رغم التنوّع الذي تتميّز به شبكة الأنترنت والصعوبة التي يجدها أي فرد لإيصال أي رسالة داخل عالم شاسع المساحة والأبعاد، إلاّ أن الجزائريين لهم طريقتهم الخاصة في التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم وذلك من خلال صناعة الفيديو الساخر... فمن منا لا يذكر مقاطع الأفلام المدبلجة إلى اللهجة الجزائرية في حصة “بلا حدود” التي كانت تبث في شهر رمضان ولاقت شهرة واسعة في سنوات التسعينيات، فتلك كانت البداية الحقيقية والفكرة الأساسية التي اعتمد عليها الجزائريون مؤخرا لصناعة الفيديوهات الساخرة، ففي الماضي القريب ومع انتشار الأنترنت وأجهزة الحاسوب بين الجزائريين تمكن بعض هواة صناعة الفيديو من القيام بأعمال رائعة في مجال الدبلجة الهزلية، لكن الأمور تطوّرت أكثر مع وصول “الخضر“ إلى مراحل متقدمة من التصفيات المؤهلة لكأس العالم. الحرب الإعلامية التي شنّتها القنوات المصرية وراء ثورة هواة الفيديو يعرف الجزائريون بتعصبهم عندما يتعلق الأمر بالمنتخب الوطني لكنهم في الحقيقة رياضيون ويتقبلون الهزيمة والإخفاق في نهاية المطاف مهما كان المنافس ويحترمونه إن كان الأفضل حقا، لكن هناك بعض القنوات المصرية التي شنت حربا إعلامية ضد الجزائريين العزل (أي لا يملكون قنوات خاصة لها الحرية في الرد على القنوات المصرية) وهذا ما دفع الجزائريين للقيام بثورة حقيقية على شبكة الأنترنت والتي يبدو أنها كانت الحل الأمثل أمام الإستفزاز المصري. البداية كانت ب”ويليام ولاس” وفيلم “brave heart“ يذكر الجميع أن البداية كانت بفيديو الفيلم الشهير “brave heart“ وشخصية “ويليام ولاس” التي تقمّصها الممثل الكبير “ميل ڤيبسون”، إذ يسرد الفيلم قصة ثورة الإسكتلنديين على الإستعمار الإنجليزي، لكن الجزائريين استغلوا مشهدا معينا يقوم فيه “وليام ولاس” بشحن معنويات محاربيه ليدبلجوا حديثه وكأنه يشحنهم للذهاب إلى مصر ومتابعة اللقاء الأخير “للخضر“ في التصفيات، ومن كلماته الخالدة عند عشاق الفيديو الهزلي : “نروحو .. نروحو .. صغير ويحب لبلاد ... رانا جايين يا ليلى علوي”. ظهور الجزئين 2 و3 من الفيلم ومقطع مدبلج من فيلم تاريخي ل “هتلر” ثم ظهر فيديو آخر مدبلج بطريقة مضحكة جدا وهو من فيلم ل “هتلر” كان يتحدث فيه إلى جنرالاته عن المبارة أمام منتخب مصر وهو في حالة عضب شديد، أياما فقط بعد تلك الفيديوهات ومع توجّه المنتخب الوطني للسودان من أجل المباراة الفاصلة ظهر مقطعان جديدان لفيلم “ويليام ولاس”، وبالرغم من أنهما لم يعرفا الرواج نفسه الذي حظي به الجزء الأولن إلا أنهما كانا في المستوى إذ كانا يبينان مشهدا حربيا ثار فيه جنود “ولاس” على العدو بعدما رُشق المنتخب الوطني بالحجارة عند وصوله القاهرة. “إربا إربا” يدخل الساحة بقوة ويبني قاعدة جماهيرية واسعة على “فايس بوك“ كانت الفيديوهات تظهر بشكل عشوائي وغير منظم، لكن عندما دخل شخص يُلقب ب “إربا إربا” الساحة أعطاها ذوقا خاصا ولقي شعبية واسعة لدى جماهير “يوتيوب“ و“فايس بوك” لأنه كان منتظما في عمله ودائما ما يمضي أعماله بعبارة “إربا إربا” وهي نسبة إلى (تقطيع المصريين إربا إربا)، وقد قام بدبلجة عشرات الأفلام وكل فيديوهاته لاقت رواجا شديدا حتى أصبح عدد عشاقه الرسميين المنضمين إلى صفحته في “فايس بوك” حوالي 37 ألفا. يعشق أفلام “روبيرت دينيرو“ ودبلج عشرات الأعمال السينمائية الشهيرة أغلب الأفلام التي يأخذ منها مقتطفات هي للفنان الأمريكي الكبير “روبيرت دينيرو”، وخاصة من فيلم “Le parrain“ أي “العراب” وكان دوما ما يجعل شخصية “دينيرو” كجزائري متعصّب وغاضب على المصريين يعاقبهم ويتوعّدهم، وقد دبلج “إربا إربا” العديد من أفلام المشهورة التي يعرفها كل الجزائريين، ويجدر الذكر أن تقليده صوت الممثل “دينيرو” ممتاز ومطابق تماما إلى شخصية الممثل. “مراد ديكابريو” يسرق الأضواء منذ أول فيديو له بعنوان “تانيك إبن زياد” ساعات فقط قبل موقعة السودان بين الجزائر ومصر واللقاء الفاصل المنتظر، صنع الحدث تنقل المناصرين إلى السودان عبر الجسر الجوي التاريخي، ظهر فيديو من فيلم “تيتانيك” بعنوان “تانيك إبن زياد” يروي قصة شابين إلتحقا بالباخرة لحظات فقط قبل إقلاعها نحو السودان، وبفضل الدبلجة الإحترافية والتركيب الممتاز لقي الفيديو رواجا كبيرا وانتشر بشكل عجيب على الشبكة، خاصة أن عبارات صايفي الأصلية “وين راهي لاسيكيريتي” كانت حاضرة من خلال بحار كان يطلب النجدة عبر الهاتف عند ارتطام الباخرة بكتلة جليدية. يواصل أعماله الإحترافية ويُهدّد إمبراطورية “إربا إربا” وبعد النجاح الذي لم يكن ينتظره Lotfi OR الشاب الذي أنتج فيديو “تيانيك ابن زياد” تشجع أكثر وعزم على إنجاز فيدوهات أخرها أبرزها “الفيدال” وهي تركيب بين فيلمي “بلود دايمون” و”ديبارتد” دائما مع شخصية المناصر الجزائري “مراد ديكابريو” الذي سافر إلى أنغولا من أجل متابعة “الخضر“ في كأس إفريقيا 2010، وظهرت في الفيديو اللمسة الإحترافية والتطور الكبير بالمقارنة بأول فيديو نشره لطفي على النت، واتفق الجميع على أن منتجات لطفي قليلة من حيث الكمية لكن نوعيتها أفضل بكثير من فيديوهات “إربا إربا”. يوقع بمستمعي القناة الإذاعية الثالثة في فخ طريف بتقليده صوت رابح سعدان لدى لطفي مواهب عديدة، فهو من يتقمص كل الشخصيات في فيديوهاته لأنه يستطيع تغيير صوته وتقليد أصوات عدة أشخاص، ومن أبرز الشخصيات التي يمكنه تقليدها هو المدرب الوطني رابح سعدان إذ استطاع لطفي أن يوقع بمستمعي وضيوف القناة الإذاعية الثالثة في شهر أفريل الماضي عندما اتصل هاتفيا بالحصة وشجّع الضيوف الذي كانوا عازمين على الذهاب إلى جنوب إفريقيا برا، ولبراعته في تقليد “الشيخ” لم يتفطّن لا الضيوف ولا المستمعون إلى أنه مقلد أصوات حتى أخبرهم مقدم الحصة الذي كان على دراية بالخدعة، فذُهل الجميع لذلك. يُقلّد صوت عدة شخصيات أبرزها “عجايمي” و”جاك شيراك” كما أن لطفي الذي حل ضيفا على حصة “ترى ما ترى” له القدرة على تقليد العديد من الشخصيات أبرزها رفيق جبور، محمد روراوة، عنتر يحيى والممثل عجايمي، بالإضافة إلى مقدم أخبار TF1 “بوافر دارفور” وكذلك الرئيس الفرنسي السابق “جاك شيراك” وحارس مرمى الديوك سابقا “فابيان بارتيز”. آخر فيديو له بعنوان “Algeria united“ يخطف الأضواء ويعتبر الأفضل على الإطلاق خرج لطفي منذ أيام فقط بواحدة من روائع الفيديوهات المدبلجة بعمل رائع تحت عنوان “algeria united“، إذ اعتبره الجميع أفضل فيديو شاهدوه في هذا المجال على الإطلاق ليس لاحترافيته المذهلة فقط بل للفكرة التي يحملها والمعاني التي يشير إليها وكذلك التنوع الموجود فيه، دون الحديث عن نوعية الصورة وجمال الموسيقى المستخدمة فيه. الفيديو يروي قصة 4 ممثلين عالميين يُسافرون إلى جنوب إفريقيا لأجل مساندة “الخضر“ يروي فيديو “algeria unted“ قصة أربعة شباب جزائريين يريدون الإلتحاق بجنوب افريقيا بأي ثمن، فالأول “ديكابريو” من العاصمة الذي لم يجد مكانا له في الطائرة لكنه استطاع حجز مقعد في رحلة برية نحو جوهانسبورغ أما الثاني “ويل سميث” فهو من وهران ولم يطق الإنتظار في الطوابير أمام مكاتب الخطوط الجوية الجزائرية وذهب مشيا على الأقدام، والثالث هو “جيم كاري” من عنابة إذ لحق بالطائرة التي كانت بصدد الإقلاع وأوقفها أما الرابع “براد بيت” من منطقة القبائل الذي انطلق مسافرا على حصانه، وكان الحديث في ذلك المقطع باللغة الأمازيغية وهي المرة الوحيدة التي استنجد فيها لطفي بصديقه “عبد النور” للقيام بدور “أكلي بيت”. الموقع الإلكتروني ل “الهدّاف“ سيبث أحسن الفيديوهات الساخرة وتلبية لرغبات الكثير من الجماهير الجزائرية التي تعشق مثل هذه الأعمال الفنية فإن الموقع الإلكتروني لجريدة “الهداف“ سيبث أحسن الفيديوهات التي يصنعها الأنصار لمؤازرة الفريق الوطني في جنوب إفريقيا، وقد كان فيديو “ألجيريا يونايتد” أول فيديو يظهر على موقع “الهداف“ أول أمس في انتظار أعمال أخرى. ---------------------------- Lotfi OR صاحب فيديو “ألجيريا يونايتد”: “تعبت كثيرا في إنتاج فيديو Algeria unted ولا أعتبر IRBAN IRBAN منافسا لي” “تأهل الخضر إلى المونديال وحّد الجزائريين وهذا ما أحاول إظهاره في فيديوهاتي” لطفي ولد رويس الملقب ب“Lotfi OR “ أو “مراد ديكابريو” كما يحب أن يناديه الجمهور الوفي له عبر الشبكة العنكبوتية من مواليد 23 سبتمبر 1986 ويقطن بأحد الأحياء الشعبية بالعاصمة كما أنه طالب في جامعة “هواري بومدين” بباب الزوار في مجال الهندسة الميكانيكية (سنة خامسة تخصص الطاقويات)، يملك هذا الشاب الجزائري الطموح بعدة مواهب أبرزها تركيب الفيديو والتقليد وهو ما دفعه لدخول مجال الفيديوهات الساخرة المساندة للمنتخب الوطني والتي رغم طابعها الهزلي الكوميدي تحمل أسمى المعاني والقيم، وللتعرف على هذا الشاب وكيف اقتحم هذا المجال ندعوكم لقراءة هذا الحوار الشيق الذي أجرته صحيفة “الهداف“ مع لطفي ولد رويس. كيف الحال وكيف تعيش الأجواء المونديالية؟ أولا أنا في أحسن الحال والحمد للّه على هذا، والأجواء المونديالية أعيشها كحلم تحقّق أخيرا، فلم أعايش تأهل المنتخب الجزائري إلى المونديال من قبل بما أن عمري لا يتجاوز 24 سنة. الفيديو الأخير الذي أنتجته ونشرته على شبكة الأنترنت لقي رواجا كبيرا وحقق نسبة مشاهدة عالية منذ يومه الأول، فما تعليقك على ذلك؟ في الحقيقة لم أتعجب كثيرا لذلك لأني ومنذ حوالي شهرين وأنا أجهز وأفكر لهذا الفيديو الذي كان يأخذ ما بين ساعة إلى ساعتين من وقتي في كل يوم طيلة الشهرين الماضيين، فقد تعبت كثيرا في إيجاد السيناريو المناسب وجمع المادة السينمائية التي تطابق مخطّط العمل الذي أهدف به لإبراز الروح الوطنية والأخوة لدى الجزائريين التي كبرت كثيرا بعد وصول “الخضر” إلى المونديال. هل يمكن أن توضح لنا كيف تأتيك الأفكار ومن أين؟ قد يبدو الأمر بالنسبة لكم غريبا نوعا ما لكنها الحقيقة، فالأفكار تراودني لما أقود السيارة وأعلق في الإزدحام لمدة طويلة، أشغّل مذياع السيارة أستمع إلى الموسيقى وهنا تبدأ الأفكار والسيناريوهات تجتاح مخيلتي لأبدأ بعدها في إعداد كل المتطلّبات لإنتاج الفيديو. ما هي تلك المتطلبات وما نوع المشاكل التي تواجهها أثناء إنتاج الفيديو؟ سأبدأ بالإجابة على الجزء الثاني من سؤالكم، أصعب شيء قد يقف في طريقي لإنتاج الفيديو التي أريد هو تطابق الأفكار مع الصورة والصور التي أعتمد عليها تكون عادة من الأفلام السينمائية المعروفة، أمّا بخصوص المتطلبات التي يجب توفرها لإنتاج الفيديو هي طبعا الفيلم الذي أحرص على إحضار نسخة DVD منه لأضمن جودة الصورة في أعمالي. هل لديك عتاد خاص تنجز به الفديوهات؟ لأكون صريحا معك، لا، أنا أنجز أعمالي كلها بواسطة جهاز حاسوب عادي وبعض البرامج الخاصة بالتركيب والدبلجة، فمثلا بخصوص الخلفية الصوتية لمقاطع الفيديو فكثيرا ما أنجزها داخل المطبخ مستعملا الملاعق والأواني المختلفة لإحداث الضوضاء اللازمة في بعض المشاهد، كما أنني أجد راحتي في المطبخ وخاصة في الليل. لاحظنا أنك معجب كثيرا بالفنان الأمركي “ديكابريو” فما سر تعلقك بأفلامه؟ ليس هناك أي سر فالسبب الوحيد الذي جعلني أتعلق به هو أنني نشرت أول عمل لي في هذا المجال بفيديو من فيلم “تيتانيك” أو “تانيك ابن زياد” الذي كان بطله “ليوناردو ديكابريو” أو بالأحرى “مراد ديكابريو”، بما أن كأس جرت بإفريقيا وبالتحديد بأنغولا ومع توفر فيلم لديكابريو في أدغال إفريقيا قمت بإنتاج فيديو “الفيدال” بواسطة مقاطع من فيلمي “بلود دايمن” و”ديبارتد”، وبعدها حافظت على الشخصية نفسها في جميع الفديديوهات تقريبا. لماذا بدأت صناعة هذه الفيديوهات وما الذي تهدف إليه من خلالها؟ البداية كانت مع أخي وكان الأمر لا يتعدى الدعابة بحد ذاتها لكن مع الوقت طوّرت قدراتي في التركيب والدبلجة وعرفت كيف أستخدم موهبتي في تقليد الأصوات لإنتاج فيديوهات محترمة تتناسب مع العقلية الجزائرية المرحة، أمّا الهدف منها فهو الترفيه عن نفوس المشاهدين ورسم الإبتسامة على وجوههم، وفي فيديوهاتي هناك عدة رسائل إجتماعية وأخلاقية أحاول إيصالها بطريقة فكاهية، فهذه هي طريقتي في التعبير عن أفكاري. أكيد أنك تعرف شخصا ملقبا ب”إربا إربا” وهو مشهور بصنع الفيديو الساخر كذلك، هل ترى أن هناك نوعا من المنافسة بينكما؟ بالتأكيد أعرفه، لكن لا أعتبر نفسي منافسا له لأننا نعمل في نفس التوجه كفكرة عامة، ورغم أنني لا أحب كثيرا طريقته في العنف الذي يربطه بالشخصية الجزائرية إلا أنني أحترم أعماله كثيرا، أما بالنسبة لي فأنا أنتج فيديوهات لها معان أخلاقية وقيم إجتماعية، ف”Algeria united“ توحي إلى توحد الجزائريين أكثر منذ تأهل “الخضر” إلى المونديال والتفافهم حول المنتخب متناسين انتماءاتهم الجهوية.