أثبت المنتخب الوطني لكرة القدم أن النجاح يمكن أن يتحقق في الجزائر وفي شتى المجالات,وهذا عن طريق تهيئة أسبابه وتصحيح أخطاء الماضي وتجنب التعامل بالعاطفة ولغة الخشب والهروب إلى الأمام والتضحية بالأهل والمال وتجسيد ما تستطيع أي هيئة الوعد به لتحقيق الصالح العام وبدون هذه العوامل لا يستطيع أي قطاع أو برنامج أن ينجح. لقد لقنت الرياضة في بلادنا درسا عظيما للسياسة والاقتصاد حيث باتت تقود الرأي العام وتمكنت من شد الجماهير الجزائرية منذ أكثر من سنة بل وفوق ذلك أجبرت العديد من الوزارات غير المعنية بالشباب والرياضة على متابعة المنتخب الوطني وأخباره وحتى التنقل معه إلى الخارج لأن نجاحه حقيقي وفخر لمن ينتمي ولا ينتمي للأسرة الرياضية طالما أن شهادة ايزو 9001 للمنتخب الوطني تأتي من دوائر وهيئات عالمية محايدة وعليه لا توجد ديماغوجية ولا مجاملة في ما حققه المنتخب الوطني. وفوق ذلك أجبر هذا المنتخب كبرى وسائل الإعلام العالمية على ذكر الجزائر بخير وهي التي كانت تنهشنا منذ 1990 فرؤية الأمريكان والانجليز والفرنسيين والألمان والاسبان وغيرهم يساندون الجزائر ويفضحون مصر ليس بالأمر الهين وعليه فالاحتراف والتضحيات التي قدمها الخضر ميدانيا وليس في الندوات الصحفية هي التي تجعل العالم يعترف بالنجاح. والمتابع لمسيرة زالخضرس يقف عند المجهودات الجبارة لرئيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم محمد روراوة الذي رفع شعار العمل وتجسيد الاحتراف والوعود والابتعاد عن عقلية الريع والأضواء الإعلامية والمجاملة ومحاربة الفساد في الفاف فجني ثمار النجاح ورواوة الذي هاجر إلى الخارج للبحث عن سبب إخفاقه في عهدته الأولى من رئاسة الفاف وأيقن بأن العمل بالعواطف والسماح لمن هب ودب يقرر مصير المنتخب واللاعبين لن يؤدي إلى شيء كما تفطن إلى ضرورة اكتساب ثقافة كروية واقتصادية وسياسية واجتماعية مهمة لمسؤول على رأس أي هيئة وهو ما جعله يدرس لليال طوال مختلف القوانين المحلية والإقليمية والدولية لتفادي الوقوع في الخطأ والدفاع عن مصالح المنتخب في الوقت المناسب,كما تيقن روراوة من أن النتائج هي التي تجعل الصحافة ووسائل الإعلام تتحدث عن الانجازات وليس المجاملة والاستفادة من السفريات لبعض الدخلاء على المنتخب حيث وصل ببعض الأفراد اخذ عائلتهم في سفريات المنتخب، كما أن بعض الإعلاميين الطفيليين كانوا يتدخلون في شؤون المنتخب وهو ما جعل روراوة بعد عودته للفاف يتعامل بصرامة مع الإعلاميين، حيث جعل المنتخب مستقلا عن كل شيء. ونجح روراوة في جلب الممولين، حيث تيقن أن الإمكانيات المالية الضخمة هي سر نجاح أي منتخب ولم يعتمد راوراوة على ريع الدولة بل قام بمجهودات جبارة لإقناع كبرى الشركات العالمية لتمويل المنتخب ومنه بات يمول نفسه ذاتيا وهو ما عجزت عنه بعض القطاعات التي مازالت تنخر من خزينة الدولة، ولم تتمكن من جلب قيم مضافة تساعد الخزينة العمومية والاقتصاد الوطني,وفوق ذلك ساهم المنتخب في الرفع من النمو خارج قطاع المحروقات، حيث قام بتنشيط الحياة الاقتصادية وخلق العديد من مناصب العمل,وأنعش أسواق الاتصالات والحركة التجارية وتمكن من تنشيط عمل الخطوط الجوية الجزائرية والوكالات السياحية ولمع صورة الجزائر في الخارج وغيرها من المكاسب التي تحصلنا عليها. ومن سر النجاح كذلك للمنتخب هو منح الوعود بقدر ما يمكن تجسيده فالوعود الكاذبة التي كانت السمة الغالبة في تسيير المنتخب سابقا انتهت وبات مشكل الأموال والعلاوات غير مطروح نهائيا وكل طرف ينال مستحقاته في الوقت المناسب. أما وقد أقصي المنتخب من كأس افريقيا فعلى جميع الهيئات والمسؤولين الاقتداء بعوامل النجاح والأخذ بيد المجتمع لحل مشاكله ومعاجلة القضايا باحترافية من خلال فتح فضاءات الحوار والإصغاء لمختلف الأطراف الفاعلة للوصول إلى النجاح المنشود فقطاعات التربية والعمل والتعليم العالي والبحث العلمي والصحة تعيش مرحلة انتقالية يسعى موظفيها لتحسين أوضاعهم الاجتماعية ومنه التفرغ للجانب المهني لأن الهدف من الإضرابات ليس خلق البلبلة بقدر ما هو حق دستوري يسمح به قانون ويعكس السلوك الحضاري للعمال الجزائريين الذين يسعون لخدمة الصالح العام,ومنتظر من مختلف القطاعات أن تجد حلولا للمشاكل من أجل تمكين جميع الشعب الجزائري من مشاهدة المونديال في أحسن الظروف وتقوية أواصر الشعب الجزائري الذي أثبت احترافيته وتحضره من خلال الاحتفال بعد مباراة ضد كوجي كوفيا كرسالة قوية على أنه ليس بلطجي؟؟؟؟