مستعدون للتحالف مع أحزاب برامجها تضع مصلحة الجزائر فوق كل اعتبار على الناخب ممارسة حقه في الانتخابات والتصويت على من يناسبه أكد عبد الحميد جلجلي، رئيس الجبهة الوطنية للأصالة والحريات، أن تشريعيات 2017 عرس ديمقراطي يكسب نجاحه بذهاب الناخبين بكثافة الى مراكز الاقتراع والتصويت على من يرونه مناسبا، مشيرا في حواره مع “الشعب” إلى أن حزبه فضل المشاركة في هذا الموعد الانتخابي مساهمة منه في تقوية البلاد ووحدتها، رغم كونه حزبا فتيا في مرحلة التكوين وتحضير نخبة قوية يعتمد عليها في الاستحقاقات القادمة، معتبرا أن الجبهة تعول كثيرا على مرشحها عن ولاية جيجل محمد بومزبر، الذي يملك بحسبه كفاءة ومستوى ومواصفات تسمح له بربح أصوات الناخبين والوصول إلى البرلمان القادم... التفاصيل في هذا الحوار. «الشعب”: الانتخابات التشريعية ل 04 ماي 2017 على الأبواب، أين وصلت تحضيرات حزبكم لهذا الموعد؟ عبد الحميد جلجلي: نحن الآن في المرحلة التي تسبق حملة هذا الاستحقاق الانتخابي، الذي نشارك فيه لأول مرة منذ تأسيس الجبهة في 2012، قدمنا ملفات الترشح على مستوى 36 ولاية، معتمدين على شباب لا يزيد سنهم عن 33 سنة، لكن للأسف بسبب عدم التجربة وبيروقراطية الإدارة جعلت هؤلاء الشباب لا يصلون إلى المبتغى عدا 4 مترشحين تمكنوا من الوصول إلى المرحلة النهائية. على الرغم من العراقيل التي صادفها مترشحونا، إلا أن مبادئ حزبنا لا تسمح بالخوض في تلك المشاكل وزرع البلبلة مادامت المصلحة العامة للبلاد تتطلب ذلك، وربما لو نتعمق في تلك المشاكل نجدها شخصية أكثر منها شئ آخر. لكن في رأيي الثغرات القانونية هي التي تجعل هذا النوع من المشاكل موجودة، فلو كانت الاستمارات مرقمة لكانت الأمور أفضل. ما أريد قوله أيضا أن حزبنا يعتمد على فئة الشباب، ف90 بالمئة من مناضلي الجبهة الوطنية للأصالة والحريات هم مناضلون شباب، ودخولنا تشريعيات 2017 لم يكن أولوية للحزب، لأننا في مرحلة التكوين وتحضير نخبة قوية يعتمد عليها الحزب في قادم الاستحقاقات، لكننا فضلنا المشاركة في هذا المسعى الوطني الذي سيساهم بلا شك في تقوية الوطن ووحدته، وبالتالي الابتعاد عن كل مسببات اللاإستقرار في ظل الظروف الدولية والإقليمية الصعبة التي قد تؤثر سلبا على لحمتنا، إن لم نكن على قدر المسؤولية في مواعيد مثل هذه. المواطن ينتظر من يدافع عنه ويتكفل بهمومه مشاركة حزبكم في الانتخابات التشريعية لهذا العام هي الأولى، كيف تنظرون إليها كحزب فتي وهل ترونها استثنائية خاصة أنها تأتي بعد إقرار دستور 2016؟ بكل صراحة كل الانتخابات التي جرت في الجزائر كانت عادية وتشريعيات هذا العام لن تخرج عن هذه القاعدة، مادام البرلمان سيكمل عهدته في الموعد المحدد. أنا استغرب هنا آراء ومواقف بعض السياسيين والمحللين الذين يقولون إن تشريعيات 2017 مرحلة استبقاية لتحضير شيء ما، ويشككون في بعض النوايا في وقت كان عليهم طرح المشاكل بشكل مسؤول وحضاري دون الدفع بالشعب نحو أمور قد تكون لها عواقب وخيمة على الوطن. نحن رؤساء الأحزاب لدينا مسؤولية كبيرة، لأن المواطن ينظر إلينا على أننا من يدافع عن حقوقه السياسية والمدنية. وعليه، أدعو الجميع إلى التحلي بالمسؤولية ورفع مستوى النقاش والحوار ومن الضروري معالجة مختلف المشاكل بهدوء دون بلبلة ونقد غير بناء قد يفضي إلى أشياء سلبية. فتشريعيات 2017 ينظر البعض إليها من منظور محلي وطني، لكن في الحقيقة هذا الموعد الانتخابي له بعد عالمي وإقليمي، لأن هذا البرلمان سيشرّع لأمور تمس مجالات عدة، محلية، وطنية ودولية؛ معنى ذلك أن العوامل والظروف التي تحيط بنا تجعل من العملية الانتخابية أمرا ليس سهلا وبسيطا. وكما تعلمون، كل برلمانات العالم يوجد من يتربص بها، لأنها الواجهة القانونية لكل الحياة العامة، بما فيها الدولية والإقليمية والداخلية، لذلك علينا استدراك ما فات والذهاب إلى الأمام بدلا من زرع الشكوك ومحاولة اللجوء إلى الشارع. فالسياسي مثل الجراح الذي يعالج المرضى داخل قاعة مغلقة دون اللجوء إلى أشياء خارجية، وأنا أدعو دائما إلى تعزيز القوانين من كل جوانبها حتى نتفادى كل الأخطاء والمشاكل. - دستور 2016 أفرز هيئة عليا مستقلة لمراقبة الانتخابات يرأسها دربال، ما الذي ستقدمه لتشريعيات 2017 في رأيكم ؟ كنت عضوا في اللجنة المستقلة التي أشرفت على الانتخابات المحلية ل2012، وكنت حاضرا في عدة ولايات من أجل إنجاح العملية، وبعد الانتهاء منها قدم حزبنا عدة ملاحظات واقتراحات من أجل تعزيزها وجعلها هيئة قوية، إلى أن جاء الدستور الجديد الذي أفرز الهيئة المستقلة العليا لمراقبة الانتخابات، التي لا يمكنني أن أصدر حكما مسبقا عليها. ما أود قوله أن أعضاءها هم إخواننا، بغض النظر عن خلفياتهم وانتماءاتهم السياسية، يملكون صلاحيات القيام بمهامهم إلى غاية انتهاء العملية الانتخابية. ونحن كحزب ليس لدينا عقدة مع الشخص الجزائري، كل ما في الأمر أن هناك جانبا قانونيا تنظيميا يجب أن يراعى، ولكي نصل إلى ذلك لابد من الحوار الذي هو السبيل الوحيد للتقدم والتطور. فالإشكالية الموجودة في الجزائر، تكمن في غياب الحوار، فالمسؤول لابد عليه أن يترّفع عن بعض الأمور. قلت سابقا إنه بإمكاني أن أتحاور حتى مع “إبليس” لصالح الجزائر، وقد أبرزت أهمية الحوار أثناء المشاورات الخاصة بالدستور التي أشرف عليها أحمد أويحيى برئاسة الجمهورية، حيث أكدت له ضرورة مشاركة الجميع من أجل الوصول إلى مختلف الحلول، لأن عكس ذلك قد يجعلنا ندور في حلقة مفرغة ويبقينا في نفس الأخطاء، والمستفيد الوحيد من ذلك هم الذين يتربصون بالبلاد. عدد الموثقين والقضاة لا يكفي - كيف ترى الوضعية بإشراك الموثقين والقضاة؟ قرار إشراك الموثقين والمحضرين القضائيين، أعتبره مدعما للعملية الانتخابية، رغم أن العدد لا يكفي. أنا لا أمانع مادام سيصب في مصلحة أداء الواجب الوطني، لكن ما أطالب به دائما هو تعزيز الجانب التنظيمي والقانوني للانتخابات دون التعديل، لأنني ضد عمليات التعديل والتغيير التي من شأنها العودة إلى نقطة الصفر. فالانتخابات مشروع أمة وليس فردا، وتعزيز الجانبين التنظيمي والقانوني هو استمرارية لذلك المشروع. - هل ستشاركون في مراقبة عملية الاقتراع والفرز؟ طبعا سنشارك بالطريقة العادية دون المساس أو إحراج الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، وهي أوامر وتعليمات قدمناها لكل مناضلينا بمختلف الولايات حتى التي لا نشارك فيها بعدم إحراج أو انتقاد الهيئة، لأن العملية في مرحلتها النهائية. وطلبنا منهم الاستمرار وتحمل المسؤولية، سواء كانوا مترشحين أو لا، المهم أن يقوموا بواجبهم من أجل مصلحة البلاد، لأن القرارات والأوامر التي نقدمها دائما للمناضلين تصب في الحفاظ على استقرار الوطن، حتى ولو كانت الأمور ضد مصالح الحزب، فنحن نتقبلها لأجل أمن البلد. - ما هي الولايات التي تعوّلون عليها في هذه التشريعيات؟ المشروع السياسي والقانون الأساسي للحزب يقوم على استقطاب المناضلين الأكفاء الذين يراعون مصلحة البلاد ويحرصون عليها في كل الأوقات والظروف، ليس مثل بعض الأحزاب التي تبيع وتشتري في كل موعد انتخابي. على سبيل المثال، مرشح حزبنا على مستوى ولاية جيجل، محمد بومزبر، اقترحه المناضلون ليكون معنا في تشريعيات 2017 بحكم كفاءته وكونه محبوبا لدى المواطنين بتلك الولاية وخارجها، وله مواصفات تجعله يصل إلى البرلمان القادم وهو ما جعلني أوافق على ترشحه باسم حزبنا مباشرة، وكل المؤشرات والمعطيات توحي بأنه سيفوز بثقة الناخبين ويصل إلى المجلس الشعبي الوطني، بحكم أنه رياضي والبرلمان يفتقد لنواب من هذا النوع. لذلك، نبشر إخواننا الرياضيين بأننا اخترنا لاعب كرة قدم مشهورا ومعروفا وهذا مكسب للشباب، لأنه سيدافع، لا محالة، عن الرياضة في الجزائر داخل قبة البرلمان، وإن شاء الله في المستقبل نجد كل مكونات المجتمع الوطني داخل الهيئة التشريعية، وهذا بدون شك سيخدم الوطن ويكون له مستقبل زاهر. فمرشح حزبنا على مستوى ولاية جيجل يعرف مشاكل الرياضة والرياضيين والحكام والصحافة الرياضية وكل هذه الانشغالات والأمور موجودة في برنامجه الثري والواعد. وأمنيتي أن يكون في البرلمان نواب يمثلون القطاع الثقافي أيضا للدفاع عن هموم ومشاكل الفنانين والمبدعين ويحمون تراث وعادات وتقاليد البلد، ولمَ لا يكون أيضا قضاة متقاعدون متخصصون في قضايا الأسرة لإيصال مختلف الانشغالات للمسؤولين، لأن البرلمان هو واجهة المجتمع. المشروع السياسي يحتاج لمثقفين ونخب - حدثنا باختصار عن برنامج حزبكم، وماهي الأدوات التي ستسعملونها لإقناع الناخبين؟ أولا المشروع السياسي لا يصل بانتخابات، بل بالنخبة عبر الولايات والمدن والقرى. فإذا كانت النخبة مقتنعة بمشروعك لا يهم الوصول إلى البرلمان. وبرنامج الجبهة الوطنية للأصالة والحريات السياسي، قائم على مواجهة الحرب الفكرية التي يقودها الاستعمار الجديد، الذي يهدف إلى استئصال الروح الوطنية من الإنسان الجزائري وطمس هويته وأصالته. ولن يكون هذا إلا بتحصين الأمة الجزائرية بقيمها وثوابتها الوطنية وتعزيز ما أسسه الشهداء بدمائهم وأنجزه المجاهدون والوطنيون المخلصون. فالجبهة لا تطمح الوصول إلى الحكم على ظهر دبابة أو دعم خارجي أو نفاق وخداع سياسي، فهي تناضل، دون هوادة، فكريا وسياسيا لحماية أصالة شعبنا والدفاع عن ثوابته وترسيخ ثقافة احترام رموز الثورة الجزائرية وحرية الشعب وكرامته، وتحقيق العدل والمساواة بين أبناء الوطن. كما تهدف الجبهة إلى تكوين جيل يثق في نفسه ووطنه ويعتز بأصالته محبا لوطنه مسؤولا على نشر ثقافة المواطنة والتسامح والتعاون لبناء دولة قوية بمؤسساتها تسودها العدالة والحرية واستغلال ثروات الوطن استغلال عقلانيا عادلا، يصب في مصلحة الشعب والأجيال القادمة. ترى الجبهة أن أسباب الاختلالات والمشاكل الاقتصادية التي تعيشها البلاد، سببها ضعف التنمية البشرية، فمثلا ألمانيا خرجت من الحرب العالمية الثانية منهكة في جميع المجالات وغياب كامل للبنية التحتية مع ديون كبيرة، لكنها نجحت في التخلص من كل ذلك بالاهتمام بالإنسان، لأن التنمية البشرية هي التي تخلق الثروة وتطور الاقتصاد، عكس ماهو سائد في الجزائر التي تملك المال والبترول، لكن التنمية البشرية غير موجودة، وهي عملية تنطلق من المواطن البسيط إلى البرلمان. - أي مكانة للنخب في برنامج الحزب؟ لدينا مشروع لا ينتهي بانتهاء رئيس الحزب، قائم على استقطاب النخب التي تتبنى الأفكار التي ندعو إليها لأجل الوصول للأهداف المتوخاة مستقبلا. وللجبهة برنامج واسع ومهم يمس جميع المجالات: السكن، الصحة، التربية والتعليم العالي والتكوين المهني، الأسرة، العدالة، الشباب، الشغل، الثقافة، الشؤون الدينية والأوقاف، البيئة، الإعلام والاتصال، الاقتصاد، الفلاحة، الشرطة، الدفاع الوطني، الشؤون الخارجية... إلخ. ولدينا حلول واقعية وفعالة لمختلف المشاكل الاقتصادية والاجتماعية كالسكن والشغل والعنوسة وغيرها... نحن حزب فتي يعتمد أساسا على النخبة والشباب المثقف، الواعي، المتعلم والحريص على تاريخه وأصالته وقيمه، بمسعى نبيل يفيد المجتمع الجزائري. لذلك فأولوية حزبنا حاليا ليس البرلمان، بل المساهمة في خدمة الوطن وإيصال أفكارنا وبرامجنا للمواطنين قبل وصول الأشخاص، بعدها سيكون لنا كلام آخر، لأن القضية تتعلق بهذا الشعب الذي هو أمانة الجزائر من أجل تطورها وتحصينها من كل التهديدات، لذلك نحن نعمل الآن على أن تكون لأفكارنا وبرامجنا الصدى عند المواطن، والتي تصب، كما قلت، في خدمته والدفاع عن مقوماته ومكتسباته. كما يقول المثل: “الذي يصل هو من يعرف الانتظار”. نحن لدينا استراتيجية ترتكز على الاندماج والدخول في منظومة قوانين ومشاريع الدولة، لا أن نصبح شعبويين نشبه من يمارسون “التهريج السياسي”، فهمنا الكبير هو الصالح العام للبلاد وتجسيد كل ماهو جميل ويخدم الجزائريين بلا مزايدات ولا تشهير بأننا أصحاب تلك الأفكار والاقتراحات المجسدة على أرض الواقع. الحمد لله كل مقترحاتنا التي نقدمها لرئاسة الجمهورية تجد الصدى الإيجابي، مثلما حصل في مشاورات الدستور، حيث قدمنا العديد من الاقتراحات، وفي النهاية 17 مادة في الدستور هي من بين ما قدمناه لأويحيى، ولم نشهر للمواطنين على أننا أصحابها، لأن المهم بالنسبة لنا تجسيدها وليس كونها صادرة عنا. في تشريعيات 2017 سنعتمد على التواصل لشرح برنامجنا والتعريف به، ومن بين تلك الأدوات سنستعمل مواقع التواصل الاجتماعي. تحالف على برامج تخدم الوطن - لو تجدون حزبا يشارككم أفكاركم وبرنامجكم، هل ستتحالفون معه؟ نحن ليس لدينا عقدة لا مع المعارضة ولا مع الموالاة فكلهم إخواننا. نحن متفقون في الجبهة الوطنية للأصالة والحريات على أن أي حزب لا يدخل المجتمع والشعب في متاهات سياسية، سنعمل معه، عكس ذلك نحن ضده. همنا الوحيد هو الجزائر والحفاظ عليها وعلى كل مكوناتها وثوابتها وأصالتها وقيمها ووحدتها الترابية، فالأحزاب التي تشاطرنا هذه السياسة نحن سنمشي معها، أما الأحزاب التي تلجأ إلى الشارع لخلق الفوضى باسم الشعب سنرفضها. - ما تعليقكم على ظاهرة عزوف بعض الناخبين عن التصويت، هل ترون أن ثقافة الانتخاب مازالت لم تترسخ لدى الناخب الجزائري، أم أنها مسؤولية تقع على الأحزاب التي لم تستطع إقناعه وتقديم برامج تستجيب لتطلعاته؟ العزوف يحدث بسبب الهوة الموجودة بين الشعب والسلطة ولو أنها وهمية، لأن المواطن يرى في دولته على أنها عوجاء ويتحدث عنها بدون معطيات. لذلك حاولنا ونحاول إلى اليوم إقناع المواطن الجزائري، بأن الانتخابات فرصة له لتغيير الأشخاص الذين يراهم لم يؤدوا واجبهم بآخرين أفضل منهم. إلى جانب ذلك، قلنا للناخبين في مناسبات عدة إن التزوير الذي يدّعونه في كل مرة لن يحدث إذا راقبوا هم بأنفسهم صناديق الاقتراع عند الفرز، مادام القانون يسمح لهم القيام بذلك. ولاحظنا أن هذه المعلومة غائبة عند الجزائريين، لأن في ذهنهم الصندوق يفتح عند الوالي أو جهة رسمية أخرى ولا يمكنهم مراقبته لحظة الفرز. على سبيل المثال، في 2012 أخبرنا المواطنين الذين حضروا تجمعنا بمدينة النعامة، أن باستطاعتهم مراقبة صندوق الاقتراع، لكنهم لم يقتنعوا في البداية، غير أنه في نهاية المطاف شاركوا بقوة في الانتخابات، ثم حضروا عملية الفرز في المساء بدون إشكال، واستغربوا ذلك، لأنهم كانوا يظنون أن مصيرهم سيكون الطرد من القاعات. فلما نوصل المعلومة للمواطن بأن القانون يخوّل له مراقبة صوته، سيقبل دون تردد على صناديق الاقتراع، وهي مسؤولية تقع على السياسيين والإعلام بصفة عامة والتلفزيون بصفة خاصة، الذي عليه تغيير الثقافة السائدة عند المواطن الجزائري بأن واجبه ينتهي عند وضع ورقة الانتخاب في الصندوق، وتوضيح له بأنه قادر على مراقبة صوته أثناء الفرز. نقطة مهمة أخرى في هذا الجانب، وهي أن ثقافة المواطنة عند الجزائريين غائبة، فهو ينظر على أنه بدون حصوله على حقوق لن يؤدي واجباته، فقد ترسخت عنده هذه الفكرة لأن مؤسسات الدولة لم تقم بواجباتها كالمدرسة والمراكز الثقافية والمساجد ووسائل الإعلام...إلخ، التي عليها مسؤولية تأطير المجتمع وجعل الفرد الجزائري مواطنا يقوم بواجباته. قوة الحزب في برنامجه - هل تؤمنون بمصطلح الأحزاب الكبيرة والصغيرة، أم أن الإعلام هو الذي يروج لهذه الصورة؟ إذا تحدثنا عن الإعلام الجزائري نجد أنه لم يصل إلى الاحترافية المطلوبة، وهو ينقسم إلى قسمين: إعلام لديه نسبة معينة من الاحترافية، يتعلق الأمر بالمنابر الإعلامية العمومية التي تملك تجربة طويلة منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، وهناك بالمقابل إعلام تجاري يغلّب مصلحة مالكيه، همّه الوحيد الربح. بالنسبة لمصطلح الأحزاب الكبرى والصغرى، فأنا لا أؤمن بهذا إطلاقا، لأنه لا يوجد حزب كبير في الجزائر، وأتحدى أي واحد يقول عكس ذلك. الحزب الذي يقال عنه إنه كبير هو رمز من رموز الثورة التحريرية، يمثل تاريخ كل الجزائريين وليس الفئة التي تنتمي إليه فقط. الحزب يقاس على ما يقدمه من برنامج مبني على مبدإ، وهنا تطرح علامة استفهام كبيرة على من ينتقلون بين ليلة وضحاها من مبدإ إلى مبدإ أو الحزب الذي لا يملك مشروعا أو الذي يظهر إلا في الانتخابات، أو الذي يتغطرس على الأحزاب الأخرى بحكم امتلاكه الإدارة. فاليوم، هناك إشكالية كبيرة في الجزائر: هل “الأفالان” هو صاحب الإدارة أم هو للإدارة؟ وأنا أطلب من بعض المؤرخين أن يتحدثوا عن هذه الإشكالية وأيضا عن أين نحن من هذا الحزب الثوري الذي عارض المادة 63 في دستور 2016، هل هذا هو الحزب الذي يقول مناضلوه إنهم يمثلون استمرارية “أفالان” الثورة؟. نحن لما تقدمنا للمشاورات حول الدستور، حققنا نتيجة جد هامة تتعلق بالمواد التي تتحدث عن تاريخ وهوية وأصالة الجزائر وخاصة المادة 63 التي عارضها الحزب “الكبير”. لهذا أقول، إن الحزب الكبير كبّره الشعب الذي خرجت أنا من رحمه، فلا يوجد إذاً حزب كبير وصغير في الجزائر. - هل حزبكم محسوب على المعارضة أم الموالاة؟ نحن حزب لا معارض ولا موالاة، هو يخدم المصلحة الوطنية. مثلا لما زكينا ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، قمنا بهذا لأننا رأينا في ذلك مصلحة وطنية وليست تزكية لشخص. فواجبنا كان واضحا، لأن استقرار وأمن البلاد هو الأولوية. أنا رأيت في بوتفليقة ذلك المجاهد صاحب التجربة والضامن لاستقرار البلاد الذي يملك القابلية الدولية والإقليمية. كنا ننظر إلى هذا الجانب وإلى صفة الشخص، لأن الوضع والظرف حتم علينا الوقوف معه ومساندته. وكما قلت لك سابقا، نحن نعتمد في سياستنا على الحوار مع جميع التيارات، لأنهم إخواننا والقاسم المشترك بيننا حاليا هو الحفاظ على أمن واستقرار البلاد في ظل الظروف الإقليمية والدولية المضطربة. - في الانتخابات السابقة شهدنا تراشقا بين المترشحين بخطابات أقل ما يقال عنها إنها دون المستوى، فماهو المطلوب، برأيكم، لتفادي هذه التجاوزات؟ تطرقت لهذا الموضوع في عدة تجمعات وسميته “التهريج السياسي”، لهذا أتمنى وأطلب من الجميع التحلي بالاحترافية في الخطابات السياسية أثناء الحملة الانتخابية التي هي على الأبواب، وأن يترّفعوا عن بعض الأشياء والألفاظ والعبارات ويكونوا قدوة حسنة للشباب بتقديم خطابات راقية. وأوكد لكم بأننا في الجبهة الوطنية للأصالة والحريات نمنع منعا باتا “التهريج السياسي”، ويحرص كل مناضلينا على أن تكون خطاباتهم راقية، لأن الأهم هو إيصال أفكارنا وبرامجنا للمواطن. - كلمة أخيرة؟... سعدت كثيرا، لأن من يحاورني ينتمي إلى عنصر الشباب، هذه الفئة التي لطالما ناضلت من أجلها ودافعت عنها وسعيت إلى أن تتبوأ مكانة مرموقة في الجزائر ويكون لها كلمة مسموعة وتتواجد في جميع المجالات. أمنيتي أن يكون مآل تشريعيات 2017 النجاح ومن سيفوز سنهنئه. استغل الفرصة من هذا على المنبر لدعوة جميع الأحزاب بأن تراعي أولا وقبل كل شيء المصلحة الوطنية وأمن واستقرار البلاد، فقد عشنا ظروفا صعبة وعشرية سوداء تحتم علينا أن نكون في مستوى الحدث الانتخابي. وكما تعلمون هناك من يتربص بنا في جميع المجالات، وهذا الكلام ليس فزّاعة بل حقيقة واضحة. فلنجعل هذه الانتخابات عرسا ديمقراطيا جزائريا، ولن ينجح هذا العرس إلا بذهاب الجميع إلى صناديق الاقتراع لأداء الواجب والتصويت على من يرونه مناسبا، ومراقبة الصندوق أثناء الفرز مادام القانون يسمح بذلك.