لا تزال مؤشرات الإقتصاد الوطني على مستوى يؤكد توفر قدرات تساعد على حماية عجلة التنمية من خطر تعطل محتمل، بفعل مضاعفات الأزمة المالية العالمية التي وإن توقفت عند حدود معينة أمام استقرار الاقتصاد العالمي نسبيا حسب الخبراء، وبوادر المعافاة تلوح في الأفق بانتعاش أسعار المحروقات في الآونة الأخيرة. بالفعل لا يزال الاقتصاد الوطني رهينة تقلبات أسعار البترول الى أن تتكرس السياسة البديلة لإرساء اقتصاد المحروقات، وهي خيار ممكن التناول اذا ما توصل القائمون على دواليب المنظومة الاقتصادية الى قدرة التحكم في عناصرها والإمساك جيدا بالأوراق القوية التي تبدو مبعثرة ويكفي أن تدرج في سياق مدمج ومتكامل قطاعيا. وربما من أولوية ما يتطلبه الموقف اليوم بالنظر لما يحدث على الساحتين العالمية والمحلية بما لها وعليها المرور الى مستوى متقدم تجنيد القدرات الاقتصادية الوطنية، بدءا من القضاء على ذهنية العام والخاص وإقحام المنظومة البنكية في العملية التنموية الاستثمارية، ليس من باب إطلاق يد البنوك في تمويل مشاريع دون دراسة وإنما في تنشيط عمليات دراسة الجدوى الاقتصادية للمشاريع الجادة ومرافقة المؤسسات في ترجمتها على الميدان. غير أن القطاع الخاص، ماعدا القلة منه، لا يبدو جريئا في مواكبة وتيرة الديناميكية التنموية التي انطلقت وتستمر بفضل الاستثمار العمومي الهائل الذي يتطلب إحاطة بتأطير ومتابعة عن كثب وباستمرار، لمنع أي انحراف هنا أو هناك كما يتداول على الساحة. لا يمكن أن يستمر القطاع الخاص بنفس الذهنية منغلقا على الذات في شكل مؤسسات عائلية او نوادي مغلقة، بينما المؤسسات الخاصة الاجنبية تعرف كيف تحصد خيرات موجودة في الواقع. وعوض التمترس وراء بيانات وتصريحات فيها من العويل والصراخ بإدعاء إقصاء مفترض أو تهميش ينتظر من المتعاملين الخواص الجادين في قبول لعبة اقتصاد السوق بالشفافية اللازمة الانفتاح على المحيط البشري والتحول الى شريك اقتصادي وطني يتجاوز الإطار العائلي والتعاطي مع التجدد، من خلال الإقدام على دخول البورصة وتنشيطها أم أن ذلك فيه من الازعاج ما يجعل ذلك غير وارد طالما أن المسألة تدفع ايضا الى قبول لعبة الشفافية كاملة.