عابد شارف: abed_charef@hotmail.com قررت الجزائر وضع خطة للوقاية ضد انتشار الجريمة على شبكة الأنترنات cybercriminalité. وقال ممثل للحكومة خلال ملتقى تم تنظيمه هذا الأسبوع في نزل الأوراسي أن البلاد تعمل لتحضير سلسلة من القوانين تتكفل بكل الجوانب التي تتطلبها محاربة هذا النوع من الإجرام العصري، كما ستتخذ الإجراءات الميدانية الضرورية وتضع الميكانيزمات التي تضمن الانتصار على هذه الآفة. وأكد الرجل أن الحكومة تدرس خطة لتوسيع استعمال التقنيات الجديدة في التسيير والإدارة إلى كل ميادين الحياة اليومية، من الحصول على وثائق إدارية عن طريق الأنترنات إلى الشبابيك الآلية لتسحب النقود... هذا آخر تهديد جاءت به الحكومة الجزائرية... إن الحكومة الجزائرية تهدد بالقضاء على الجريمة الإلكترونية بعد أن فشلت في القضاء على الجريمة التقليدية. وبينما كان هذا الإطار السامي في الدولة يتكلم عن مشاريع خيالية، قامت عصابة بالسطو على بنك في الرويبة قرب العاصمة واستولت على 1.3 مليار سنتيم في وضح النهار وبطرق تقليدية جدا... جاء اللصوص إلى البنك، و"زدموا" على العمال، وأخذوا الأموال، وعادوا إلى ديارهم سالمين... واكتفى القوم باستعمال الطرق التقليدية رغم أن الجزائر اخترعت طريقة جديدة للسطو على أموال الغير، حيث من المعتاد أن عصابات الأشرار تستولي عادة على أموال البنوك بعد السطو عليها، قبل أن يخترع عبد المؤمن خليفة طريقته الجديدة التي تتمثل في سطو البنك على أموال الناس... ووراء هذه الظواهر وهذا الخطاب الفارغ، تؤكد الجزائر طريقتها التقليدية في مواجهة المشاكل. ففد اجتهدت البلاد منذ عهد طويل، وتوصلت إلى عدة طرق لحل المشاكل. ومن هذه الطرق أن تلجأ إلى حل تكون تكلفته أعلى بكثير من المشكل الذي يراد حله. وهناك طريقة أخرى محبوبة في البلاد تتمثل في تشكيل لجنة لمعالجة قضية ما، لتقوم اللجنة بدراسات وتحاليل وتنظم ملتقيات وتسأل الخبراء لتقدم مشروعا بعد أن يكون المشكل قد انطفأ أو تحول إلى قضية أخرى. ومازالت الجزائر تنتظر اقتراحات اللجان المكلفة بمحاربة التدخين عند القاصرين، ولما تقدم نتائج أعمالها، سيكون مستوى استهلاك المخدرات عند القاصرين أعلى من استهلاك التبغ عند القاصرين يوم تأسيس اللجنة. وكثيرا ما لجأت الجزائر إلى مواجهة المشاكل التي تعرقل مسيرتها بطريقة تتلخص في تجاهل المشكل الأصل حتى يلد مشاكل أخرى، ثم تبذر الأموال في محاربة النتائج الثانوية وتنسى المشكل الأصلي. فبعد أن تجاهلت المشكل الأصلي للنقل في العاصمة مثلا، وعجزت عن توفير نقل جماعي لائق يحافظ على كرامة المواطن، قررت السلطات المعنية أن تمنع الشاحنات في شوارع العاصمة نهارا، وأصبح رجال الأمن يطاردون المخالفين للقرار بينما استولت عصابات لا وجود قانوني لها على شوارع العاصمة وكل مدن الجزائر وفرضت غرامة جديدة تتمثل في فرض غرامة جديدة على كل سيارة تتوقف في الشارع... وأصبح هؤلاء يفرضون في الشوارع قواعد موازية لتلك التي ينص عليها القانون والتي من المفروض أن يعمل رجال الأمن لفرض احترامها. أما الطريقة المفضلة، فإنها تبقى دون شك طريقة الوعود التي لا يمكن تحقيقها حتى في الأحلام، لأن البلاد لا تكسب المؤسسات والإطارات والتقنيات ولا حتى الإرادة للوصول إليها في بعض الأحيان. إنها تلك الوعود العديدة مثل توفير مليون منصب شغل سنويا، وتوفير مليون سكن في خمس سنوات، وتحسين التعليم والصحة وغيرها، مع أن المواطن يلاحظ يوميا أن الأوضاع تتدهور يوميا في هذه القطاعات مثلما يؤكد ذلك لجوء كل المسئولين للعلاج في الخارج واللجوء إلى مدارس في الخارج لأبنائهم. هذه التقنيات قد ابتدعها القادة الجزائريون لضمان الفشل في مواجهة مشاكل عصرهم. وهي التقنيات التي دفعت مسئولا كبيرا إلى التفكير في محاربة الإجرام على شبكة الأنترنات لما فشلت الدولة بكل مؤسساتها في محاربة الإجرام التقليدي. وأكد الرجل بذلك أن الجزائر تمتلك الخبراء والأمخاخ بالكمية الكافية والتأهيل اللازم للتفكير في تحديات المستقبل، مثل مواجهة سرقة البنوك عن طريق الإعلام الآلي أو السطو عليها من طرف عصابات دولية. لكن الرجل لم يضمن أنه سيمنع السطو على تلك البنوك في النهار، علنا، أمام مرأى ومسمع كل المسئولين والمؤسسات مثلما أكدت ذلك محكمة البليدة في قضية الخليفة، لأن المطلوب منه هو التفكير في أسعار القمح بعد مائة سنة لا التفكير في إنتاج القمح السنة القادمة. وهذا الإبداع بعينه.