إعتبر دحو ولد قابلية رئيس جمعية مجاهدي التسليح والارتباطات العامة أن حرب التحرير لم تكن ذلك الوجه المسلح فقط بل كانت هناك حرب أخرى طاحنة أكثر شراسة بين الاستعمار الفرنسي وجهاز /المالغ/ الذي صنع نجاحاته خيرة الشباب الجزائري المثقف الذي عمل في الخفاء واستشهد في الخفاء ويكون التاريخ قد تجاهل العديد منهم والذين أعاد بعثهم رئيس الجمعية أمس في ندوة »الشعب« للدراسات الإستراتيجية من خلال إبراز مجهوداتهم وتضحايتهم من أجل أن تحيا الجزائر. يظهر أن الجزائريين تفوقوا كثيرا في الحرب ضد الاستعمار الفرنسي فيما يخص مجال المعلومة العسكرية من خلال كشف اتصالات العدو والتجسس على سلاح الإشارة ما جعل الثورة في مراحل معينة تسجل تفوقا حاسما على الاستعمار الذي صدمته تجربة وقوة وحنكة سلاح الإشارة والمخابرات الجزائرية التي تمكنت من الانتشار عبر عديد العواصم العربية وأوروبا الشرقية وحتى الغربية منها خاصة بألمانيا التي تمكن فيها أفراد المالغ من ضمان العديد من صفقات التسلح التي تم توصيلها للمغرب وتونس ومنه تزويد جيش التحرير الوطني بمختلف أنواع الأسلحة وفوق ذلك قامت عناصر المالغ بتحمل أوزار نقل الأسلحة إلى أن وصل الأمر بهم إلى جلبها من العاصمة الغينية كوناكري إلى الحدود الجنوبية الجزائرية لتزويد الولاية السادسة التي كان ضمنها عبد القادر المالي. وتطرق دحو ولد قابلية إلى دور المرحوم عبد الحفيظ بوصوف في تحسين ورفع قدرات وحدات المالغ التي كانت تضم أكثر من 900 فرد وتوفي العديد منهم في معارك داخل الوطن وآخرين قضوا نحبهم في الخارج حيث استفاد هؤلاء من برامج تكوينية عالية المستوى ما جعلهم فيما بعد يتفوقون على الاستعمار الفرنسي. غير أن هذه النجاحات لم تخلو من العثرات التي وصلت إلى غاية عدم التحكم في بعض الأفراد الذين نفذوا عمليات منعزلة خاصة في ألمانيا ضد جزائريين آخرين وهو ما يعكس صراع الأجنحة الذي كانت تتميز به الثورة. ووجد ضيف »الشعب« نفسه محرجا كثيرا في قضية تورط بعض الأعضاء في اغتيال بعض قيادات الثورة وخاصة قضية عبان رمضان التي لازالت تلقي بالكثير من ظلالها في كتابة تاريخ الجزائر خاصة في ظل عدم إدلاء البعض بكامل شهاداتهم وهو ما يجعل المد والجزر قائما دائما حول قضية الوصول للحقيقة. ومن الملفات السرية التي تم تداولها في الندوة، سبب رفض الرئيس الراحل هواري بومدين توقيف القتال مع فرنسا بعد مفاوضات ايفيان حيث أكد الحضور بأن المرحوم بومدين كان ضد توقيف الحرب لأنه كان يجزم بأنه قادر على هزم فرنسا عسكريا غير أن هذه المواقف لم تعجب الكثير من المجاهدين وقيادات الثورة التي كانت متواجدة داخل الوطن فمواقف الراحل التي كانت تتخذ من خارج الوطن لم تكن تعكس الواقع الذي كان موجودا داخل البلاد. وعليه فحرب التحرير الكبرى التي بقدر ما كانت عظيمة فان ما حدث بداخلها كان أعظم والعديد من الملفات السرية هي التي من شأنها حل إشكالية كتابة تاريخ الجزائر الذي يظهر أنه سيكتب ثلاثة أرباع فقط في ظل التكتم الكبير على المعلومات وحساسية البعض من بعض المواقف التي تبقى تطرح الكثير من التساؤلات.