خلصت رئيسة محكمة الجنايات بالبليدة، القاضية فتيحة ابراهيمي، بعد سماعها لوزير المالية سابقا وحاليا مراد مدلسي كشاهد، إلى أن التقرير الذي أرسله نائب محافظ بنك الجزائر، علي تواتي، إلى الأمين العام لوزارة المالية عبد الكريم لكحل، لم يكن تقريرا رسميا يمكن الإعتداد به، واعتبرته مجرّد مبادرة من نائب المحافظ، بينما كانت تعلق على سؤال لأحد أعضاء هيئة الدفاع قام بتوجيهه للوزير المنتدب لدى وزير المالية المكلف بالإصلاح المالي والبنكي، كريم جودي. غير أن ما أثير حول مصداقية "التقرير اللغز" لم ينقص من أهميته في قضية محاكمة المتهمين في الصندوق الرئيسي لبنك الخليفة، بحيث أخذ نصف يوم كامل تمّ فيه الاستماع لكل من وزير المالية مراد مدلسي، الذي استفاض في حيثيات هذا التقرير على عكس الوزير السابق للمالية محمد ترباش الذي كان متحفظا، الأمر الذي أسقطه (مدلسي) في بعض التصريحات، وضعته في خانة المقصّر في نظر من كان حاضرا في القاعة، لاسيما عندما قال ردّا على أحد أسئلة رئيسة المحكمة "لو أعطاني الله الذكاء أكثر، لتعاملت مع تقرير بنك الجزائر بعناية أكبر على الرغم من النقائص الشكلية والموضوعية التي تضمنها". وقد بدا مدلسي وهو يدلي بشهادته صبيحة أمس، أكثر تجاوبا مع أسئلة هيئة المحكمة وقال "لقد تلقيت التقرير من دون تعليق ولا ملاحظات، وتبيّن من خلال تصفحي له أنه لا يهم وزارة المالية في الكثير من جوانبه، باستثناء الجانب المتعلق بحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج في معاملات بنك الخليفة". وبرّر مدلسي عدم اتخاذ إجراءات صارمة بناء على ما جاء في التقرير بعدم مطابقته لما تضمنه قانون القرض والنقد 90 10، الذي يؤكد بأن أي محضر يجب أن يقيّد من قبل أعوان محلفين، فضلا عن عدم إرساله مباشرة إلى وزير المالية، ومما زاد من شكوكي، يضيف مدلسي، هو أنني التقيت محافظ بنك الجزائر أنذاك محمد لكساسي، غير أنه لم يحدثني في الموضوع. من جهة أخرى، نفى مدلسي أن يكون التقرير قد تعرّض للإتلاف، وقال "أبقيت على التقرير في مكتبي رفقة الوثائق المهمة، وعندما انتهت مهمتي على رأس الوزارة، قمت بتسليمه لرئيس الديوان". وأضاف مدلسي مستنكرا، "ليس في التقرير ما يدين وزارة المالية حتى تخفيه"، مشيرا إلى أنه هاتف محمد ترباش بعد توليه منصب وزير المالية، ليؤكد له بأن الملفات المهمة توجد على مستوى رئاسة الديوان، في حين أن التقرير التكميلي، تمّ تركه كما قال، مدلسي، على مستوى أمانة مكتب الوزير وهي لازالت في هذا المنصب، وبالإمكان التحقق لديها. وفي سياق متصل، نفى مدلسي أية مسؤولية له في إيداع أموال صناديق الضمان الإجتماعي لدى بنك الخليفة، وقال: لقد أخطرني مدير ديوان وزارة المالية في نهاية سنة 2001 بقيام صندوق الضمان الإجتماعي بإيداع أمواله في بنك الخليفة، بعد سحبها من البنك الوطني الجزائري. وأشار إلى أنه بحث في الموضوع بشكل مستفيض، غير أنه لم يجد ما يمكن أن يقود إلى تسجيل خروقات قانونية، مؤكدا بأن ما تمّ الوصول إليه لا يتعدى تعليمة وزارية تعود إلى مرحلة ما قبل الإصلاحات الإقتصادية، تلزم المؤسسات العمومية بإيداع أموالها في الخزينة العمومية، وحينها يضيف وزير المالية، كلفت المدير العام للخزينة بإصدار تعليمة تشدّد على ضرورة الإلتزام بهذه التعليمة في مجال إختصاصاتها. البليدة: محمد مسلم : [email protected]