اعترف وزير المالية مراد مدلسي بمحدودية ذكائه في التعامل مع ملف الخليفة، إلى درجة أنه لم يتخذ إجراءات صارمة عندما تلقى التقرير، مؤكدا في شهادته أمام محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة أن التساهل مع الخليفة بنك في تلك الفترة كان من باب تحفيز الدولة للإستثمارات وتشجيع رؤوس الأموال على الإستثمار في إطار الإصلاحات الاقتصادية. وأكد الوزير أن التقرير الذي أشيع بأنه اختفى من مكتبه لم يخرج من مبنى الوزارة ولم يَضِعْ، بل سلمه رفقة مجموعة من الملفات الحساسة التي كانت قيد الانتظار لرئيس ديوانه لدى مغادرته منصب وزير المالية، ولم يتوقف الوزير عند هذا الحد لإقناع هيئة المحكمة وذهب إلى حد القول "صدقوني، صدقوني، صدقوني التقرير لم يختف ولم يضع ولم يخرج من مبنى الوزارة". وصرح الوزير أمام هيئة المحكمة بأنه ليس فخورا بنفسه إزاء فضيحة الخليفة التي مرّغت سمعة الدولة الجزائرية في التراب، بل أنه يشعر بالخجل والاستياء. أعلنت رئيسة محكمة الجنايات أن بعض أعضاء اللجنة المصرفية رفضوا المثول كشاهدين أمام محكمة الجنايات، ويتعلق الأمر، حسبها، بالقاضي بن هونة، وتبعا لذلك التمست رئيسة المحكمة إصدار أمر بالضبط والإحضار في حق القاضي بن هونة محمد رشيد اليوم، على أقصى تقدير في حال عدم حضوره إلى المحكمة خلال ال 24 ساعة بدءا من يوم أمس، وهو الالتماس الذي أخذه النائب العام بعين الاعتبار، علما أن القاضي بن هونة هو واحد من أعضاء اللجنة المصرفية ببنك الجزائر. وبعدها استدعت رئيسة المحكمة وزير المالية مراد مدلسي من أجل التقدم إلى هيئة المحكمة للإدلاء بشهادته حول قضية الخليفة بنك. وقبل الشروع في توجيه الأسئلة له، قدم الوزير مدلسي ملفا يضم مجموعة من الوثائق التي قد تفيد المحكمة في قضية الساعة. وشرعت في توجيه الأسئلة له: - يشرّفنا حضوركم للإدلاء بشهادتكم، ونشكركم على حضوركم لتنوير العدالة، قدموا لنا أنفسكم؟ - - مراد مدلسي وزير حالي للمالية منذ شهر ماي 2005، وكنت سابقا وزيرا للمالية خلال الفترة الممتدة ما بين 2001 و2002. - هل لديكم علاقة عمل تربطكم أو كانت تربطكم مع أحد المتهمين أو المتابعين في قضية الخليفة، سواء علاقة عمل مباشرة أو غير مباشرة، أو علاقة قرابة؟ - - لا. - ومع عبد الوهاب كيرامان؟ - - نعم كانت تربطني به علاقة عمل باعتباره كان محافظا لبنك الجزائر. - إذن محكمة الجنايات لن تقدم لكم اليمين القانوني، وستستمع لشهادتكم على سبيل الاستدلال، قدمتم لنا وثائق منذ لحظات لإفادتنا، ونحن نشكركم على ذلك ونتمنى من سيادتكم رفع اللبس عن الكثير من الأمور الغامضة، سأطرح عليكم سؤالا، رده موجود في القانون. سؤالي: هو: ماهي العلاقة القانونية التي تربط وزارة المالية ببنك الجزائر؟ - - قدمت لكم منذ لحظات وثائق، أتقدم فيها بتصريح مكتوب للعدالة، وأعطي من خلالها المعلومات التي ستنور العدالة. - أستسمحك، الشهادة يجب أن تكون شفاهية وتلقائية وصادقة، وبالتالي استعمال الوثائق يكون لتبرير أمر ما، ولذلك نترك الوثائق لنهاية الاستجواب، من فضلكم سيدي الوزير، نود أن تجيبنا على أسئلتنا، وبعدها نعود للوثائق؟ - - نرجع إلى القوانين، القانون الأم في هذا المجال هو قانون النقد والقرض، وهو واضح في مواده، حيث أنه يحمّل مسؤولية إقامة وإنشاء المؤسسات المصرفية أو الترخيص لها بتعبير أدق، وكذا منحها الاعتماد ومراقبة نشاطها، بما في ذلك تحويل الأموال نحو الخارج لبنك الجزائر، وبالنسبة لتحويل الأموال للخارج الأمر يرجع للقانون المؤرخ في 1996 الذي يوضح كيف يتم تحويل الملف للعدالة، وهو التحويل الذي كان على عاتق وزير المالية. - هل وزارة المالية وصية على بنك الجزائر؟ - - كانت في السابق وصية، أي قبل 1990 يعني قبل صدور قانون النقد والقرض، وبعد إصداره أصبح بنك الجزائر هيئة مستقلة بذاتها، ولا توجد أي وصاية حكومية عليه، ولا حتى من وزارة المالية. - إذن الخلاصة هي أن بنك الجزائر يتمتع بالاستقلال الذاتي، لكن هناك بعض المواد القانونية المحددة جعلت تدخل وزارة المالية ضروريا، محكمتنا تلتزم بعدم الخوض فيما لا يخص الملف المطروح علينا وهو قضية الخليفة، ونلتزم بقرار الإحالة، لقد توليتم منصب وزير المالية من جوان 2001 إلى جوان 2002، أليس كذلك؟ - - نعم - خلال هذه الفترة كان بنك الخليفة ينشط ولم يحترم قواعد جوهرية ينص عليها قانون القرض والنقد والمحافظ لم يتخذ الإجراءات القانونية الضرورية، وهذا الأمر يخصه، لكن السيد تواتي بصفته نائبا لمحافظ بنك الجزائر قال في شهادته إنه سلّم تقريرا للأمين العام لوزارة المالية السيد عبد الكريم لكحل في 18 ديسمبر 2001، فكيف وصل هذا التقرير إلى الأمين العام للوزارة، ولم يصدر عن الوزارة بعد ذلك لا تعليق ولا ملاحظات لبنك الجزائر؟ - - أنا اطلعت على الملف بعد أن سلم لي، واطلعت على أمور عديدة فيه، وكان فيه جانب لا يهم وزارة المالية والبعض الآخر يهم وزارة المالية، وهو يتضمن بعض المخالفات لقوانين تحويل الأموال للخارج، ولاحظنا أنه لم يكن هناك احترام للقانون 96/ 22 الذي توضح مراسيمه التنفيذية بأنه إذا كان فيه مخالفة ما، تسجل المخالفة من طرف أعوان محلفين مؤهلين ويرسل المحضر إلى وزير المالية، لكن نحن لاحظنا أن الأعوان غير محلفين، لذلك التقرير لم يكن متطابقا مع القانون من الناحية الشكلية، لكن الكثير من المسؤولين تداولوا هنا للشهادة وصرحوا لكم بهذا الأمر المتعلق بالجانب الشكلي، وأنا سأركز في شهادتي على المضمون. المخالفات الكبرى المذكورة في هذا التقرير، ومنها التحويلات المالية التي كانت تتم لحساب خليفة آيروايز تعويضا لواجباتها على بعض الشركات التي أجّرت لها الطائرات، دون الحصول على رخصة من بنك الجزائر، ولما اطلعنا على التقرير تساءلنا عن الظروف القانونية، ولاحظنا أن القانون يمنح الصلاحيات لبنك الجزائر، وينص على أن عقود القروض التجارية، ليست عقود خدمات مالية، وعلى صاحب الأمر أن يطلب رخصة من بنك الجزائر؟ - إذن هناك خلل في المضمون؟ - - أؤكد لكم أنه فعلا بعدما وصل هذا التقرير في 18 ديسمبر 2001، وصلنا بعده ببضعة أشهر تقرير تكميلي في نفس السياق بعثه السيد تواتي نائب المحافظ للأمين العام لوزارة المالية، جاء فيه أن هناك أمورا جديدة بالنسبة للملف السابق، وهي أن بنك الجزائر يعترف أنه لم تكن هناك ضرورة تلزم بنك الخليفة بطلب تصريح مسبق من بنك الجزائر لتحويل الأموال من بنك الخليفة إلى الخليفة آيروايز ومنحها للشركات الأجنبية المدينة لها، وأوضح بنك الجزائر في تقريره التكميلي أن هذه الصفقات لا تتطلب تصريحات مسبقة، لكن هناك شرط إضافي وهو ضرورة الحصول على رخصة من بنك الجزائر، وحقيقة الرخصة كانت موجودة في الملف، إذن التقرير التكميلي الذي أرسله بنك الجزائر جاء بمعلومات تتنافى مع التقرير السابق، ولهذا لم يكن بالإمكان اتخاذ أي قرار. - وهل هذه هي الطريقة القانونية التي تتم بها مراسلة وزير المالية للتدخل، أي المرور عن طريق الأمين العام لكي تصل المراسلات إليك؟ - - سيدتي الرئيسة السيد المحافظ لم يراسلني بأي معلومات، ولو لمرة واحدة، لا بصفة مباشرة ولا بصفة غير مباشرة، كنا نتبادل التقارير والمعلومات المالية في مجالس الحكومة، لكن لم يراسلني أبدا بخصوص التقارير المتعلقة بالخليفة بنك، ولم يكلمني ولا مرة عن هذا التقرير. - وكيف كان مصير هذا الملف؟ وماذا اتخذتم من إجراءات؟ - - لاحظت هناك تغيرات في المراسلة التكميلية التي جاءتني بعد التقرير الأصلي، زيادة على أن التقرير الأصلي كان غير مطابق للقانون من الناحية الشكلية، فأبقيت الملف بمكتبي وعلى طاولتي بالتحديد، تركته في قائمة الإنتظار مع عدد آخر من الملفات التي كانت قيد الانتظار، ولما غادرت منصبي كوزير سلمت كل الملفات والتقارير التي كانت قيد الانتظار لرئيس الديوان، والملف التكميلي بقي على مستوى الأمانة العامة في مكتب سكرتيرتي الخاصة، وكان بالإمكان استرجاعه منها لو طلبه الوزير ترباش منها. ولما عينت مرة أخرى، في منصب وزير المالية طلبته منها آنذاك، فأخرجته وأعطته لي، مما يؤكد أنه فعلا كان موجودا هناك. - ولماذا لم يجده الوزير ترباش؟ - - لو سأل رئيس الديوان الذي بقي في منصبه، لسلم له الملف مباشرة، لأنه كان موجودا. - إذن، الملف سلمته مباشرة لرئيس الديوان قبل أن تغادر منصبك، ومادام ترباش جاء بعدك كوزير للمالية هل قلت له بأنك تركت عددا من الملفات قيد الانتظار عند رئيس الديوان؟ - - نعم. - إذن ليس هناك أي التباس، لكن السيد تواتي يقول إن المحضر الذي أرسلته مكتوب فيه تبعا للتقرير السابق، الذي كان يحمل عبارة "سري للغاية" وأنتم درستم التقرير كيف تفسرون أنكم لم تقدموا ردا للأمين العام، لكي يبلغه بنفسه لبنك الجزائر؟ - - الأمرية 96 - 22 واضحة، وهي تكلف وزير المالية بتقديم إجراءات إما باتخاذ تدابير على مستواه أو دفع الملف للعدالة، ولا تكلفه برد الجواب لبنك الجزائر. - بصفتكم وزيرا للمالية إذا أخبرتم بخروقات تتطلب تدخلكم، وكانت الجوانب الشكلية غير محترمة، ألا تتخذون الإجراءات القانونية والقرارات اللازمة لمجرد أن الجوانب الشكلية لم تحترم؟ - - أنا وزير جمهورية ولا أظلم الناس، وبودي أن أسجل أن التقرير أرسل للأمين العام من طرف نائب المحافظ وحوّل للوزير الذي هو وزيرا وليس خبيرا، هذا التقرير لم يحمل أي إشارة أو ملاحظة تفرض عليّ التحرك، وأنا أتحمل مسؤولية ما أقول تماما. - نحن محكمة، ونتكلم بالقانون، والقانون يخوّل لكم كوزير للمالية التدخل عند مخالفة حركة رؤوس الأموال، لماذا لم تقل لمسؤولي بنك الجزائر إن هذه النقاط ليست من اختصاصكم، بل هي من اختصاص بنك الجزائر؟ - - سيدتي الرئيسة، لو كلموني، لكنت كلمتهم، لكنهم ولا مرة واحدة كلموني عن التقرير، وبودي أن أنبهكم لأمر وهو أنه مادام أن بنك الجزائر من صلاحياته التدخل، كان بإمكانه أن يتدخل ويحدد الإجراءات على مستواه من خلال إلغاء التأشيرة الخاصة بالتجارة الخارجية لبنك الخليفة، بدليل أنه فعلها من قبل، نعم لقد سبق له أن اتخذ مثل هذا الإجراء ضد أحد البنوك سنة 1996، وكان بإمكانه أن يتخذه ضد بنك الخليفة، لكنه لم يفعل ذلك، ولقد سلمتك الوثائق التي تدل على ذلك في الملف الذي منحته لك قبل لحظات. - نعم، تابع - - أنا لست فخورا بنفسي، نعم أن لست فخورا كوزير للمالية، أقولها لك وأنا خجل من نفسي ومنكم كوزير للمالية، لأن بلدي سقطت سمعته في هذا الملف، لكن المعلومات التي قدمتها لك ستفيدك وهي تؤكد أن هذه العملية هي عملية مافياوية.. ولا يمكن غض النظر عن هذا، السيد ترباش اتخذ الإجراءات القانونية ولو كنت مكانه لفعلت نفس الشيء، محافظ بنك الجزائر كان لديه كل المعلومات عن بنك الخليفة، وكان بالإمكان أن يفيدنا أو يبلغنا. - إذن، من خلال محضر قاضي التحقيق الخاص بشهادتكم تقول إنكم اندهشتم لما لاحظتم أن أموال كل المؤسسات العمومية تصب في بنك الخليفة ولاسيما أموال المؤسسات الإدارية التابعة للدولة، بما في ذلك أموال الضمان الاجتماعي، ألم تتخذوا إجراءات معينة لمنع المؤسسات الإدارية من إيداع أموالها في البنوك الخاصة وفي بنك الخليفة بالتحديد؟ - - وجهت عدة إرساليات، حيث أنني طلبت من مصالح وزارة المالية إصدار مراسلات تمنع المؤسسات الإدارية التابعة للدولة من إيداع أموالها في البنوك الخاصة. - وأين هي هذه الإرساليات؟ - - سأحضر لكم لاحقا كل الإرساليات التي أصدرت في هذا الخصوص، وقد أصدرتها قبل مجيء ترباش كوزير، أي خلال الفترة التي كان فيها ترباش أمينا عاما بالوزارة، وبعد عودتي مرة أخرى، لم نتوقف عن إصدار هذه الإرساليات. - تقولون في محضر سماعكم إنكم استقبلتم عبد المومن خليفة في مكتبكم، لماذا حصل ذلك؟ - - نعم استقبلته. - وعلى ماذا دار الحوار؟ - - مادام أنه كان رئيسا مديرا عاما لبنك، وقد طلب مقابلتي وأتاني بمشكل كان يعترضه وهو أنه كان يفكر في فتح بنك في الخارج، وبالتحديد في ألمانيا، والبنك الألماني الذي كان يرغب في شرائه طلب منه إحضار اعتماد من الجزائر، أو وثيقة من بنك الجزائر، فجاء يطلب مني المساعدة، لأنه كان يعتقد أن وزارة المالية وصية على بنك الجزائر، لكنني قلت له يا أخي هذا ليس من صلاحيات وزير المالية ولا من صلاحيات وزارة المالية، بل هو من صلاحيات محافظ بنك الجزائر، وقلت له سأكلم المحافظ وأبلغه بالأمر، وفعلا كلمت المحافظ وبلغته، وذلك من باب اللباقة، وقد استغرق لقائي مع عبد المومن خليفة مدة 20 دقيقة لا غير وهي المرة الوحيدة التي استقبلته فيها. - كانت هناك 10 تفتيشات قام بها بنك الجزائر لبنك الخليفة، وقام على إثر ذلك بإعداد 10 تقارير تبين فيها بأن حتى المواد القانونية لإنشاء بنك لم تحترم من طرف عبد المومن خليفة، أي نشأة البنك لم تكن قانونية، فكيف تسمحون لأنفسكم سيدي الوزير باستقبال شخص لم يحترم القانون، وتتناقش معه حول مشاريعه، وأعلمكم في هذه النقطة يا سيدي الوزير بأن بنك الخليفة في تلك الفترة لم يحترم قرار تجميد التجارة الخارجية وأن عمليات تحويل الأموال للخارج استمرت بطريقة غير قانونية وهو ما نتأسف له؟ فهل لديكم ما تقولون؟ - - ليس لدي معلومات حول هذا الأمر، لأنني غير معني بفترة استمرار بنك الخليفة في تحويل الأموال للخارج، كما أن بنك الجزائر هو المسؤول على هذا الأمر. - ولكن لديكم مصالح مؤهلة للحفاظ على نظام الجمهورية وعليه كان من الواجب أن تتخذ هذه المصالح الإجراءات الضرورية لمتابعة الأشخاص الذين لا يحترمون القانون، وما وقع هو أن حتى طريقة مراسلة وزير المالية لم تكن قانونية، هل كان اللقاء بينكم وبين وزير العدل مستحيلا في تلك الفترة لتحليف أعوان مؤهلين ببنك الجزائر؟ - - منذ 18 شهرا، عدد الملفات التي فتحت كبير وكان قياسيا في تلك الفترة مقارنة بالسنوات التي سبقت، ونحن نأخذ على عاتقنا مسؤولية هذا الملف. - هل ترغبون في أن أناقش الملف الذي سلمته لي في الجلسة، فالقانون يلزمني بتسليم نسخة منه لأعضاء هيئة الدفاع؟ - - الملف فيه تصريح يتضمن شهادة مكتوبة. القاضية تسلم الملف لعدد من أعضاء هيئة الدفاع من أجل تمكينهم من إلقاء نظرة عليه، فيتبادلون واحدا واحدا في انتظار أن يستلموا نسخة منه. وتعود القاضية إلى توجيه الأسئلة للوزير الشاهد: - عندي سؤال أريد طرحه عليكم، لنعد إلى التقرير، لاحظتم عليه، أن نائب المحافظ يخاطب الأمين العام لوزارة المالية، ومن خلال ذلك يحاول الوصول لوزير المالية، أليس هذا خطأ، أليس هناك بروتوكولات لابد أن تحترم؟ - - سألت نفسي ولم أجد الجواب. الكلمة للنائب العام: - إذن الخلاصة أن التقرير لم يضع ولم يختف؟ - - لا، لم يختف، ليس هناك فائدة من إخفائه، والدليل أنهم عندما طلبوا نسخة عنه من بنك الجزائر أعطاهم بنك الجزائر النسخة. صدقوني، صدقوني، صدقوني ليس لي أسباب تدفعني لإخفاء الملف.. الملف بقي على طاولتي، ولما غادرت الوزارة في جوان 2002 سلمته لرئيس الديوان. - ورئيس الديوان لم يتغير بقي هو نفسه في منصبه؟ - - لم يتغير بقي في منصبه. القاضية تستعيد الكلمة من النائب العام وتسأل: br - وهل عندما سلمتم المهام للوزير ترباش أخبرتموه بالتقرير؟ - - لم أخبره بالتقرير تحديدا، بل أخبرته بأن كل الملفات التي كانت قيد الإنتظار حولتها لرئيس الديوان، ولم أحدد بالذكر ملف الخليفة. - وهل اتصل بك ترباش للسؤال عن الملف؟ - - نعم اتصل بي بخصوص التقرير وأبديت له ملاحظاتي بأن التقرير عام وشامل، ونفس الملاحظات وصل هو إليها بعد ذلك بناء على عمل لجنة مكلفة بذلك بعد 12 شهرا. - ألم يكن بإمكانكم اتخاذ الإجراءات التي اتخدت لاحقا؟ - - كلا، لأن الكلام فيما بعد كان مرتبطا بالمعلومات التي وصلت للحكومة بعد مغادرتي، وكانت معلومات ضخمة وثقيلة، جعلتها تتحرك لاتخاذ الإجراءات العقابية، وأنا أشرت للتقرير وكذلك أشرت للتقرير التكميلي، وإلى أن الملف لم يكن مركزا. - معنى هذا أن الملف بقي في الإنتظار؟ ورئيس الديوان لم يرد على تقرير بنك الجزائر؟ - - كان يمكن أن يعيد له التقرير، كما كان يمكن أن يرد عليه، لكن أنا لم يخطر على بالي أن أرد جوابا لبنك الجزائر، طالما أن القانون لا يلزمني بذلك. - ألم يكن بالإمكان أن تطلب من رئيس الديوان أن يرد على بنك الجزائر؟ - - لو كنت ذكيا، أو أذكى بقليل ربما كنت سأتصرف بصرامة أكثر، لكنني لم أكن ذكيا. - الإصلاحات تأمر المؤسسات الإدارية العمومية ذات الطابع الإداري أن تودع أموالها في البنك المركزي، ألم توجهوا مراسلة في هذا السياق للمؤسسات العمومية أو للخزينة؟ - - وجهت عدة مراسلات لمصالحي، وأنا شاهد على مجهود وزارة المالية في الفترة التي كنت فيها وزيرا للمالية وفي الفترة التي سبقتني والفترة التي بعدي، الوزارة قامت بالمجهودات اللازمة. يتدخل النائب العام ويسأل الوزير: - يا هل ترى، استقبلتم عبد المومن خليفة قبل أم بعد أن تلقيتم التقرير الذي أرسله تواتي؟ - - عبد المومن خليفة جاءني وقال لي بالحرف الواحد إنه ذهب والتقى محافظ بنك الجزائر وطلب منه الاعتماد لفتح بنك بألمانيا وذلك في 21 أكتوبر، لكن المحافظ لم يرد عليه، حسب ما أخبرني به عبد المومن، لذلك جاء إلي معتقدا أنني كوزير للمالية أملك سلطة على المحافظ وبالإمكان أن أساعده، وأنا كلمت المحافظ من باب اللباقة، وقال لي المحافظ إنه فعلا استقبله في 21 أكتوبر وقال له غير ممكن منحه الاعتماد. القاضية تستعيد الكلمة مرة أخرى من النائب العام. - هل استقبلت عبد المومن خليفة قبل أم بعد وصول التقرير؟ - - قبل وصول التقرير، التسلسل واضح سيدتي الرئيسة، ولو كنت أعلم بالتقرير ما كنت سأستقبله. - الوزير ترباش صرح أنه لما سئل من طرف رئيس ديوان الحكومة، بحث عن التقرير وكوّن لجنة أعدت ملاحظات منها أن التقرير لم يكن ممضيا من صاحبه، فكيف تدرسون تقريرا غير ممضى؟ - - أنا درسته وأخذت لبه، لأنه تقرير هام. الكلمة لهيئة الدفاع: أحد المحاميين يسأل الوزير مدلسي؟ - لماذا رخصتم لعبد المومن خليفة بإنشاء البنك منذ البداية وتعاملت معه مختلف هيئات الدولة؟ - - كانت مرحلة إصلاحات في بلادنا، وكنا نشجع الإستثمار، ونشجع رؤوس الأموال الجديدة، وعبد المومن خليفة جاء يستثمر، وكان من واجبنا أن ندعمه ونشجعه، لكن للأسف نيته كانت سيئة ورأسماله لم يكن حقيقيا. دفاع آخر يسأل: - هل المسؤولية الإدارية تعتبر قائمة بالنسبة للناس الذين كانوا مسؤولين في تلك الفترة ولم يتصرفوا؟ - - أنا بحثت عن القوانين وبعد رجوعي لوزارة المالية بحثت أكثر، واطلعنا على عدة قوانين كانت فاعلة وتمنع بصريح العبارة مباشرة أي مؤسسة إدارية عمومية من إيداع أموالها في بنك خاص، وتأمرها بإيداع أموالها في الخزينة وقانون المالية لسنة 2000 واضح في هذه النقطة، وبعدها جاء مرسوم 84 حول طرق التنفيذ، وإذا سجلت أو لوحظت محاولة من طرف هذه الهيئات الإدارية لسحب أموالها من الخزينة وإيداعها في بنك خاص يجب التدخل فورا واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لمنعها، ومع ذلك لم يتم التدخل، رغم أن القوانين واضحة. دفاع آخر يسأل: - هل بالإمكان أن توضحوا لنا لماذا اعتبرتم هذا الملف حساسا؟ - - لأن مجموعة الخليفة كانت تتطور، ولأنها نقطة الارتباط بين وزارة المالية وبنك الجزائر، كما أن الأمور بشأن هذا الملف لم تكن واضحة وكان لابد من دراسته وتغذيته. دفاع آخر يتدخل: - لماذا لم تؤخذ الإجراءات الصارمة من طرف المدير العام للخزينة التابع لوزارة المالية والذي كان يتعامل مباشرة مع بنك الجزائر؟ - - أقترح عليكم توجيه هذا السؤال لمدير الخزينة، ثم أنا لما كنت وزيرا في تلك الفترة كان مدير الخزينة تحت وصاية الوزير المكلف بالخزينة والإصلاح المالي وهو عبد النور كيرامان، وليس تحت وصايتي. دفاع آخر: - لماذا لم يتم تحويل الملفات مباشرة للوزير ترباش عند تسليم المهام، لماذا سلمتها لرئيس الديوان؟ - - من باب التحول من الحسن إلى الأحسن، ثم إن عملية تسليم المهام بين وزيرين سريعة، كما أنني وضعت نفسي تحت تصرف الوزير ترباش بعد أن غادرت الوزارة، والدليل أنه اتصل بي. - وماذا جاء في التقرير التكميلي؟ - - ملاحظات هامة حول الخليفة آيروايز. وهنا يتدخل المحامي خالد برغل ويسأل: - سيدي الوزير، أنتم أول وزير في الجزائر يعترف بأنه ليس فخورا بنفسه بسبب هذه القضية، وبأنه يشعر بالأسى والحسرة، وأنا أعتز بهذا الشعور، وأتمنى أن وزراء الجمهورية يتخذون قرارا أشجع من هذا (وكأنه يلمح لشيء ما) ثم يضيف وهياكل الدولة ممثلة في بنك الجزائر خلال تلك الفترة عاجزة عن توقيف وتحويل الأموال طيلة سنة بأكملها، هل هذه المسؤولية تتحملها الدولة أم يتحملها المواطنون؟ - - كل واحد يتحمل مسؤولياته، وسيتم تفادي هذا مستقبلا، لأنها تجربة استفدنا كثيرا منها. - صرحتم من منصبكم كوزير للمالية ذات مرة أن البنوك الجزائرية خطر على أمن الدولة، أليس هذا خطر على أمن الدولة؟ - - ليس لدي تعليق، هذا تصريح هامشي أدليت به ذات مرة في قضية تتعلق بالتسيير، ولا يخص الخليفة. - البنوك العمومية أودعت أموالا في بنك الخليفة، كيف سمحتم بذلك؟ - - هذا صحيح، والقانون لا يمنع البنوك العمومية والخاصة من التعامل فيما بينها، وإيداع الأموال في بعضها البعض، الأمر ليس له علاقة باتفاق خاص بين بنكين، بل كل البنوك يحق لها ذلك. - في ديسمبر ونوفمبر 2001 تم دق جرس الإنذار، ألم يكن ذلك كافيا، خاصة وأن 15 مليون أورو ذهبت هباء للسبونسور لصالح الفرق الرياضية؟ وحتى في الخارج؟ - - السوق الموازية للعملة الصعبة مكّنت الخليفة بنك من الحصول على العملة الصعبة، التي تم تحويلها للخارج، ونحن نحترم تنظيم هذا الأمر مستقبلا، من خلال إجراءات صارمة سيتم اتخاذها لوقف السوق الموازية للعملة الصعبة. الكلمة للنائب العام - تتكلم عن المسؤولية وكل واحد ومسؤولياته، لكن مسؤوليات الدولة قائمة، هذه ملاحظة أقدمها، هل تقصدون من خلال تصريحاتكم التي أدليتم بها قبل قليل أن عبد المومن خليفة استغل ظروف البلاد وتشجيع الدولة للإستثمار الخاص للقيام بتلك الخروقات، خاصة وأنكم كنتم تقدمون كل التسهيلات والامتيازات للإستثمار؟ - - أكيد، فالنظام كان يحفز الاستثمار في تلك المرحلة، وكان يمكن أن يستفيد ألف مستثمر من هذه الامتيازات والتحفيزات وكان ممكن جدا أن يغتنم واحد منهم الفرصة لأغراض أخرى، لكن نحن درسنا قضية الخليفة بدقة بعد أن انفجرت وسنستفيد منها والدليل أننا استفدنا منها كثيرا حتى الآن، والكثير من القوانين تغيرت بفضل ما تعلمناه واعتبرنا منه فيما يتعلق بالخليفة. يتدخل ثلاثة أو أربعة محاميين، غير أن رئيسة الجلسة ترفض أسئلتهم جميعا، لأن الوزير الشاهد كان قد رد عليها من قبل، وهنا تقاطعهم القاضية، لا ترددوا الأسئلة التي طرحت ولا تكثروا من الأسئلة، لأن هناك وزير آخر ينتظر في الغرفة الخلفية، وعلينا أن نستمع له، دعونا نربح القليل من الوقت. وهنا تشكر الوزير على شهادته وترفع الجلسة لبضع دقائق من أجل الراحة، على أن تستأنف من جديد من خلال استدعاء الوزير ترباش. في حدود الساعة ال 11 و40 دقيقة، تشكر رئيسة المحكمة الوزير الشاهد، تسمح له بالانصراف، وترفع الجلسة لبضع دقائق من أجل الراحة، ثم تعود لتستدعي الوزير المنتدب المكلف بالإصلاح المالي السيد جودي عبد الكريم. يتقدم جودي من هيئة المحكمة وتشرع القاضية في توجيه الأسئلة له. - قدموا أنفسكم لهيئة المحكمة؟ - - كريم جودي، وزير مكلف بالإصلاح المالي، وكنت مديرا عاما للخزينة بوزارة المالية. - هل لديكم علاقة عمل مباشرة أو عائلية مع أحد المتابعين في الخليفة بنك؟ - - لا - هل سبق وتعاملتم مع عبد الوهاب كيرامان؟ - - هو كان وزيرا مكلفا بالخزينة وأنا مدير عام الخزينة. - إذن، علاقة العمل واردة وعليه محكمة الجنايات لن توجه لكم اليمين القانونية، هل بإمكانكم توضيح لنا مهامكم بين سنة 2000 وسنة 2003؟ - - كنت المدير العام للخزينة، مهامي أساسا تسيير خزينة الدولة، والديون الداخلية والخارجية للدولة. - تكلمتم في محضر شهادتكم عن تشكيل لجنة، هل بالإمكان أن تحدثونا عنها؟ - - في نوفمبر 2002 قمنا بتنصيب لجنة بأمر من الأمين العام لوزارة المالية، في عهد الوزير ترباش محمد لما كان وزيرا للمالية. - وماذا لديكم تقولونه له حول الاجتماع الذي قمتم به؟ وماذا اتخذتم من إجراءات؟ - - قمنا بمحضر ووصفنا فيه ملاحظات حول الخروقات. - هناك ملاحظات أبداها السيد تواتي تؤكد على وجود خروقات أو عدم احترام أوامر أخرى ماعدا قضية الصرف، هي من اختصاص بنك الجزائر، فماذا كان الهدف من مراسلة وزير المالية بأمور لا يحق له قانونا التدخل فيها؟ - - ليس لدي دخل في عمل المحافظ، وزير المالية قام بمهمته، حسب ما ينص عليه القانون. - في 1999، كنتم على رأس الخزينة العمومية؟ - - نعم. - وكانت هناك عملية تفتيش على مستوى بنك الخليفة انتهت إلى ملاحظة عدة مخالفات، ومنها عدم إيداع الخليفة للمبلغ اللازم في الخزينة مقابل إيداع بنك وهو ربع الخمس الذي يفترض أن يصل إلى الخزينة العمومية، ألم يتصل بكم المحافظ للتأكد إذا ما كان أصحاب بنك الخليفة قد أودعوا هذا المبلغ؟ - - لا، لم يتصل. - رغم أنه كان بإمكانه؟ - - نعم. - هل تم إخباركم بأي خروقات ببنك الخليفة ولو بطريقة شكلية أو لمجرد الإعلام؟ - - لا الكلمة للنائب العام: - لما كنتم مديرا عاما للخزينة العمومية بوزارة المالية وتم تشكيل لجنة من ثلاث مديريات بوازرة المالية وبنك الجزائر لدراسة التقرير المؤرخ في 18 ديسمبر 2001، هل مثلتم المديرية الخاصة بشخصكم؟ - - نعم. - مدلسي أعطى تعليمات بضرورة أن تضع المؤسسات الإدارية الأموال في الخزينة العمومية، فهل راسلتم المؤسسات الإدارية لتخبروها بذلك، وأن لا تودعها في البنوك؟ - - نحن لا نتدخل في تسيير هذه المؤسسات، هناك مواد في قانون المالية لسنة 2002 تأمر هذه المؤسسات بإيداع أموالها في الخزينة العمومية، وهذه المؤسسات الإدارية تعلم أن عليها احترام هذه المادة القانونية. - هل طلب منكم محافظ بنك الجزائر تحرير رأسمال البنك؟ - - لا، أبدا. - ماهي خلاصة دراسة وزارة المالية للتقارير المتعلقة بالخليفة، وماذا اقترحت على الوزير؟ - - اللجنة درست الملف، وسجلت الخروقات والملاحظات، أنا لم أشارك ولكنني أعلم مهام اللجنة، وكان هناك مفتشون في بنك الجزائر، لكنهم ليسوا محلفين، ولذلك فهم غير مؤهلين لتحرير محضر لإيداع دعوى قضائية. - لماذا لم يحلفوهم طيلة تلك الفترة الممتدة من 1996 إلى غاية 2001؟ - - ليس لدي إجابة. القاضية تستعيد الكلمة: - هل ترى أن اللجنة قامت أولا بتدارك الشكل ثم تنتقل لصلب الموضوع؟ - - اللجنة كانت مهامها تسجيل النقائص والملاحظات، والشكل واحد من هذه النقائ