يبلغ عدد المتهمين الموقوفين حاليا في إطار محاكمة المتورطين في قضية "الخليفة" 34 شخصا، أغلبهم أرباب عائلات، وهناك من لديه أحفاد أيضا، ويحضر من أقاربهم الجلسة غالبا الأشقاء، الشقيقات، الخالة أو الوالد، ونادرا الأم أو الزوجة، حتى ما لاحظناه طيلة أيام المحاكمة التي تدخل اليوم أسبوعها الرابع، وسجلنا سؤال أغلبهم عند الالتحاق صباحا بقاعة الجلسات، عن أبنائهم الصغار خاصة، مع إرسال "قبلات طائرة" عند انصرافهم مساء. ويحق لأقرب أفراد العائلة زيارتهم كل يوم جمعة، بناء على ترخيص اتصال مسبق، لكن لا يكونون مرفوقين في الغالب بالأطفال لزيارتهم في المؤسسات العقابية، ويفضل هؤلاء عدم إبلاغهم بالموضع الحقيقي لأبنائهم، لنجنبهم صدمة، مما يضطرهم ل "الكذب" عليهم والادعاء أنهم خارج الوطن في سفر طويل، خاصة بالنسبة للمتهمين الذين تم توقيفهم حديثا في إطار الأمر بالقبض الجسدي عند انطلاق المحاكمة. ما أثارنا خلال متابعتنا لهذا الجانب من القضية، هو حضور أفراد متهمين من الخارج أغلبهم مغتربين مقيمين بفرنسا منذ سنوات، وتربطهم علاقة أخوة بالمتهم، وهم غالبا "الأخت"، إضافة إلى "خالة" أحد المتهمين "م. أ" التي تحضر بانتظام جميع الجلسات، وتأتي مبكرا وهي آخر من يغادر القاعة، وسجلنا مساعيها لرفع معنويات ابن أختها التي تعذر عليها الحضور بسبب إصاباتها بكسر على مستوى قدمها، حيث تمطره عن الحضور والانصراف بالقبلات عن بعد، وحثه على التحلي بالقوة والشجاعة، هي امرأة في الخمسين، لا تغادر الابتسامة وجهها. في سياق متصل، علمنا أن أحد المتهمين الموقوفين "م.أعمر" فقد زوجته سنة 2003، بسبب إصابتها بداء سرطان الكبد، وتعذبت المرأة كثيرا، حسب شقيقة زوجها التي كانت تتكفل بعلاجها بفرنسا قبل أن ترحل، مخلفة وراءها طفلين، فاروق "6 سنوات" وليديا "10 سنوات" يقيمان حاليا عند جدتهما من أبيهما التي يتجاوز عمرها 80 عاما، يدركان أن والدتهما رحلت إلى السماء "عند ربي" كما تنقل عنهما عمتهما، لكنهما يجهلان حقيقة والدهما، واستيقظا ذات صباح، دون أن يجداه ورحل عنهما في ظروف صعبة ؟؟؟؟ يتجاوزاها، بعد توقيف أشهر فقط بعد وفاة زوجته، وتم إقناع الطفلين بأنهما في فرنسا، سافر هناك للعمل. وكانت شقيقته تقوم بانتظام بإرسال الهدايا واللعب إليهما مدعية أن "بابا" هو الذي بعثها وأرسلها لهما، "ليديا" تسأل دوما بذكاء، لماذا لا يتصل بهما هاتفيا، ويقول فاروق إنه يفتقده، وكثيرا ما بكى الصغيران بحرقة، شوقا على ما بقي لهما من الأسرة التي تفككت دون سابق إنذار. أبناء المتهمين الموقوفين يواجهون نفس الأوضاع والظروف بسبب غياب الأب، حتى ولو كانوا كبارا، أولاد المتهم "ر.عمر" يعترفون بمخاوفهم من إصابة والدهم بجلطة قد تعجل برحيله بسبب تقدمه في السن وتعقد حالته الصحية، ورغم متابعته من طرف طبيب المؤسسة العقابية ومراقبته من طرف أطباء الحماية المدنية في مجلس قضاء البليدة، إلا أن أبناءه يتسارعون، عند استئناف الجلسات بحثا عنه، ولا يطمئنون إلا عند دخوله من الباب، بخطى بطيئة، شاحب الوجه، من جهته ألح شقيق المتهم "ن. حمو" على أنه موقوف ولا يوجد في حالة فرار، ألح على توضيح الأمر، هو شاب لم يتجاوز الثلاثين، لكنه يحضر يوميا لرؤية شقيقه ولو من بعيد، عند وقت الجلسة، يتصلون بأهاليهم لنقل آخر الأخبار. محكمة البليدة: نائلة. ب: [email protected]