عندما إندلعت الحرب على العراق ، كان الجزائريون من الأوائل الذين نددوا بالإحتلال و أعلنوا مساندتهم للرئيس العراقي صدام حسين و لو بأضعف الإيمان بإطلاق إسمه على مواليدهم ، و إستمروا في تأييد صدام أحد رجال الزمن العربي الجميل كما وصفه أحد الكهول و زادت شعبيته عندما تم توقيفه دون أن يسلم نفسه و يخضع أو يستسلم ، ثم محاكمته التي تميزت بالشموخ و الكبرياء المفقود في هذا الزمن. لمسنا غضبا صامتا ممزوجا بالشعور بالفخر عند الحديث مع مواطنين حول إعدام صدام فجر عيد الأضحى و طرحت قراءات عديدة لتوقيت هذا الإعدام الذي قال عنه جزائريون أنه يكشف مجددا عن النوايا الحقيقية للحرب الصليبية على العراق و عبرها على الإسلام و المسلمين و أيضا عن التخاذل العربي ... إمتزجت التهاني بعيد الأضحى بالحديث عن إعدام صدام حسين الرئيس العراقي المخلوع و تخلل الحدث الجلسات العائلية و حتى الإحتفالات بعيد رأس السنة ، و دردشات الصغار و النساء ، وإن كان إعدام صدام حسين أمرا منتظرا و مقررا إلا أن التوقيت الزمني أثار إستياء الجزائريين الذين إستيقظوا على صور "نحر" الزعيم العراقي صباح عيد الأضحى صدام أعدمه الأمريكان و ليس شعبه السيد بن عزوز من منطقة ذراع بن خذة بولاية تيزي وزو موظف إداري ، إتصل بنا هاتفيا لينقل هذا الإستياء مشيرا إلى أن بوش سعى من خلال توقيت الإعدام إلى توجيه رسالة إلى المسلمين و العرب "تحمل هزيمة و إذلالا لنا ، لقد تألمت ليس على الرجل ، بل لشعوري بالحقرة ، إعدام صدام كشف أن العزة اليوم ليست للمسلمين بل الذل لهم و ليس أخطر مما وقع " وواصل بإستياء أن المشكل أن ردود الأفعال التي أعقبت الإعدام تؤكد أن العرب لن يثوروا أو يتمردوا على التبعية لليهود و الأمريكان و لن يتحركوا لتغيير هذا الواقع . و ذهب محمد صاحب قاعة شاي بحي بلوزداد في قلب العاصمة ، في نفس السياق و كان قد ضبط التلفاز الكبير على الفضائيات العربية لمتابعة تداعيات الإعدام وسط تعليقات الزبائن و أبلغنا أنه ظل طيلة الليل يتابع الحدث بعد تردد أخبار حول قرب إعدامه " صدقيني شعرت تلك اللحظة بألم في صدري و إختناق ..لست أدري لكن صدام كان يمثل لنا شيئا جميلا من الزمن العربي الجميل مهما كانت مساوئه كان على شعبه محاكمته لكنه أعدم من طرف الأمريكان " ،قبل أن يتدخل شاب قال إنه بائع خضر كان يتابع الحديث ليقول أن الرسالة في القضية هي إهانة العرب ، " بوش قال للعرب أنتم رخاص " دون إضافات أخرى . عجوز وجدتها خارجة من مسجد "الهدى "ببلوزداد بعد أداء صلاة العيد ، كانت مستاءة من موقف الأنظمة العربية و المسلمة التي إلتزمت الصمت " لقد بكيت عندما بلغني أنهم أعدموا صدام ، لماذا لا يحاكم شارون على المجازر البشعة التي يرتكبها بحق الأطفال ؟ و جاءنا العيد " سامط" لا طعم له و تجاوزنا الأمر فقط من أجل الأطفال لأن إعلان الفرح معناه المشاركة في تأييد الإعدام ، نحن الله غالب علينا لا نملك إلا أن أن ندعو الله أن يعطينا الصبر و النصر على الأعداء خاصة أعداء المسلمين. بوش فشل مرة أخرى و منح صدام موتة مشرفة كريم عون أمن بمؤسسة عمومية ، كان مبتسما وهو يطرح موقفه من إعدام صدام " لأنه لا مكان للرجال في هذا الزمن و كان يجب أن يرحل " ، و أضاف موضحا أن التعجيل بتصفية صدام يكشف أنه كان يقلق و يزعج الأمريكان و اليهود حتى و هو سجين " صدام شاهد على حقيبة العروبة و العزة ، ربما إرتكب أخطاء لكن هناك أسوء منه من حكام العرب و الغرب فقط يجب أن ندرك أنه كان الحاجز أمام مشاريع أمريكا التوسعية وكان يهدد أمن إسرائيل ، كان قويا و ذكيا و صاحب مواقف و مبادىء ، هكذا هو دون مزايدة و لذلك كان يجب الإنتهاء منه لكنه مات موتة مشرفة له و للأوفياء له لم يتراجع و ظل أسدا حتى و هو يواجه الموت مشكلة أمريكا لن تنتهي برحيله و بوش فشل في ضربنا رغم مساعيه إهانتنا و سيظل العديد متعلقا بصورة إعدامه لأنها بمثابة جرعة أوكسجين في لحظات الإخفاقات العربية المتتالية "، لقد أعدموا عمر المختار و مع ذلك ظل حيا أبدا و زعيما و شهيدا ، و هكذا صدام يدخل التاريخ من بابه الواسع من خلال هذا الإعدام غير الشرعي أما "س" أستاذ جامعي فقال إنه لا يجب إعتبار صدام زعيما مثاليا " كان قائدا بإيجابياته و سلبياته ، لكن إعدامه يتضمن رسالة واحدة لكل الحكام العرب أنها ستكون هكذا نهايتهم في حال وقوفهم ضد بوش " و أكد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تغذي العنف بهذا الإستفزاز و ستتدعم المقاومة و الجماعات المسلحة في العالم و تحدد هدفا لها للتحالف و ضربها كما ستواجه الأنظمة العربية تمرد شعوبها التي قد تفقد السيطرة عليها لتدفع ثمن خذولها. الرسالة كانت " العرب و المسلمون خرفان أمام الغرب و صادفنا خلال تغطيتنا لإحتفالات الجزائريين بعيد رأس السنة ، شابا لاحظنا عند الإقتراب منه بأحد فنادق العاصمة ، أنه في حالة من السكر ، برر إفراطه في الشرب بأنه " متأثر بشدة لإعدام صدام و خيانة العرب " قال لنا أنه مستاء و غاضب و دعا الله أن تكون سنة 2007 نهاية الطاغوت بوش و أن ينتقم الرب من إعدام و امتنعت الحاجة "الوازنة" التي تقطن في دائرة التلاغمة بولاية ميلة عن تضريج يديها بالحنّاء في ليلة العيد بعد أن أخبرها ابنها زُهير اعتزام المسؤولين العراقيين إعدام صدام صبيحة العيد. و قالت الوازنة لابنها بلهجة فيها رعشة الأسى"لن أفرح و رجل كصدام يُقتل.. لن أفرح حتى و إن كنا في يوم عيد و فرحة"، و قد أخبرنا زُهير و هو خريج معهد الإعلام بأن علامات الحزن ارتسمت على وجه أمه مباشرة بعد تلقيها الخبر الذي لم يكن مؤكّدا بعد. لهم". وجدوا مكانا يُدفنون فيه و قبورا تقبلهم.صدام .، لكن مالفت إنتباهنا على مستوى شارع بلوزداد صباح اليوم الثاني من العيد ، هو قيام متسولة معتادة على المكان ، بإطلاق زغرودة أثارت فضول المارة ، و عند الإستفسار منها أبلغتننا أن صدام مات شهيدا ؟ و إمتنع العديد من المواطنين بالعاصمة و قالمة و المدية و البويرة من النحر و أعلنوا الحداد الصامت و لو بأضعف الإيمان . إستطلاع : نائلة.ب: [email protected]