ريال مدريد الذي خرج منه تقريبا خال الوفاض، بعدما اكتفى بالتتويج بكأس إسبانيا فقط، بعدما ضيع البطولة المحلية ودوري أبطال أوربا، وهي الحصيلة التي اعتبرها العديد من عُشاق النادي سلبية بالنظر للآمال الكبيرة التي كانت معلقة على الفريق للعودة إلى البطولات الكبيرة، لكن ورغم ذلك يمكن القول بأن النادي حقق مشوارا مقبولًا لدى الكثيرين كونه على الأقل عاد لمنصات التتويج في العام الأول لجوزيه مورينيو . وبالعودة إلى المشوار الذي قطعه الريال، يمكن القول إن موسمه لم يكن بالسيئ مثلما يحاول البعض إيهامه، لأن النادي الملكي كان من بين أفضل الفرق في أوروبا ونافس حتى الرمق الأخير على جميع البطولات التي خاضها، ولكن سوء الحظ هو الذي أوقعه في مواجهة أندية لا تقهر حاليا على غرار برشلونة، وهو ما يتفهمه عشاق الميرينجي الذين يرغبون بالعودة إلى عهد الإنتصارات والألقاب المهمة، وهذا الأمر يبقى ممكنا بالنظر إلى العوامل الخمسة التالية :
مورينيو اعتاد التتويج في ثاني مواسمه لكن بشرط تفادي تصريحاته المثيرة صحيح أن الكثير من المتتبعين اعترضوا على طريقة عمل مورينيو مع الريال، سواء داخل الملعب من خلال خطته الدفاعية والواقعية في عدد من المباريات أو خارج الملعب من خلال تصريحاته المثيرة للجدل، غير أن الأمر الأكيد هو أن المدرب البرتغالي خلق شخصية مميزة وجديدة لريال مدريد تتضمن أوصافا رائعة، ومن بينها التنظيم الدفاعي والروح القتالية، عدم الاستسلام والضغط الشديد على المنافس، إضافة إلى التضحية من أجل الفريق، وهي الصفات التي لم تكن موجودة في التشكيلة خلال المواسم الأخيرة وغابت عن النادي منذ رحيل فابيو كابيلو بعد تتويجه بالليغا في موسم هو الأصعب والأغلى للريال . وقد ينتفض البعض ويقول أن الريال مطالب بالعودة لأسلوبه الجميل والممتع على أرض الملعب، لكن المنطق يقول بأنها مجرد مرحلة انتقالية يعيشها الفريق من أجل العودة للبطولات أولا واسترجاع أدائه الجميل بعدما تكتسب الثقة، لذا يمكن القول بأن قيام الإدارة بالإحتفاظ بمورينيو هو أولى خطوات النجاح في الموسم الجديد، خاصة أنه اعتاد على حصد الألقاب المهمة في موسمه الثاني مع الأندية التي تولى تدريبها، بدليل ما فعله في الانتر بعد العلاقة الرائعة التي أسسها مع اللاعبين، لكن نجاحه مع الريال سيتم بشرط أن تفرض عليه إدارة الريال القوانين المدريدية الخاصة بالنادي ولا تنجر خلفه لساحات المعارك الكلامية المتبادلة مع المنافسين خاصة البارصا، فمورينيو اعتاد القيام بذلك حتى يبعد لاعبيه عن الضغط ويضعه على نفسه فقط لكي يواجه كل المشاكل، وهو ما حدث بالفعل في لندن وميلانو، لكن في مدريد الأمور جاءت معاكسة بعدما دخل الجميع في اللعبة وتعرضوا للضغط سواء الإدارة أو المدرب أو اللاعبين، والنتيجة كانت الإكتفاء بلقب واحد .
التخلي عن النجوم الذين لم يقدموا شيئا فوق الميدان أما على صعيد التشكيلة، فإن ريال مدريد يضم العديد من النجوم واللاعبين الكبار في مختلف خطوطه، ولكنه يضم كذلك عددًا واضحًا من الشوائب التي تُؤثر على الفريق ككل، لكننا نتفادى ذكر الأسماء لأن جميع من يتتبع مباريات النادي وأخباره عن قرب يعرف هويتها جيدا، والأهم في كل ذلك هو أن الرجل الأول على رأس العارضة الفنية يدرك الأمر جيدا ووضعها خارج حساباته خلال الموسم الحالي، وبالتالي سيكون على الإدارة أن تستمع لحديث البرتغالي ورغباته فيما يخص الراحلين عن الفريق حتى لو كانوا نجومًا كبار ويذرون أموالا طائلة من حيث الإشهار والمبيعات، لأنهم فشلوا في الجانب الرياضي وأضحوا عبء على النادي والطاقم الفني، ولو نعود إلى الوراء، سنتذكر أن مورينيو عندما كان في الانتر طالب كثيرًا بمواطنه ريكاردو كواريزما لكنه وبعد موسم فاشل كان أول المطالبين بالتخلي عنه بعدما منحه كل الفرص اللازمة ولم يعرف استغلالها، وقد تم تسريح اللاعب بالفعل ورحلت معه العديد من العناصر لكي يتم تقليص عدد الفريق وهو ما طالب به المدرب طيلة موسمه الأول وجميعنا يُدرك مدى نجاح المدرب في الأبيانو جينتيلي .
تعزيز تركيبته الدفاعية حتى يكتسب المهاجمون أكثر ثقة وراحة في اللعب وبالنظر للأسماء التي يضمها الفريق سنجد تميزًا واضحًا في الهجوم يقل تدريجيًا بالعودة للخط الخلفي، فتعداد وسط الميدان مقبول جدًا لكن تركيبة الخط الخلفي ضعيفة للغاية رغم الأداء الطيب الذي يقدمه الثلاثي كارفاليو وبيبي وراموس، حيث يؤكد كل المتتبعون أن الخط الدفاعي هو حلقة ضعف التشكيلة المدريدية، الفريق يستحق أسماء أفضل في الخط الذي أصبح الجميع يراه أساس نجاح أي فريق وبناء أي طريقة لعب، والدليل هو ما نشاهده في دفاع مانشستر يونايتد أو برشلونة أو الميلان أو الانتر في الموسم الماضي أو تشيلسي بعد شراء ديفيد لويز، فالريال لا يُمكنه لعب مباراة مهمة ومصيرية بألبيول وأربيلوا ولذا على الإدارة بناء ذلك الجزء الأساسي والمهم من الفريق خلال الصائفة الحالية من خلال دفع الثمن المناسب لاستقدام المدافعين الأقوياء، ولا تبخل على النادي لأن رونالدو وكاكا صاحبي ال165 مليون أورو لن يفعلا فوق الميدان ولن يُضيفا الجديد سوى بتوفر خط دفاعي حديدي يساعد المدرب والفريق ككل على الانطلاق للهجوم والأداء الممتع في النصف الثاني من الملعب، وفي هذا الصدد هناك العديد من الأسماء المطروحة منها مدافع دورتمند سوبوتيتش أو مامادو ساخو من باريس سان جيرمان، إضافة إلى الظهير الأيسر لليون سيسوخو أو كولاروف لاعب مانشستر سيتي، وهناك دانييلو موهوب سانتوس الجديد في الجانب الأيمن والقادر على اللعب في الوسط أيضًا وكذلك إيفانوفيتش من تشيلسي وأسماء أخرى قادرة على تأمين دفاع الريال . توفر مقعد بدلاء في المستوى حتى يجد المدرب الخيارات المناسبة ولو نتمعن في التركيبة الحالية للريال، سنجده أنها مُخيفة ورائعة على صعيد التشكيلة الأساسية أو لنقل ال15 اسمًا الذين تمَ تداولهم في الموسم الحالي بشكل منتظم، ولكن التعداد يبقى مخيفا ومقلقا على صعيد دكة البدلاء، خاصة أولئك الذين لم يقتنع البرتغالي مورينيو بقدراتهم، فلاعبين مثل بيدرو ليون وسيرجيو كاناليس مميزون للغاية لكنهم لم يدخلوا دائرة قناعة المدرب البرتغالي الذي لم يعتمد عيهم ووجودهم في الفريق كعدمه، وبالتالي فإن الريال يحتاج إلى دكة بدلاء قوية جدًا بأسماء معروفة وقادرة على تقديم الإضافة وصناعة الفارق عند الحاجة، سواء كفي حالة إصابة العناصر الأساسية وغيابها أو تراجع مستواها أو افتقاد الفريق للحلول وحاجته للتغيير، والمهم فيكل ذلك هو أن تنال تلك الأسماء ثقة المدرب، وذلك لن يحدث سوى في حال قيامه شخصيا باختيارها من البداية ويُوافق عليها حتى لا تكون له حجة في عدم استخدامها وإراحة النجوم الأساسيين في بعض المباريات، لأننا رأينا كيف تراجع المستوى البدني كثيرًا في المباريات الأخيرة لهذا الموسم وخاصة في الكلاسيكو نظرًا لعدم توقف نفس المجموعة عن المشاركة، وهو ما أرهقها بدنيًا وفنيًا وذهنيًا. وضع قائد للتشكيلة في الخط الهجومي على غرار تشابي ألونسو وفي المقابل، فإن العامل الذي سيساهم في عودة التشكيلة للتتويجات، هي أهمية وجود القائد في أي حقيقي في الميدان، لأن ريال مدريد لديه قائد مميز في النصف الخلفي من الملعب هو إيكار كاسياس، لكنه يفتقد لذلك القائد في النصف الأمامي منه، وهو ذلك اللاعب القادر على فرض سيطرته على الملعب وتوجيه زملائه بما يُناسب أسلوب لعب الفريق وإبقاء الحماس لدى اللاعبين، وباختصار شديد يمكن القول بأن الريال بحاجة لجوزيه مورينيو داخل الملعب أي لاعب يعكس تلك الشخصية والعقلية بين اللاعبين خلال المباراة، بدليل أن الفريق تأثر سلبًا بالطرد الذي تعرض له خلال كلاسيكو دوري الأبطال، ويمكن القول أن تشابي ألونسو يُمكنه لعب ذلك الدور بشكل ممتاز خاصة أنه يمتلك الشخصية والخبرة اللازمتين، ولكن على المدرب أن يخلق منه القائد وذلك بفرض احترامه على الجميع خاصة النجوم الكبار في الفريق والأهم التأكيد على أن ما يقوله داخل الملعب يجب أن يُتبع ولا يتم تجاهله، مثلما يحدث مع تشافي في البارصا وسيدورف في الميلان وزانيتي في الانتر وجيجز في مانشستر يونايتد وجيرارد في ليفربول، وهذا الدور لم يستطع رونالدو وأوزيل ودي ماريا تقمصه نتيجة أمور شخصية ونقص الخبرة، والفريق يحتاج لهذا اللاعب حتى لو تم شراءه هذا الصيف والعمل على أن يكون القائد خلال الموسم القادم، لأن الأمر لا يتعلق بمنحه شارة القيادة وإنما ثقة القيادة، والدليل ما فعله مارك فان بوميل مع الميلان بعد انضمامه إليه، عندما قال في أول تصريح له أنه يريد تعلم الإيطالية حتى يستطيع توجيه زملائه في الملعب.