تمكن الإعلام الجزائري بفضل مهنيته واحترافيته من تأكيد نجاح الإصلاحات التي عرفها هذا القطاع، وأدى رجال السلطة الرابعة دورا مهما في قلب موازين موقعة القاهرة من خلال مختلف التغطيات الميدانية والمدعمة بمقاطع الفيديو والصور والمقالات والحوارات مع مختلف الفاعلين في الساحة الكروية الإقليمية والدولية، وهو ما جعل الرأي العام العالمي يقف مع المنتخب الوطني الجزائري في لقائه ضد المنتخب المصري مما أكسب الجزائر العديد من المكاسب في مختلف المجالات، وبالمقابل تراجع أداء مصر على كل الجبهات وفوق ذلك تكبدت الدعاية المصرية خسائر فادحة خاصة أمام الرأي العام المحلي هناك. قامت الصحافة الجزائرية بمجهودات جبارة لحشد الرأي العام العالمي من أجل مساندة الجزائر في مقابلتها ضد مصر، حيث كان الهجوم على حافلة المنتخب الوطني في 12 نوفمبر الماضي من قبل ''بلطجية'' مصرية رموا خيرة لاعبي الجزائر بالحجارة أو الطوب كما يحلو لأحفاد الفراعنة تسميته، الحدث الذي قلب موازين المقابلة من المصريين إلى الجزائريين خاصة وأن الإعلام الجزائري قام بتأخير سحب صحف الجمعة من أجل نقل الحدث الذي جلب التعاطف والمساندة ل ''الخضر'' وجعل كبرى وسائل الإعلام العالمية تندد بما حدث، كما كان لتناول الخبر من تلك الوسائل تأثير كبير على الفيفا التي تحركت باحتشام وطالبت بضمانات مكتوبة من قبل المصريين لتوفير الحماية للمنتخب الجزائري. كما ساهم تركيز الصحف الجزائرية على ردود الأفعال الوطنية والدولية في زيادة الضغط على المصريين الذين تخوفوا من إقصائهم بسبب أحداث العنف تلك، كما نقلت وسائل الإعلام الجزائرية الضغط إلى القنوات الفضائية المصرية وجعلتهم يتعاملون مع الحدث بسخرية وهو ما زاد من مساندة المنتخب الجزائري، حيث تم وصف مصر وجماهيرها بأبشع الأوصاف والنعوت خاصة بعد أن تحدثت عن مسرحية للاعبين الجزائريين وقالت بأن الدم ''صلصة طماطم''. وفي سياق متصل لعبت الأحداث دورا في زيادة عزيمة الجزائريين من اللاعبين لدحر الفراعنة وإحداث المفاجأة ل 80 مليون مصري الذين تيقنوا أثناء المقابلة بأن أسود الجزائر لن يقهرهم أي شيء، وقد عوض ال 100 صحفي جزائري 35 مليون جزائري وكانوا أحسن سند للنخبة الوطنية، خاصة وأنهم أثبتوا بقدرتهم في التحكم في التكنولوجية الحديثة والعمل الصحفي من نقل الاعتداءات والمخالفات المصرية على المباشر وفي وقتها، وهي الدلائل التي أقنعت الفيفا و وسائل الإعلام العالمية بعدالة مطالب الجزائر وفضحت مكائد وكمائن المصريين الجبانة. لقد قام الصحفيون الجزائريون المحترفون بعمل جبار خاصة بعد أن تمكن البعض من تصوير الاعتداء بالهواتف النقالة وسارعوا بنشرها في الأنترنت، كما أن تصوير اللاعبين المصابين بدمائهم في الصفحات الأولى للجرائد جعل العالم كله يتهافت على الإعلام الجزائري لمعرفة المزيد، ولم يغفل الصحفيون الذين كانوا على الميدان أية أمور بسيطة فنقلوا كل حيثيات وظروف إجراء المقابلة وقاموا باختراق الإعلام والاتحاد المصري للكرة، وفرضوا على مصر والفيفا ضغطا كبيرا مع حشد جماهيري منقطع النظير في الجزائر، حيث قامت وسائل الإعلام الوطنية بعمل كبير جعل الكل متفق على أحقية الجزائر بالتأهل كما كان هذا الدعم عاملا نفسيا محفّزا للاعبين فوق أرضية الميدان الذين لعبوا بالشجاعة فقط بعيدا عن إمكانياتهم البدنية والتقنية. وتجلى أكثر دور الإعلام الجزائري بعد انتهاء مبارة مصر مع الجزائربالقاهرة، حيث ركزوا على اعتداءات المصريين وبلطجيتهم وبحنكة كبيرة نقل إعلامنا المحترف بإمكانياته وتحكمه في التكنولوجيات المعركة من القاهرة إلى العاصمة السودانية الخرطوم التي كانت من اختيار المصريين قبل إجراء القرعة، لكن توجيه أقلام وكاميرات ومكروفونات إعلامنا للسودان جعل الرأي العام السوداني مع الجزائر، والأكثر من ذلك قمنا باستغلال حب السودان من الأعماق لبلادنا وأخرجناه للعلن ووجّهناه لأم الدنيا التي لم تفهم شيئا عند وصولها للسودان، لأنها قامت بجلب أشباه الفنانين والمثقفين لجلب الشعب السوداني الذي وجد في الطبقات الشعبية الجزائرية التي تنقلت بقوة سنده لأنه سيكون معهم في أحلك الظروف، عكس الطبقات التي تدعي بأنها مثقفة والتابعة لبلاط السلطة والتي تحشر مواقفها مع مواقف السلطة والتي تتبرأ من الشعوب العربية في الأوقات الحرجة خاصة وأنه ما حدث مع غزة ليس ببعيد. المصريون اعترفوا بقوة المسيرين و الإعلام الجزائري اعترف الإعلام المصري أول أمس في بث مشترك لقنوات ''دريم'' ''المحور''، و''الحياة'' بأن وسائل الإعلام المصرية قد سوقت أكاذيب وخرافات للشعب المصري من أجل حشده حول قضية إعادة مقابلة الجزائر و مصر أو إقصاء الجزائر من المونديال، و شبّه المصريون أوضاعهم بمن يبحث عن قطة سوداء في ليلة ظلماء. وخرج الأستاذ الكبير وائل الأبرشي عن صمته وفضح ممثل مجلس الشعب المصري وبعض أشباه الإعلاميين عما قاموا به من تجاوزات وافتراءات، كما فتح ذات المتحدث النار على اتحاد الكرة المصري الذي لم يصور ولم يدون أي شيء عن الأحداث التي يدّعيها المصريون، وما زاد من يأس وحزن المصريين هو عدم تقديم الاتحاد المصري لأي ملف إلى الفيفا لأنه لا يملك أدنى دليل، وما طلبات الاتحاد للجمهور من أجل تقديم شهادته إلا دليل على إفلاس الهيئات الرسمية المصرية التي طالب وائل الأبرشي من النظام المصري محاكمة سمير زاهر وعصابته. كما فتح الأبرشي النار على الممثليات الدبلوماسية المصرية في الخارج التي قال بأنها تتاجر في العملة وتهمل مصالح وحقوق 8 ملايين مصري يعيشون في الخارج كعبيد في مختلف المؤسسات وهو ما يجب أن يركز عليه الإعلام المصري. وعليه فالإعلام الجزائري الذي كافح فرنسا والإرهاب تمكن من حسم معركة أخرى لصالح الجزائر في انتظار كسب رهان التنمية.