أعلن تجار العاصمة حالة الطوارئ حيث تخلى العديد منهم عن النشاط التجاري، بسبب ركود الحالة التجارية وتدني مستوى المعيشة والمنافسة الشرسة التي يلقاها الجزائريون من الصينيين والمصريين وحتى التونسيين والفرنسيين والسوريين الذين دخلوا التجارة من الباب الواسع. وقد كشف المركز الوطني للسجل التجاري أن عدد التجار الأجانب ببلادنا قد فاق 3000 تاجر وهو رقم مرشح للارتفاع أكثر فأكثر بسبب الامتيازات التي تمنحها السوق الجزائرية، كما أن فضول الجزائريين في الاكتشاف زاد من طموح هؤلاء في توسيع تجارتهم إلى مختلف ولايات الوطن. تنقلت زالشعبس إلى مختلف شوارع العاصمة لجس نبض التجار الجزائريين الذي يشتكون من ركود الحالة التجارية، ما جعل العديد منهم يطلّق التجارة والقيام بكراء المتاجر أو تغيير النشاط كأضعف مخاطرة ممكن أن تنقذ مستقبل المئات من التجار الجزائريين الذين يروون أمورا مذهلة عن المنافسة الخفية التي بات يفرضها الصينيون وغيرهم في بلادنا. ففي باب الزوار أو المنطقة التي تعرف ب ''سوق دبي'' يكتشف الزائر هناك الارتفاع المذهل لمختلف الأسعار بعد أن كان سوقا في متناول الطبقات البسيطة، وتحدثنا مع التاجر الجزائري زج.عس وهو من سكان حي 8 ماي 1945 حول سر تحول الأسعار، فأكد لنا أن أسعار الكراء قد تضاعفت بشدة، فملاك المتاجر وبعد دخول المصريين والصينيين الميدان التجاري باتوا يفضلونهم علينا، ولا تندهشوا إذا قلت لكم بأن سعر متجر عادي قد وصل كراؤه بباب الزوار إلى أكثر من 10 ملايين سنتيم بعد أن كان لا يتعدى قبل 5 سنوات 20 ألف دينار ولكم أن تقارنوا. لقد أجبرنا الكراء المرتفع والضرائب على الزيادة في أسعار السلع وأصبح المواطن يعزف عن الحضور إلى سوق دبي بالنظر للغلاء الذي باتت تعرفه الأسعار، ناهيك عن انتشار الأسواق الفوضوية التي تبيع بأسعار أبخس منا لأنهم لا يدفعون المصاريف. وعن سر الأسعار البخسة التي كانت منتشرة فيها أرجعها محدثنا إلى وجود العديد من المستوردين الذين كانوا يبيعون سلعهم مباشرة للمواطن دون المرور على الوسطاء، حيث كانت فرصة مواتية لازدهار التجارة في سوق دبيبباب الزوار الذي نجح بعض التجار في تحقيق أرباح طائلة خاصة في سنوات التسعينات، حيث كان البعض يحسب الأموال بالميزان كما أكده السيد أحمد أويحيي الذي توعد هؤلاء المتلاعبين بالاقتصاد الوطني بشر المكافحة. وانتقلت عدوى ارتفاع أسعار إيجار المتاجر للصينيين إلى حي بوسحاقي المتاخم لمقبرة العالية والذي يمتد حتى إلى حي رابية الطاهر بباب الزوار، حيث بات يسمى زتشاينا تاونس بالنظر للتواجد الصيني الكثيف هناك وازدهار تجارتهم بالرغم من الجودة الضعيفة، ولكن تدني مستوى معيشة الجزائريين يكون قد دفعهم للإقبال على تلك المنتجات. ويدفع التجار الجزائريون في باب الزوار ثمن الزحف الأجنبي عليهم، كما تتزايد مخاوفهم عند استكمال المجمع التجاري العملاق قرب فندق الماركير، حيث سيستقطب تجارا جدد ومنه تهديد جميع المتاجر التي فتحت مؤخرا بأحياء عدل الجديدة. وامتد انتشار التجار الأجانب في جميع أحياء العاصمة بما فيها باب الوادي وشارع حسيبة بن بوعلي وبلكور وبئر خادم. ما تركه الأجانب أكمل عليه التراموي وما زاد في تدهور حالة التجار بباب الزوار هو أشغال التراموي، حيث تسبب في عزلة تجار برج الكيفان التي باتت مدينة أشباح بعد أن كانت تعج بالسياح الأجانب لتذوق مثلجات برج الكيفان المعروفة حيث كانت تسمى باريس الصغيرة، لكن الزائر حاليا للمدينة يكتشف الأوضاع الصعبة للمتاجر وخاصة تلك التي تقع في المراكز التجارية الربيع وسبالاسس اللذان كلفا الكثير لكن مرور سكك التراموي قربهما جعلهما مناطق منكوبة. وامتدت آثار التراموي إلى حي سوريكال أين التقينا بالتاجر زحسن.بس مختص في المواد الغذائية الذي أغلق متجره منذ أزيد من 6 أشهر ودخل في بطالة قاتلة أثرت على مستواه المعيشي، فتدهور الرصيف الذي كان يربط محله وإقامة سكك التراموي جعلته منعزلا، وأمام شكاويه العديدة لم تفلح في إنقاذ تجارته وهو نفس حال تجار حي الدوزي على مستوى الطريق الذي يربط برج الكيفانبباب الزوار. وعانت مطاعم الديار الخمس بالمحمدية الأمرّين حتى أجبرت على إغلاق أبوابها بعد أن أصبح الدجاج المحمر واللحم المشوي يخلط بالغبار والأتربة جراء أشغال التراموي التي لم تنته ولن تنتهي أبدا حسب حديث سكان مدينة باب الزوار. ولمسنا في المناطق التي يمر عليها التراموي انخفاض تكاليف الكراء بسبب ضعف الإقبال فالكل بات يشعر بالمخاطرة في الاستثمار في التجارة. وتعرف العاصمة في السنوات الأخيرة انتشارا ملفتا للانتباه للمراكز التجاريةالعملاقة التي تهدد التجار البسطاء بالإفلاس، فبعد أن فعل زكارفورس فعلته بتجار حسين داي زوالرويسوس، يتخوف سكان المحمدية والحراش من المركز التجاري العملاقسأرديسس الذي سيدشن قرب فندق زالهيلتونس والذي سيكون مركزا عملاقا بالنظر لشساعة المنطقة التي يستحوذ عليها وكذا امتلاكه لحظيرة سيارات تتسع لأكثر من 2000 سيارة وأكثر وتموقعه على منطقة سياحية مطلة على البحر، ما سيجعلها قطبا تجاريا مزدهرا، وما سيزيد من إمكانيات النجاح هو مجاورته للطريق السريع ما يجعل مرونة حركة المرور متوفرة ومنه التخلص من مشكلة الازدحام والتوقف التي تؤرق العاصميين. ويؤشك المشروع على الانتهاء بعد تقدم نسب الانجاز به، وسيدعم هذا المركز العملاق مركزا آخرا بتماريس قرب الأحياء العملاقة لوكالة عدل، وهو ما يجعل الإقبال الجماهيري مرتفعا ومنه توفير عوامل النجاح مثلما نجح مركز الأعمال المحاذي للهيلتون وكذا مركز أعمال الخليج بالمرادية، ويتزامن هذا كذلك مع تدشين المركز التجاري القدس بالشراڤة ومركز آخر بسيدي يحيى ومركز زأونوس بالقبة وغيرها، لتصبح العاصمة دون إعلان مركزا عملاقا للتجارة، حيث يتوقع البعض تنافسا محموما مستقبلا للظفر بمحل تجاري خاصة بعد خروج العالم من الأزمة المالية. ''مابقاتش'' تجارة بسيطة و الكريدي عملة مسيطرة بمرارة كبيرة يتحدثسر.تز تاجر بالأبيار عما آلت إليه التجارة خاصة تلك المتعلقة بالتجزئة، فالمواطن أصبح يقبل فقط على الكاشير والبيض بالنظر لتدني مستوى المعيشة، وأخرج لنا رياض كراسا يضم مئات الأشخاص الذين يتعاملون معه بالكريدي ''وهو ما جعلني يضيف أستسلم للأمر الواقع، فحتى أصحاب المانع باتوا يزودوننا بالسلع أولا وبعد البيع نسدد لهم الفاتورة ما لا يجعلنا ندخل معهم في مناوشات في كثير من الأحيان، فنحن نعاني من الكريدي وهم كذلك ولكم أن تتصورا الجحيم الذي نعيشه، وتخيلوا أن بعض أرباب الأسر يتوسل إلينا حتى لمنحه سلفة مالية من أجل علاج زوجته، ففي بعض الأحيان تلاحظ مواقف والله ليندى لها الجبين، يا أخي التجارة البسيطة ما بقاتش وسأسعى للحصول على عمل آخر خارج التجارة لأنها أصبحت ما تخرجش، خاصة في ظل غلاء الكراء الذي فاق 4 ملايين سنتيم في الأبيار ناهيك عن الضرائب ومختلف الأعباء'' واشتكى معظم التجار الذين زرناهم من طغيان الكريدي الذي بات عملة متداولة أكثر الدينار وهو ما يؤكد الأوضاع الصعبة للعائلات الجزائرية. كما لمسنا من خلال حديث التجار رغبتهم في ولوج السوق الموازي الذي يوفر علينا مصاريف كبيرة ولو أن المخاطرة باتت فيه كبيرة لكنه أفضل حل حاليا في انتظار تحسن الأوضاع مستقبلا. ''الدي ''15 بالحراش جنة الفقراء في الدنيا فاقت سمعة زالدي ''15 بالحراش كل المناطق الحرة التجارية، حيث يوفر هذا المكان المحاذي لحي الهاليز الثلاث سلعا بأثمان لا تخطر على بال بشر وباتت مقصدا لتجار جميع الولايات، وبالنظر لكثرة الإقبال فقد أصبح يفتح أبوابه ليلة الخميس والأحد لتلبية الاحتياجات التي لا تنتهي من مختلف تجار السوق الموازي أو المواطن البسيط وحتى ميسوري الحال لا يتوقفون عن زيارته لاقتناء احتياجاتهم. والزائر ل سالدي ''15 مثلا بإمكانه اقتناء سروال جينز ب 500 دينار، وهو الذي يباع في المحلات ب 1000 دج وكل سلعة من ملابس وأحذية توفر لمقتنيها في أضعف الأحوال 400 دينار بالمقارنة مع مناطق أخرى. وعن سبب ازدهار التجارة بهذه المنطقة فالكل يقول أشري وأسكت لأن سر التجارة لا يمكن لأحد أن يعرفه وإلا لما دام حال هذا السوق، وهناك من يتعجب من السؤال ويؤكد بأن كل شيء في يد المستوردين ومنهم من يشير للميناء . وتتزايد شعبية زالدي ''15 يوما من بعد اليوم والدليل أرقام السيارات التي تنتمي لجل ولايات الوطن. ويقوم بعض الشباب البطال، خاصة من ولايات تيزي وزو والبويرة وبومرداس وحتى البليدة من زيارته دوريا بالنظر لتنافسية أسعاره. وعليه فواقع التجارة بالعاصمة وبقدر ما يحمله من تناقضات، فالمستقبل لن يكون إلا لأصحاب المتاجر الفخمة في ظل الزحف العنيف للعولمة .