كان من المفروض أنكم لن تقرأوا أي حرف في هذه المساحة، وذلك حزنا على فقيد كرة القدم والرياضة الجزائرية الشيخ عبد القادر بهمان.. لكنني وجدت في كتابة كلمة حول هذا الرجل العملاق في عالم التدريب الجزائري، الطريقة الأمثل للتعبير عن مدى أهمية الرجل وعظمته.. لقد صال وجال عمي عبد القادر في الملاعب الجزائرية شرقا وغربا، منذ السنوات الأولى للاستقلال، فكان مربيا ومعلما، يعطي ولا يأخذ، يفيد ولا يستفيد.. عمي عبد القادر عاش زواليا فقيرا إلى أقصى درجة، عكس بعض المدربين الحاليين في الجزائر.. مدربو آخر زمن، يقبضون المقابل قبل أن يشرعوا حتى في العمل.. عمي عبد القادر لم يكن مثلهم على الإطلاق، بل على العكس تماما.. أنا لا أبالغ أبدا في هذا الوصف، الدليل على ذلك هو أن بهمان مات عاش ومات في فقر مدقع.. لقد كانت الشباك الجريدة الجزائرية الوحيدة التي سجلت قبل أسابيع قليلة من الآن وقفة تضامنية مع المرحوم.. في وقت تجاهله الجميع بمن فيهم أغلب زملائه الأقربون.. أتذكر أن الصفحة التي خصصناها للمرحوم يومها تزامن نشرها مع دورة قدماء لاعبي الخضر، أو ودادية اللاعبين، التي نظمت يومها دورة حضرها قدماء لاعبي منتخب فرنسا، وعلى رأسهم زين الدين زيدان.. وكان العبد الضعيف يومها قد كتب أن زيدان أنسانا بهمان.. أصارحكم القول أنني يومها لم أكن أدرك كل المعاني العميقة لتلك الجملة إلا بعدما بلغني النبأ الفاجعة يوم أمس بوفاة عمي عبد القادر.. يكفي بهمان فخرا أنه لم ينضمّ يوما إلى عالم المدربين المنافقين السراقين المرتشين المرتزقة الذين لا همّ لهم سوى ملء الجيوب والبطون والأرصدة، على حساب الأخلاق والمبادئ والرياضة.. يكفي بهمان فخرا أنه تعامل مع كل الفرق والنوادي التي دربها بحكمة وقناعة، إذ لم يسبق له أن تشابك أو "تضارب" مع مسيري تلك النوادي، لسبب بسيط، هو أنه زوالي وفحل ولم يكن للمال ان يغريه.. أدعو أولئك المدربين الجيعانين أن يأخذو العبرة من بهمان.. عمي عبد القادر.. يرحمك الله.. وللحديث بقية.