انتهت يوم الخميس التسجيلات للمشاركة في المسابقة المفتوحة للالتحاق بالمدرسة العليا للقضاء ببن عكنون والتخرج بعد ثلاث سنوات من التكوين الدقيق السامح بتخرج كفاءات في السلك القضائي لتأدية المهنة باقتدار واستقامة وكفاءة لا تقبل الشك ولا تثير الجدل وهي مسألة تحرص عليها السلطات العليا في البلاد التي قررت إصلاحات جذرية في قطاع العدالة وتوفير لها مقومات العمل لإعلاء سلطان العدل فوق كل الحسابات والنفوذ. وقد توقفنا عند مكاتب التسجيلات المفتوحة لحاملي شهادات الليسانس في الحقوق لتوظيف 470 طالب قاضي في إطار برنامج رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة للفترة الخماسية 2014 2009 ورأينا كيف تحولت المكاتب إلى ورشة تستقبل الوافدين إلى المدرسة من كل جهات الوطن، وكيف يرافق الأعوان المرشحين ويوفرون لهم التسهيلات والرد على الاستفسارات والانشغالات بخفة روح ومسؤولية تجعل الممتحن في اسعد وضع واريحة، وتعطيه ثقة إضافية وترسخ في ذهنه حب الإقدام على الامتحان بمعنويات مرتفعة، على حد المثل القائل: ''أن الاستقبال الجيد والمرافقة المقبولة والتكفل الأنسب يعني قطع نصف المشوار. ولم يعد من مسألة سوى التحضير للامتحان ليس إلا.'' أو على ذكر المثل أن الاستقبال الحسن يعني حل نصف المشكل، حيث يترك المرشح يدخل إلى الامتحان دون ارتباك أو رعب وخوف. ارتسمت هذه الصورة عندنا وترسخت ونحن نجوب أروقة المدرسة العليا للقضاء التي تحولت إلى أشبه بخلية نحل وهي تستقبل الوافدين إليها في أول تسجيل لمسابقة تكوين قضاة ذي مستوى عال لعام 2010 ، وهي مسابقة ضمن خمس مسابقات مرتقبة لبلوغ عدد 470 قاض أو أكثر حسب احتياجات القطاع العدلي. على هذا الدرب سارت أجواء التسجيلات للمسابقة منذ السابع فيفري الماضي إلى الرابع مارس الجاري في انتظار إجراء الاختبارات الكتابية أيام 30 و31 مارس و1 افريل ,2010 وبعدها الشفهي لمن يجتازون العقبة الأولى بامتياز وجدارة. وهو امتحان للناجحين في الكتابي، وموعده من 27 جوان إلى 4 جويلية المقبلين. وقال لنا المدير العام للمدرسة العليا للقضاء السيد حسين مبروك الذي وجدناه في ذهاب وإياب يتفقد مجريات الأمور ويتوقف عند كبيرة وصغيرة: ''أن المسابقة الحالية مع الإصلاحات تعد ال 12 ويعول عليها في تخرج كفاءات تعزز السلك العدلي بموارد بشرية مؤهلة متمكنة في الفصل في القضايا مهما تعقدت في اجلها دون ترك الملفات تتراكم وتولد حالة من النفور لدى المواطن والمتقاضي''. وعن عدد المرشحين، أكد حسين مبروك انه في ارتفاع دائم منذ الألفية حسب ما تقتضيه الحاجة، ويرتقب ثمانية آلاف مرشح هذه السنة ثلثيهم نساء، للمسابقة مظلة القضاء ومفتاح ضمان تأهيل الطلبة القضاة لممارسة الوظيفة القضائية مستقبلا، فهي تضمن الولوج إلى المدرسة، وامتحان التخرج يضمن تكوينا جيدا لتأدية الخدمة في أحسن الظروف. وعن ظروف الدراسة غداة الالتحاق بالمدرسة أكد حسين مبروك، أن الأمور مضبوطة بدرجة لا تسمح بالفجوة والخلل الغاية من ذلك تخرج قضاة رفيعي المستوى يساهمون في ترقية السلك العدلي ورفع شانه وبلوغ النوعية في كل شيء. وعلى هذا الأساس، يستمر الطالب القاضي خلال مساره المهني في الارتقاء والنجاح عن جدارة واستحقاق ويسمح بإعادة السنة الدراسية مرة واحدة غير قابلة للتمديد. ويطرد من لا يتحصل على المعدل المطلوب. ويطرد ويمنع بالعودة إلى المسابقة من جديد. والغاية من هذا الانضباط والصرامة التي تطبق على مدار التحصيل وعمره ثلاث سنوات، إجبار الطالب على مكاثفة الجهود وعدم القبول بأدنى الأشياء واقلها معرفة قانونية وعدم الاكتفاء بالمسابقة فقط لان هذه المسابقة تعد المدخل الشرعي إلى المدرسة وليست المؤمن الحتمي لنيل شهادة التخرج لممارسة وظيفة القضاء. لهذا ضبطت الأمور واتضحت، وتبين أن الظروف التي وفرت للطلبة القضاة ليس للتقاعس والتكاسل وعدم تأدية الواجب كما يجب، بل لمضاعفة الجهد جريا وراء التسلح بالمعارف التي تؤمن ممارسة الوظيفة في أجواء مريحة بلا عقدة خوف وتردد. وبمعنى تفصيلي فإن الدراسة بالمدرسة والولوج إلى القضاء يفرض على الطالب جهدا مستمرا خلال الدراسة، وممارسة هذه الرسالة بواسطة التكوين الإعدادي بها بالنسبة للطلبة القضاة، والتكوين المستمر للقضاة العاملين الذي هو إجباري لكل القضاة العاملين طبقا للقانون العضوي لهذه الشريحة الاجتماعية. من هنا يفسر سبب ارتفاع عدد المترشحين سنويا إلى إجراء مسابقة الطلبة القضاة. وهي تحمل دلالة قطعية عن ثقة الطالب الجامعي بالحقوق بنزاهة المسابقة وجديتها. لهذا كانت هناك جدية في شروط إعداد الملف وكيف تضمن وثائق أساسية تضمن قابلية الترشح منها الشهادات الطبية التي يجب أن تصدر من أطباء مختصين تؤكد مدى سلامتهم البدنية والعقلية لان يكونوا قضاة المستقبل لا لبس فيهم ولا حرج. شدد على هذا مدير التدريبات الميدانية بالمدرسة العليا للقضاء السيد عوادي عمر، وقال لنا بعين المكان أن كل شيء حضر بدقة منتهية، ولم يترك الأشياء تمر مرور الكرام. وأضاف عوادي الذي رافقنا في الجولة الاستطلاعية، أن كل مترشح مسجل يمنح له استدعاء يوضح فيه مركز الامتحان والقاعة بالتحديد حتى لا يتيه ويرتبك ويسلم للمترشح أيضا دليلا يتضمن معلومات مدققة عن برنامج التكوين بالمدرسة وكذا رزنامة المسابقة التي يكتشف فيها كل التفاصيل. ويساعد المترشح أيضا الدليل التوجيهي للمسابقة، وهو عبارة عن نصائح منهجية يأخذ بيد المترشح ويرافقه في الممر الآمن إلى المدرسة التي أخذت على عاتقها مسؤولية إعداد الطلبة القضاة وتكوينهم بالمعارف القانونية وصقل مهاراتهم من خلال الدروس بالمدرسة تعزز بتدريبات عملية عبر الجهات القضائية حتى لا تبقى المعلومة المحصلة المخزنة في الطور النظري البحت، لكن مجسدة في الميدان بعيدة عن القاعدة السلبية: ''التكوين من اجل التكوين''. وهي قاعدة ولت بلا غير رجعة في ظل الإصلاحات التي جعلت من مهنة القضاة التي تجتهد المدرسة العليا من اجل تكريسها، ليس مجرد ملاذ للإثبات والاعتلاء لكن وظيفة لاسترجاع الحقوق بالحكم بالعدل بتغليب سلطان القانون وجعله ملزما للجميع بلا تمايز وامتياز بعيدا عن التطبيق وفق المزاج والأهواء وسلطة النفوذ والجاه وما يترتب عنها من انحرافات تضرب في العمق بنيان دولة القانون أساس الحكم على الإطلاق.؟ إستطلاع: فنيدس بن بلة الطلبة المترشحون في تصريحات سريعة ل ''الشعب'': لا يمكن تصور بناء دولة قانون بلا قضاة أكفاء عبر المترشحون والمترشحات لمسابقة توظيف الطلبة القضاة عن ارتياحهم للأجواء التي جرت فيها التسجيلات منذ السابع فيفري إلى الرابع مارس، مؤكدين ل ''الشعب'' أن هذه الظروف تزيدهم عزما وثباتا على اجتياز كل مراحل الاختبارات على أحسن حال وأوفره، وهي خطوة حاسمة للالتحاق بسلك القضاء الذي يقولون انه اكبر الرهان لهم وأقوى الخيارات، لاعتقادهم الراسخ انه من المستحيل بناء دولة القانون دون قضاة أكفاء متمرسين تصغر أمام أعينهم الأشياء وتكبر المهنة المقدسة ويعلو شانها. وجاءت تصريحاتهم لنا بالمدرسة العليا للقضاء شهادات حية عن كيفية الاستقبال ومرافقتهم في هذا الاستحقاق المصيري مثلما توضحه هذه الآراء والانطباعات. ❊ طراد آمال (34 سنة) من أم البوقي، وجدت كل التسهيلات في التسجيل للمسابقة التي أتطلع من خلالها للنجاح والتحق بسلك العدالة وارتقي فيه إلى الأبعد حتى بلوغ منصب قاضي بمحكمة العدل الدولية، لمناصرة حق الشعوب في تقرير مصيرها ودعم القضايا العادلة بلا تحيز وانتقائية مثلما يجري الآن للأسف، فقد اختلط الأمر وصارت حركات التحرر تلصق بها تهم الإرهاب خدمة للمصلحة والنفوذ. ❊ مباركية الصادق (32 سنة) من برج بوعريريج، عملية التسجيل تمت في أحسن الظروف، هذه زادتني ثقة وتحمسا في الإقبال على المسابقة التي أتطلع عبرها لممارسة مهنة القضاء وتطبيق العدالة وإعلائها فوق كل الحسابات كل الوسائل متوفرة لتفجير الطاقات القانونية. ❊ بشير وسيلة (23 سنة) من تيارت، مسابقة الطلبة القضاة فرصة لي لاكتساب معارف قانونية من خلال مستوى ارقى نفتقده في هذه الآونة قبل الالتحاق بالمدرسة العليا للقضاء. ❊ نجاة كربازي (25 سنة) من ورقلة، اهتممت كثيرا بهذه المسابقة التي أرى فيها الأمل في الالتحاق بالمدرسة العليا للقضاء، وهي مدرسة الحلم في تزويدي بمعارف القانون ومضامينه المتغيرة على الدوام، وقاعدته المقدسة للبقاء السيد الحاكم بين الناس فارضا نفسه على الجميع ملزما لهم دون التطبيق على البعض وترك آخرين خارج الإطار والمأمورية. آمل أن أكون قاضية في اختصاص الإجراءات المدنية الإدارية لأحكم بالعدل. ❊ بغداد نادية (26 سنة) من المحمدية، أتمنى أن أكون قاضية مختصة في الأحوال الشخصية بعد النجاح بالطبع في المسابقة الحلم الذي راودني منذ زمان، وزادني حرارة منذ دراسة القانون بالجامعة. تعلقت بالأحوال الشخصية وأحببتها واهتم بها وأريد المزيد من التخصص فيها عبر المستوى التكويني النوعي بالمدرسة العليا للقضاء. ❊ رحالي أم الخير (34 سنة) من البليدة، كنت مرتبكة وخائفة قبل المجيء إلى المدرسة للتسجيل في المسابقة، لكن مخاوفي تبددت كليا بعد الظروف الحسنة التي هيئت للطلبة. وجدت الأجواء مريحة للغاية من كل الأعوان المجندين لوضع المترشح في أريح جو. رغم قدومي المتأخر، قوبلت بالترحات والتسهيلات الكبيرة والمرافقة حتى سجلت. هذا أراه محفزا لإجراء الاختبارات الكتابية والشفوية بعدها في اسعد حال. كل أملي أن أصبح قاضية تحقيق ووضع بصمتي وصولا إلى الحقيقة.