابات جيجل إلى حجز ما لا يقل عن الآلاف من القناطير من مادة الفلين، منذ السنة الماضية، وما يعادلها تقريبا من مادة الخشب التي يتم استعماله لمختلف الأغراض، بما فيها البناء وهو ما زاد من نهب العصابات خصوصا بأدغال الولاية، أين تستفيد هذه الأخيرة من غياب أو قلة الرقابة الأمنية وهجرة سكان بعض هذه المناطق، خلال العشرية الحمراء، والتي منحت هامشا أوسعا لهذه العصابات لتقضي على الثروة النباتية بكل حرية، ملحقة أضرارا بيئية كبيرة بالمناطق التي تنشط بها، ناهيك عن تدمير بعض المحميات الطبيعية التي كانت تعيش بها أنواع عديدة من الطيور النادرة، على غرار غابة الزان ببلدية جيملة التي تم قطع أغلب أشجارها من قبل هذه العصابات، بعدما كانت مهدا لأنواع عديدة من العصافير السائرة نحو الانقراض.