دعا أمس ممثلون عن هيئات ومنظمات مدنية الى ترجمة الخطاب الرسمي في مجال السياسة الاجتماعية الى اجراءات وآليات اكثر عملية وفاعلية قصد تلبية الاحتياجات الاساسية للمجتمع الجزائري بجميع شرائحه وفئاته. ففي منتدى المجاهد الذي استضاف مجموعة من المختصين والمهنيين في ملف السياسة الاجتماعية لمناقشة مختلف الميكانيزمات التي تم وضعها من اجل التكفل بحاجيات المواطنين شددت السيدة سعيدة بن حبيلس التي ترأس جمعية تهتم بالمرأة في الريف على ضرورة التجسيد الحقيقي لارادة رئيس الجمهورية في محاربة كل اشكال الاقصاء والتهميش، واستغلال الامكانيات الهامة التي رصدتها الدولة من اجل تقديم كل المساعدة للفئات المحرومة، وخاصة في المناطق النائية . واكدت بن حبيلس ان الجزائر تعد من بين الدول التي أولت اهتماما خاصا بالسياسة الاجتماعية وتدعمت اكثر في برنامج رئيس الجمهورية الذي اصدر قرارات عديدة في هذا الشأن، لكن تضيف نفس المتحدثة ان واجب النقد الذاتي يحتم عليها كشف الحقيقة كما رصدتها في الواقع من خلال تنقلاتها عبر المدن والارياف، وهي حقيقة مرة، عندما تصادف حالات عديدة من المواطنين ومن مختلف الشرائح، شباب ، شيوخ ومعاقين لايزالون يعانون الامرين في حياتهم اليومية بسبب عدم استفادة هؤلاء من آليات الدعم التي وضعت من اجل التكفل بهم، وحتى وان وصلت المساعدات فانها لاتسد رمق المحتاجين سواء تعلق الامر بالشيوخ الذين لايتقاضون سوى 3000دج شهريا أو المعاقين الذين لايستفيدون الا من مبلغ زهيد لايتعد 4000 دج شهريا، أما عن التكفل الصحي فيبقى بعيدا عن التطلعات الاساسية لهؤلاء. وحسب السيدة بن حبيلس فان شعار العزة والكرامة اصبح لامعنى له في الحياة اليومية لفئة المحرومين التي تعاني يوميا ظروف الحياة القاسية، لتستخلص نفس المتحدثة أن هناك خلل ما في الحلقة التي تربط بين الجهة الرسمية والجهة المنفذة للقرارات الرسمية، لأن الفئات المحرومة والمهمشة التي كان يفترض أخذها بعين الاعتبار من خلال آليات المساعدة والتمويل الضخم الذي رصدته الدولة لم تستفد من هذه المساعدة، لتنتقد في نفس السياق المنتخبين المحليين الذين عجزوا برأيها عن التكفل بحالات عديدة وصعبة. كما انتقدت السيدة بن حبيلس بطريقة غير مباشرة وزارة التضامن عندما دعت الى الكف عن التعامل مع الجمعيات على أساس الانتماء الحزبي والسياسي. ممثل وزارة التضامن الوطني السيد حليمي عيسى الذي يشغل منصب مدير مركزي حاول التقليل من الحالات العديدة والصعبة التي رصدتها السيدة بن حبيلس معتبرا إياها حالات خاصة ومفضلا الحديث عن السياسة الاجتماعية بصفة عامة ليخوض في الآليات النظرية، دون ان يتمكن من الإجابة على التساؤلات المطروحة على نحو شاف ، ليفسح النقاش امام الجمهور من مواطنين عاديين او ممثلي جمعيات مدنية جاءوا خصيصا لطرح انشغالاتهم امام الوزارة الوصية بعد ان سدت كل الابواب في وجوههم، كحالة جمعية »نور الهدى« التي تتكفل بمرضى السرطان، حيث ناشدت رئيسة الجمعية السيدة قاسمي كل الجهات المعنية وعلى رأسها رئيس الجمهورية من اجل التدخل السريع لتوفير الأجهزة الخاصة بالمرضى وخاصة النساء المصابات بسرطان الثدي. وعن الآليات الأخرى التي وضعت في اطار السياسة الاجتماعية تحدث ممثل الوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب السيد دامو فاروق عن المهام الموكلة للوكالة لمحاربة البطالة والتي ساهمت في اكثر من 100 الف مؤسسة صغيرة الى غاية مارس الماضي، موزعة عبر كل القطاعات ماعدا قطاع البيع والشراء، بغلاف مالي معتبر فاق 252 مليار دج ساهمت فيه الوكالة ب 43 مليار دج والبنوك ب 173 مليار دج والباقي اي 36 مليار دج عبارة عن مساهمة من الشباب المستفيد من دعم الوكالة. ممثلو الصندوق الوطني للتقاعد وصندوق ضمان التأمين على البطالة وصندوق التأمين على الاجر اكتفوا بسرد اهم المهام الموكلة لهذه الصناديق في سياق السياسة الاجتماعية، مع تسجيل غياب تنسيق بين العديد من المؤسسات التي تتدخل في هذا الملف ونقص تداول المعلومات بين هذه الهيئات والمواطنين، خاصة فيما يتعلق بالاجراءات الاخيرة المتخذة للتكفل بفئة المسنين. أما الباحث والعضو السابق في المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي السيد زاهير فارس، فقد الح من جهته على ضرورة تحديد برامج واضحة تكون قابلة للتطبيق واقحام الجمعيات الوطنية في السياسة الاجتماعية، مشيرا الى ان الدولة تخصص 8٪ من الناتج الداخلي الخام في شكل تحويلات اجتماعية، وهو رقم مرتفع بامكانه الاستجابة لتطلعات المواطنين اذا تم الانفاق وفق سياسة ملائمة تأخذ بعين الاعتبار كل العمليات ذات المنفعة العامة والتي تصب في اتجاه تلبية الحاجيات الملحة.