طرحت الأموال الموجهة للتضامن الوطني ومحاربة الإقصاء الاجتماعي جدلا واسعا بين وزارة التضامن وبعض ممثلي الأحزاب السياسية خاصة من خلال الفرق الشاسع بين الخطابات والإحصائيات المقدمة من هنا وهناك وبين ما نعيشه في الواقع الذي يطلعنا يوميا عن معاناة شرائح كبيرة من المجتمع من الفقر والبطالة وأزمة السكن وتفشي الأمراض والسلوكات الإجرامية التي لم تعد تخفى على احد وهو ما يؤكد نقص فضاءات الاتصال والتشاور بين مختلف الهيئات لإيجاد الحلول اللازمة لحل أخطر آفة التي تهدد كيان الدول والمجتمع وهو الإقصاء والحرمان الاجتماعي الذي يولد التطرف والشخصية العدوانية والتي كانت وراء إدخال الجزائر في دوامة من المشاكل كادت تأتي على الأخضر واليابس . كشف النقاش الذي احتضنته جريدة ''المجاهد'' أمس حول الإقصاء الاجتماعي صراعات خفية بين الأحزاب ووزارة التضامن الوطني مثلما لمسناه بين منشطي النشاط عندما دخلوا في جدل كبير حير الأسرة الإعلامية التي كانت حاضرة حيث فهم كل طرف من تدخل الآخر بأنه تهجم وانتقاص من عمله وظهرت النظرة الضيقة لمشاكل المجتمع من خلال محاولة كل طرف استغلال الملف لتلميع صورته وتحميل الأطراف الأخرى مسؤولية الفشل. أعطى السيد بريمي زوبير ممثل وزارة التضامن الوطني نظرة متفائلة عن واقع التضامن الوطني في الجزائر مؤكدا بأن الدولة الجزائرية تعتبر من الدول الرائدة في هذا قطاع التضامن وأشار المتحدث الذي لقيت مداخلته تحفظا كبيرا من قبل احمد بن عبد السلام رئيس حركة الإصلاح الوطني وكذا رمضان تعزيبت نائب لحزب العمال بالمجلس الشعبي الوطني خاصة عندما تحدث عن عدم إمكانية تكفل الوزارة بجميع الشرائح المقصية والمحرومة بطريقة جعلت الجميع يستغرب هذا الحديث الذي يتعارض وأهداف السلطات التي ظلت تتحدث عن إمكانيات الجزائر لتكفل بجميع انشغالات شبابها. وقال المتحدث بأن 70 بالمائة من مجموع سكان الجزائر تحت 30 سنة وبالتالي فان توفير مناصب عمل للجميع وتوفير الدعم للجميع أمر مستحيل بالنظر لثقل الملف وتشعبه وضرورة التفاف الجميع لوضع آليات التقليل من هذه الظاهرة التي تتسبب فيها العديد من العوامل. ورجع في سياق متصل إلى ما عاشته الجزائر في العشرية السوداء وكذا التحول من الاشتراكية المركزية إلى الليبرالية حيث شرعت وزارة التضامن الوطني من 1992 في التكفل بالفئات المحرومة في المجتمع وذكر السيد بريمي زوبير أن سنة 1992 عرفت تكفل الدولة ب 2000 شخص ليصل العدد اليوم إلى 800 ألف شخص وهو رقم معتبر لا نجده في الكثير من الدول ولكن ما أغفله هو مدى نجاح مخططات محاربة الإقصاء الاجتماعي لأن ما أثير من مشاكل وفضائح في العديد من البرامج التي كانت متعلقة بقفة رمضان والمساعدات الخاصة بالدخول المدرسي والعديد من البرامج الأخرى. وتعول وزارة التضامن مستقبلا على المشاريع الجوارية التي أثبتت مردوديتها على غرار القروض الموجهة للأسرة الريفية التي تصل إلى 40 مليون سنتيم بالإضافة إلى 3 ملايين سنتيم لشراء المواد الأولية ويظهر أن هذا المجال الوحيد الذي أتى بثماره لأن مختلف المخططات المتعلقة بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتشغيل الشباب قد لقيت فشلا ذريعا لأن المستفيدين من القروض البنكية أفلسوا في وقت قياسي وعجزوا عن تسديد ديون البنوك التي وجدت نفسها في ورطة حيث طبقت مقترحات لسياسيين دون ضمانات ودراسات تعكس الواقع وبالتالي خسارة البنوك لأموال كثيرة في مشاريع تبين أنها فاشلة مسبقا. وأشار ممثل وزارة التضامن إلى عقود ما قبل التشغيل التي اعتبرها مبادرة من الدولة لمساعدة الشباب الجامعي المتخرج لإيجاد منصب عمل معترفا بأن ما تقوم به الوزارة هو الدرجة القصوى من أشكال المساعدة والدولة التي تواصل العمل لمحاربة الحرمان والإقصاء الاجتماعي بحاجة إلى دعم الجميع. الأحزاب السياسية تطالب بحلول جذرية طالب رئيس حركة الإصلاح الوطني أحمد بن عبد السلام من القطاع الخاص الانخراط بقوة من أجل إنجاح برامج التضامن الوطني والتكفل بالطبقات المحرومة التي تزداد مشاكلها يوما من بعد يوم خاصة من حيث تدهور القدرة المعيشية التي تهدر كرامة المواطن مشيرا في سياق متصل إلى تعطل بعض المخططات خاصة تلك المتعلقة بتشغيل الشباب حيث تعرف أجورهم تأخرا ب 6 أشهر فما فوق. ودعا في سياق آخر إلى محاربة الفساد في هذا القطاع من خلال التصدي للذين يحولون وجهات أموال التضامن، وأقر بضعف المجتمع المدني في بلادنا الذي ينتظر مبادرات الدولة ويحاول تبنيها لتحقيق مكاسب ضيقة منددا بما يحدث عند توزيع قفة رمضان حيث تظهر مختلف الجمعيات عيوبها لكونها تفتقر لأدنى مبادرة. وأرجع السيد رمضان تعزيبت نائب حزب العمال بالمجلس الشعبي الوطني تفشي الإقصاء الاجتماعي إلى الظروف الاقتصادية والسياسية التي مرت بها البلاد خاصة غي التسعينات غير أنه اعتبر ذلك من الأسباب لأن التعامل مع قضية الإقصاء الاجتماعي حاليا يعكس الكثير من الاختلالات وما يحدث مع ملف الحراقة والسكن والبطالة أكبر دليل على أن الحل ليس غدا والقضية أكبر من أن تتبناها وزارة التضامن الوطني. واقترح المتحدث إعادة الاعتبار للاقتصاد الوطني من خلال إحياء المناطق الصناعية في سياق رد الاعتبار للمؤسسات الاقتصادية العمومية التي من شانها أن تخلق مئات مناصب العمل لأن تجربة الخطوط الجوية الجزائرية والمؤسسة الوطنية للسيارات الصناعية أثبتت بأن المؤسسات الوطنية بإمكانها رفع التحدي والمساهمة في حل مشاكل البطالة وتدهور القدرة الشرائية.