عززت الجزائر قدراتها الإنتاجية من الغاز بفعل الاستثمارات الضخمة جاعلة من نفسها دولة كبرى في هذا الحقل يحسب لها الحساب . وتتطلع الجزائر من خلال الاستراتيجية الطاقوية رفع قدرات التصدير إلى 85 مليار متر مكعب إلى أوروبا فقط في أفق 2012 بدخول كل الأنابيب طور التشغيل آخرهم "غالسي" الرابط الجزائر ايطاليا عبر جزيرة سردينيا بطاقة تصدير ثمانية مليار متر مكعب. وذكر وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل بالمتغير في الصادرات الغازية الجزائرية التي تقدر في الظرف الراهن ب62 مليار متر مكعب، وهذا في حديث صحفي للجريدة الروسية " اكسبير مغازين" . وكشف خليل عن أبعاد وخلفيات السياسة الطاقوية في الجزائر التي تبحث جاهدة عن رفع قدراتها الإنتاجية والتصدير لجلب مداخيل تحتاجها في تمويل التنمية اعتمادا على المدخرات الوطنية دون المرور الحتمي بالاستدانة الخارجية وما تحمله من أخطار تمس باستقلالية القرار السياسي والسيادة . وتحدث الوزير أكثر من مرة على توجهات السياسة الطاقوية في الجزائر التي تصب في تعزيز قدرات البلاد وتأمين تزويد الزبائن بالغاز في ظل معركة محتدمة بين دول كثيرة تسعى لذات الغرض لفرض الوجود في سوق دولي يضيق تحت حدة المنافسة. ونذكر في هذا المقام بروسيا وإيران وقطر والمكسيك والنرويج ونيجيريا والقائمة طويلة، وهذا يحتم على الجزائر تعزيز تواجدها في الفضاء الاورو- متوسطي مجالها الحيوي على الإطلاق لاعتبارات جيواستراتيجية. وتطبق السياسة الغازية للجزائر من خلال محاور متكاملة تصب في مرمى واحد وغاية ثابتة، ضمان الحصة الغازية وتوسيعها قدر الممكن من خلال برامج شراكة واستثمار وعقود اقتصادية طويلة الأمد . على هذا الأساس تكمن أهمية الأنبوب الجديد " ميدغاز" الرابط الجزائر باسبانيا عبر المغرب، الذي يضخ بدءا من نهاية العام الجاري 8 ملايير متر مكعب من الغاز إلى أوروبا، وأنبوب " غالسي" محل الدراسة والانجاز بطاقة تصديرية سنوية 8 ملاييرمتر مكعب. ويضاف إلى طاقة تصدير الأنبوبين في الجهتين الغربية والشرقية، ما قررته الجزائر من إجراءات لرفع قدراتها في تزويد أوروبا عموما من الغاز من خلال رفع ضخ 7 مليار متر مكعب من خلال الأنبوب المار إلى ايطاليا عبر تونس. ويضاف إلى الإجراءات، إنجاز مصنعين لإنتاج الغاز الطبيعي المميع بطاقة تصل إلى 12 مليار متر مكعب في السنة دون نسيان عمليات البحث والتنقيب والاستخراج التي تكشف باستمرار عن حقول غازية وبترولية ذات جدوى تجعل الجزائر بحق واجهة استثمارية بامتياز. وتؤهلها لأن تكون قطبا غازيا لا يستهان به. واعترف خليل بهذا المعطى قائلا: أن الجزائر بحوزتها 5,1 مليون متر مربع لم تعرف أية عملية بحث وتنقيب. وهي تتوفر على مؤهلات وقدرات جديرة بالاستثمار. وعن كيفية تأمين حصة الجزائر الغازية بأوروبا في ظل تدفق الغاز الروسي بغزارة ودخول الغاز الإيراني على الخط، نفى خليل أية خطر في هذا المجال. واستبعد ما تروجه الكتابات والتحاليل من عدم جدوى رفع تصدير الغاز إلى السوق الأوروبي المشبع حتى الثمالة. وقال حاسما أن الطلب الأوروبي يلبى من الجميع. والسوق يتسع للكل متسائلا، كيف يصبح الكلام عن المنافسة الشرسة مقبولا وذي معني في ظل عقود طويلة تصل إلى حد 15 سنة تؤمن بانتظام تزويد أوروبا بالغاز الذي تحتاجه على الدوام وتعتبره استراتيجي إلى ابعد مدى حتى في زمن البحث عن الطاقات الجديدة المتجددة.