تميزت السنة الأو؟ من الفترة الرئاسية الثالثة لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بتركيز الجهود على محور هام تضمّنه برنامجه على مدى الخماسي الجديد، استكمالا للمجهودات المبذولة طيلة الأعوام الأخيرة تكريسا لشعار الاستمرارية .ويتعلق الأمر بالجالية الجزائرية في المهجر، وتجسيد الالتزامات والوعود التي قطعها خلال الحملة الانتخابية الخاصة بالاستحقاقات الرئاسية للتاسع أفريل 2009، يرتقب التنصيب الرسمي للمجلس الاستشاري للجالية في المهجر في غضون الزيام القليلة المقبلة بعدما كان مقررا في فيفري المنصرم لتضاف هذه الهيئة إلى سلسلة القرارات التي استفاد منها الجزائريون المقيمون بالمهجر وفي مقدمتها مراجع أسعار التذاكر وفتح فرو بنوك وخفض تكاليف نقل الجثامين. سنة 2009 2010 تكتسي أهمية خاصة بالنسبة للجالية الجزائرية عموما، حيث شهدت الاستجابة لأهم الانشغالات المطروحة تحت إشراف الوزارة الوصية التي تم استحداثها في 2008، بعدما قرر الرئيس بوتفليقة ضرورة إلحاقها بوزارة التضامن الوطني بعدما كانت مجرد مصلحة تابعة لوزارة الشؤون الخارجية، تأكيدا لحرص الدولة على التكفل بالجالية التي عاشت أوضاعا صعبة خلال الأعوام الأخيرة، بسب العشرية السوداء وبسبب تداعيات أحداث ال 11 سبتمبر 2001 والتي نجم عنهما قلب حياة الجاليات المسلمة عموما رأسا على عقب. ومن أجل الاطلا على المشاكل التي يواجهها الجزائريون الذين يقطنون بمختلف الدول، قام الوزير الوصي جمال ولد عباس بسلسلة زيارات قادته إلى فرنسا أين يوجد العدد الأكبر منها، ووصل إلى كندا مرورا بمختلف الدول، ولأن سعر التذاكر تصدّر الانشغالات فإن الدولة قررت خلال الصائفة الماضية خفض سعرها بنسب قاربت ال 40 بالمائة لتمكين العائلات المغتربة من التنقل رفقة أطفالها إلى الجزائر للتواصل مع الجالية والإبقاء عليه، كما بادرت بتسهيلات أيضا تخص النقل البحري، من خلال فتح خطوط جديدة لا سيما وأن تذاكر النقل البحري منخفضة مقارنة بالنقل الجوي. كما تقرر في أعقاب لقاء تنسيقي جمع ولد عباس بوزير المالية كريم جودي فتح فرو للبنك الوطني الجزائري لتمكين الجزائريين من إيدا أموالهم في بنوك وطنية بدل الاعتماد على بنوك أجنبية لنقل أموالهم، كما تهدف هذه الخطوة إلى تشجيعهم على الاستثمار في بلدهم. وقد لاقت هذه المبادرة التي لم تتجسد بعد استحسان الجالية التي كانت تجد صعوبات في إيصال الأموال لأفراد عائلاتها المقيمين بأرض الوطن. وبالتنسيق بين شركتين جزائريتين وفرنسيتين للتأمين، حل مشكل نقل الجثامين التي كلف حوالي 100 مليون سنتيم، حيث وبموجب اتفاق أبرم بين الشركات الجزائرية والفرنسية فإن كل مواطن مقيم يدفع مبلغا رمزيا مقابل نقل جثمانه دون دفع أي تكاليف إضافية على المبلغ. وفيما يخص المجلس الاستشاري للجالية، فإن القاضي الأول في البلاد كان قد أعلن عن نيته في استحداثه خلال الحملة الانتخابية تحسبا لفترة رئاسية ثالثة. وكان من المقرر أن تجري الانتخابات الخاصة بتعيين أعضائه شهر جانفي الأخير على أن ينصّب رسميا في الشهر الموالي. ويتكون المجلس المناط أساسا بالسهر على مصالح الجالية الجزائرية بالمهجر والحفاظ على استمرارية العلاقات وتوطيدها مع البلد الأم من 56 عضوا، ولأن العدد الأكبر من الجالية متواجد بفرنسا فإن حصة الأسد من التمثيل يقودها باستفادتها من 28 مقعدا مقابل 9 مقاعد للجالية المقيمة بمختلف الدول الواقعة بالقارة العجوز، بالإضافة إلى 8 أعضاء موزّعين مناصفة بين منطقتي المغرب العربي والشرق الأوسط و 4 أعضاء عن القارة الامريكية و 6 أعضاء يمثلون أستراليا وقارة آسيا فيما تعين الادارة 33 عضوا. وعلاوة على الأعضاء الذين يتم انتخابهم تعيينهم الأمر الذي يبرر التأخر في تنصيب الهيئة الجديدة، فإنه سيتم تعزيزه ب 5 شخصيات مشهود لها بالكفاءة وحرصها على القضايا ذات الصلة بالجالية يعيّنها رئيس الجمهورية شخصيا الذي أكد عزمه على استحداث هيئة وطنية تتكفل بشؤونها، مع العلم أن العدد الإجمالي للجالية يفوق 5 ملايين فرد، إلا أن عدد المسجلين على مستوى السفارات لا يتجاوز مليون و 600 ألف جزائري. ويعول على المجلس في تحقيق هدفين جوهريين، ويتعلق الأمر بحماية كرامة المغتربين ومصالحهم وضمان التواصل معهم، أما الهدف الثاني فيتمثل في الاستفادة من الخبرات الجزائرية الموجودة في المهجر من خلال توفير الجو الملائم، لاسيما بعدما أكدوا استعدادهم لوضع خبرتهم وتجربتهم تحت تصرف الجزائر. كما أن المجهودات لا تقتصر على هذا الجانب، حيث بادرت الوصاية بتنظيم فعاليات جامعة صيفية للمغتربين تكتسي أهمية بالغة، تؤكدها المشاركة الكبيرة للجالية في الطبعة الأخيرة، على اعتبار أنها تشكل فضاء للقاء والتعارف وتبادل الخبرات. ويبقى الأمر الأكيد أن ملف الجالية في المهجر قطع أشواطا معتبرة وتصدر اهتمامات رئيس الجمهورية الذي أبدى حسن نيته من خلال إسناد الجالية إلى وزارة قائمة بعد ذاتها بعدما كانت مجرد مصلحة تنشط تحت لواء وزارة الشؤون الخارجية، ويأتي في صدارة ما تحقق خلال السنة الأولى من العهدة الرئاسية الثالثة للرئيس بوتفليقة.