وهب حياته للكرة الجزائرية فوجد نفسه يعيش بأجرة 9000 دج شهريا رمز، مربي، معلم... لكنه متواضع للغاية لا أدري من أين أبدأ هذا الموضع لأن العين تبكي لما ترى الحالة المزرية التي آل إليها شخص أعتبره شخصيا من رموز كرة القدم الجزائرية، رجل يظل في مخيلتي ذلك الإنسان الذي يرفض الإستسلام والخضوع لأي كان، مدرب يعرف عنه الإنضباط والصرامة مع اللاعبين والمسيرين، إنه المدرب القدير عبد القادر بهمان الذي يعاني من المرض منذ فترة طويلة وسط تهميش وتناسي من الجميع سواء السلطات المحلية أو الهيئات التي تشرف على تسيير كرة القدم الجزائرية، حيث لم يكن الشيخ بهمان يدري أنه سيأتي اليوم الذي يجبر فيه على المكوث في البيت ويحرم من أبسط الأشياء وهي الخروج إلى الشارع ورؤية الناس من حوله، وهو الذي كان من قبل النجم الأول في تلمسان وفي الجزائر بصفة عامة، حيث كانت مختلف الأندية تتسابق من أجل الإستفادة من خدماته ليجد نفسه وحيدا وسط جدران بيته يصارع المرض في صمت رهيب لم يؤنسه في وحدته سوى أفراد عائلته بعدما كانت كل الجزائر تتحدث عنه. الجميع تجاهله ومهداوي الوحيد الذي يزوره باستمرار زيارتنا لمنزل الشيخ بهمان تميز بأجواء حزينة داخل البيت نظرا لأنني لم أكن أتوقع أن أكون من بين الزوار القلائل للشيخ بهمان، خاصة أن زيارتي تزامنت مع نهاية الأسبوع، حيث كنت أتوقع في مخيلتي أن أجد البيت مملوء بالزوار نظرا لمكانة وإنجازات الرجل على المستويين المحلي أو الوطني، حيث كانت المفاجأة غير سارة تماما ووجدت نفسي وحيدا أسأل عن الشيخ بهمان وهل يسمح لي بزيارته لأن البيت دائما وفي لتقاليده رغم شدة الموقف والحالة التي يعيشها الشيخ، إلا أن العائلة قبلت الزيارة عن صدر رحب على الأقل من أجل إيصال معاناة رجل قدم حياته كلها من أجل تطوير كرة القدم الجزائرية، حيث أكدت لي العائلة أن لا أحد يسأل عن حالة الشيخ ماعدا المدرب القدير عبد الرحمان مهداوي الذي يزوره في كل مرة يأتي إلى تلمسان مع الإطمئنان على حالته من حين إلى آخر عبر الهاتف. لا حركة ولا كلام والشيخ يعيش ب 9000 دج شهريا فقط يعيش الشيخ عبد القادر بهمان وضعية جد صعبة تبكي العين والقلب بالنظر إلى أنك لا تستطيع الجلوس بجانبه لأنه لايستطيع الكلام ولا الحركة وأصبح طريح الفراش لايستطيع حتى الخروج من البيت لرؤية العالم الخارجي ناهيك عن العزلة الكبيرة التي يوجد فيها نتيجة تنكر الجميع له ونسيانهم لما قدمه من خدمات كبيرة لكرة القدم الجزائرية. الشيخ بهمان إضافة إلى حالته الصحية المتدهورة فإنه يعيش حالة اجتماعية مزرية جدا حيث أكدت العائلة بأن مدخوله الشهري فقط يأتي عن منحة التقاعد التي يتقاضاها شهريا والمقدرة ب9000دج وهي لا تكفي حتى للتكفل بمصاريف علاجه أو تلبية حاجيات عائلته في وقت يتقاضى لاعبون لم يقدموا أي شيئ لكرة القدم الجزائرية الملايير. بهمان.. مسيرة حافلة كلاعب وكمدرب بداية الشيخ بهمان لمن لا يعرفه، كانت كلاعب في فريق جيل تلمسان موسم 52 -53 رغم معارضة الأولياء لفكرة إنخراطه في عالم الكرة المستديرة ثم لفريق راسينغ تلمسان سنة 1959 المعروف حاليا باسم وداد تلمسان والذي كان بمثابة البوابة الكبيرة للالتحاق بالمنتخب الوطني والذي كان يمثله آنذاك فريق جبهة التحرير الوطني برتبة رقيب سنة 1961 ليتم سنة بعد ذلك انتقاؤه ضمن أحسن اللاعبين في الجهة الغربية وهو ماجلب له إهتمام فريق ملاحة حسين داي التي لعب لها عدة سنوات توج فيها بلقب بطولة الجهوي مع خسارة نهاية كأس الجزائر موسم 66- 67 أمام وفاق سطيف كما لعب لنادي سامباك الحراش. لينتهي ذلك مشوار بهمان كلاعب ليتحول إلى مهنة التدريب، حيث تحصل على شهادة تدريب درجة أولى مكنته من تدريب إتحاد الحراش والتتويج معه بلقب كأس الجزائر سنة 1974 ضد فريقه السابق وداد تلمسان ليخسر نهائي آخر في السنة الموالية أمام شبيبة القبائل ليكون له تتويج آخر بالكأس سنة 1977 على حساب الشبيبة دائما للتوالي تجارب الشيخ عبر أندية كبيرة جدا في الجزائر صنع له من خلالها اسما كبيرا، حيث درب كل من وداد تلمسان، جمعية وهران إتحاد العاصمة وداد مستغانم، إتحاد مغنية، إتحاد بلعباس، شباب بوقطب كلها حقق معها نتائج جد طيبة ليجد نفسه اليوم معزولا محروما من أبسط الأشياء وسط تجاهل الجميع له.