"نعم أنا مجنونُ صدّام.. أنا مجنون بزعيم عربي قلّ نظيره اليوم.. أنا مجنون بالرئيس الشهيد صدام حسين"، هكذا أجابنا يونس لعمارة ذو ال 44 عاما عندما سألناه عن مدى حُبّه لصدام حسين- رحمه الله- هذا الرجل مسكون بحب الرئيس العراقي الراحل، ولقد فتح بيته للعزاء أياما بعد رحيل صدّام، كما فتح بيته للمعزّين في أربعينية الرئيس، وقد جاءه الناس من كل فِجاج العاصمة. أما العلم العراقي، فلا يزال يُرفرف على سطح بيته، فيما تحوّل محلُّه لخدمات الهاتف إلى "مُتحف" لصور صدام وكُتبه.. إنّه الرّجل الأكثر جنونا بصدّام في الجزائر. يقول يونس إن حكاية حُبه لصدّام بدأت سنة 1991، عندما اندلعت حرب الخليج وتحالف الغرب مع بعض العرب لضرب العراق، ومنذ ذلك الحين والرجل يهيم ذكرا بالرئيس العراقي ولا تهفت نفسه عن متابعة أخباره وأخبار العراق. في تلك الأيام، توجّه يونس إلى السفارة العراقية في الجزائر وسجّل نفسه مع المتطوّعين للجهاد في العراق، وفي سفارة العراق استطاع يونس برقّة لسانه وصدق شعوره أن يكسب مسؤولي السفارة العراقية، إلى أن بات صاحب حُظوة عندهم، ثم تحوّل إلى صديق السفارة العراقية بل والعراق أيضا في الجزائر. دعوات كثير ة وجهتها السفارة العراقية ليونس كي يزور العراق، لكنه كان يرفض في كل مرّة، ليس تكبّرا على أصحاب الدعوة ولكن يقول "أنا أحبّ العراق ورئيسه لوجه الله، وأي مكسب يأتيني من وراء هذا الحب أرفضه". وقد تلقّى يونس وعدا بأن يكون أوّل مستقبلي الرئيس صدام حسين إذا ما زار الجزائر، ويعلّق يونس "سوف ألتقي به في الجنّة إن شاء الله". وأنت في محلّ يونس، تحس وكأنّك في متحف لصور وكتب صدّام، فأينما ضربت بطرفك واجهتك صور الرئيس، الذي يُصرّ يونس على إطلاق صفة "المغدور" عليه، ولا تزال سيارة يونس إلى الآن ترتدي لباس الحزن، حيث علّق في زجاجها الخلفي مُلصقات كتب عليها "رحمة الله عليك أيها الرئيس المغدور". كُتيّبات صغيرة ألّفها صدام حسين منها "على طريق الجهاد والبناء المجيد" و"نهوض العراق سيكون شاملا" و"الوحدة العربية صيرورة كبرى و"إطار مجيد فعال" و"مجلس التعاون العربي"، هذه الكتب وغيرها، وجدت لها مكانا في محلّ يونس، لكن دون أن يلمسها أحد أو أن يتساءل عن سبب وجودها في محل لخدمات الهاتف، لأن أهل الحي جميعا وحتى الزوار يعلمون أن محل وبيت يونس "وقفٌ" لصدّام حسين. تألّم يونس كثيرا عندما سألناه عما أحسّه صبيح عيد الأضحى- اليوم الذي أُعدم فيه صدام- يقول يونس "لم أشهد الأُضحية مع ابني وأهلي وأمي، بقيت في غرفتي طوال النهار أبكي.. لقد كنت أعلم بأنّهم سيُعدمونه، لكن الحمد لله لقد مات كالأسد الهصور، أما هم فكانوا كالضباع المسعورة". ويصف يونس المحكمة التي حوكم فيها صدّام ب "محكمة طايوان" ويُؤكد بأن الأمريكان لن يبقوا في العراق أكثر مما بقوا، ويُشدد على القول بأن موعدهم الصيف، هذا الصيف وليس الصيف المقبل. ظروف العراق الحالكة، جعلت يونس يتابع قنوات، الجزيرة والعربية والزّوراء يوميا، وكُلما كان هناك خبر عاجل في الجزيرة أو العربيّة هرول يونس خارج المنزل ليُخبر أصدقاءه في الحي عن الخبر، حتّى أطلقوا عليه تسمية "خبر عاجل". عندما يتنقّل يونس بسيارته يثير انتباه الناس، فصورة صدّام وعبارة "رحمة الله عليك أيها الرئيس المغدور" تجلب إليها الأنظار، وفي الكثير من الأحيان يتلقّى يونس تحيّات المارّة، حتّى أن رجال الشرطة يُؤدون له التحية في الطريق، ويقول يونس بأنّه يشعر بهذا الاحترام لأنه احترام للعراق ولرئيس العراق. ويختم يونس حديثه بإسداء التحية للمقاومة العراقية وعلى رأسها إبراهيم عزّة الدوري، كما يسدي التحية لابنة صدام السيدة رغد دون أن ينسى تحية الشعب العراقي الذي يوصيه بالتوحّد ورصّ الصفوف. نسينا أن نقول إن يونس يُقبل صورة الرئيس صدّام كلّ صباح ويقرأ على روحه الفاتحة، ولا يزال يفعل ويُؤكد بأنه سيظل على هذه الحال إلى آخر يوم في حياته. حمزة. ه