وسط أجواء يسودها التفاؤل والتشاؤم، اجتمع الفرقاء الفلسطينيون "فتح وحماس" مساء أمس الثلاثاء، في مكةالمكرمة لاستكمال الحوار المتعثر بينهما حول تشكيل حكومة وحدة وطنية ولوضع حد لحالة الفوضى والاقتتال الداخلي، لاسيما في ظل العدوان الإسرائيلي، الذي يتعرض له المسجد الأقصى.. وقد تزامن هذا اللقاء مع اعتصامات نظمت في الداخل والخارج تدعو قيادات الحركتين إلى تحمل مسؤولياتهما والخروج بنتائج عملية تنهي الأزمة للفلسطينية.. مثّل فتح في اللقاء الذي يرعاه العاهل السعودي، عبد الله بن عبد العزيز، كل من رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس ومستشاره الإعلامي نبيل عمرو، ورئيس كتلة فتح في التشريعي عزام الأحمد، وعضو المجلس التشريعي محمد دحلان، ود. صائب عريقات، وسمير المشهرواي، وابو ماهر حلس، وروحي فتوح... في حين مثلت حركة حماس في اللقاء المغلق والذي يفترض أن يستمر حتى اليوم الأربعاء، برئيس مكتبها السياسي، خالد مشعل وعضو المكتب السياسي للحركة موسى أبو مرزوق. فيما مثل الحكومة رئيس الوزراء إسماعيل هنية، ووزير الخارجية د. محمود الزهار.. مع العلم أن سلطات الاحتلال منعت بعض الوزراء من الالتحاق بوفد الحكومة، كما قامت بغلق معبر رفح البري. وقد عبر المسؤولون في الحركتين عن إدراكهما لصعوبة المهمة التي تنتظرهما، لكنهم تعهدوا بالتوصل إلى اتفاق خلال هذا اللقاء الذي وصف بلقاء الفرصة الأخيرة، وقد اعترف رئيس السلطة محمود عباس "أبو مازن" أن فشل هذا اللقاء سيكون معناه فتح الباب أمام حرب أهلية، وقال إن كلمة الفشل ممنوعة، لكنه أضاف في حوار لصحيفة "الأخبار" اللبنانية قائلا إنه "معني بشكل كبير في التوصل إلى اتفاق شامل مع حركة حماس على قضايا مهمة عديدة أبرزها تأليف حكومة وحدة وطنية تلبي الشروط والشراكة السياسية الحقيقية والعمل معا على كسر الحصار المالي على الحكومة والشعب الفلسطيني والتحريم الفعلي للاقتتال الداخلي".. أما نبيل عمرو، المستشار الإعلامي لعباس، فقد أكد في تصريح صحفي أن البديل عن لقاء مكة سيكون الذهاب مباشرة إلى انتخابات مبكرة، وعندها ستكون حجة رفض أي طرف للانتخابات ضعيفة ومرفوضة، في إشارة إلى حماس.. من جانبه، أقر رئيس الوزراء اسماعيل هنية في تصريحات صحفية وهو في طريقه إلى السعودية أن هناك ملفات كثيرة وشائكة ومعقدة تنتظر الفرقاء، لكنه تعهد "ببذل كل جهد للتوصل إلى اتفاق فلسطيني حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية على أساس قاعدة وثيقة الوفاق الوطني". وأعرب هنية في ذات التصريح عن تفاؤله بإمكانية التوصل إلى اتفاق "يضمد الجراح ويعزز وحدتنا ويرسخ الشراكة السياسية ويعيد من جديد بوصلة شعبنا تجاه معركته مع الاحتلال"... كما دعا أبناء الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الاستمرار في الهدوء وتجنب مظاهر الاحتقان مجددا.. وكان رئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل قد أكد أن "الوضع لا يحتمل الفشل"، وهو التصريح الذي قوبل بترحيب من رئيس السلطة محمود عباس.. وفي خطوة تهدف الى تعزيز فرص التهدئة توصلت حركتا فتح وحماس مساء الإثنين، بوساطة الفصائل الفلسطينية؛ إلى اتفاق للإفراج عن المختطفين من الجانبين. تجدر الإشارة الى أن الحوار بين حركتي فتح وحماس حول تشكيل حكومة وحدة وطنية كان قد مني بالفشل في السابق بسبب تضارب المواقف بين الطرفين، وهو ما جعل رئيس السلطة أبو مازن يدعو الى انتخابات مبكرة وصفتها حماس بأنها محاولة للانقلاب على الحكومة التي يقودها، اسماعيل هنية.. وقد اتفق الطرفان خلال جولات الحوار السابقة إلى اتفاقات هدنة قصيرة الأجل سرعان ما انتهكت وعاد الطرفان إلى الاقتتال السياسي والمسلح والذي خلف مؤخرا حوالي 80 قتيلا . وتأتي المبادرة السعودية لجمع الفرقاء الفلسطينيين في ظل استمرار حكومة حماس رفض حكومة وحدة وطنية تعترف بإسرائيل، وفي ظل رفض فتح ورئيسها محمود عباس بشكل خاص لحكومة وحدة وطنية لا تلتزم بشروط الرباعية ولا تعتراف بإسرائيل والإقرار بمفاوضات السلام المؤقتة التي أبرمتها السلطة مع إسرائيل عام 1993.. ويرى المراقبون أن المملكة العربية السعودية، بثقلها الإقليمي وبعلاقتها الوثيقة مع الولاياتالمتحدة ما كانت لتتدخل وتعرض وساطتها بين فتح وحماس لو لم تكن واثقة من قدرتها على فرض حلا ما يرضي طرفي النزاع، وفي رده على رسالة وجهتها له الجالية الفلسطينية في السعودية، أعرب العاهل السعودي عن أمله في أن يتوصل اللقاء إلى"اتفاق ملزم يضع حدا للعنف بين الفلسطينيين". وتقول حركة فتح على لسان عزام الأحمد وهو مساعد كبير لرئيس السلطة أن محادثات مكة تهدف إلى إقناع حماس بقبول برنامج منظمة التحرير الفلسطينية، مؤكدا في تصريح صحفي له أن احترام حماس لاتفاقات منظمة التحرير لن يطالب رباعي الوساطة بعد ذلك الحركة الإسلامية بالاعتراف بإسرائيل... الجبهة الديمقراطية تطالب بحل المجلس التشريعي إذا فشل لقاء مكة دعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين المجلس التشريعي الفلسطيني إلى الاستقالة وإجراء انتخابات مبكرة في حال لم تتوصل حركتا فتح وحماس إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية. وقال قيس عبد الكريم عضو المكتب السياسي والنائب في المجلس التشريعي في مؤتمر صحافي أمس الثلاثاء، في رام الله "إذا لم يخرج لقاء مكة بين الرئيس عباس ومشعل عن اتفاق، فإننا ندعو بأن يعيد المجلس التشريعي الأمانة إلى ناخبيه، ويعلن أنه مشلول وغير قادر على حمل الأمانة، وندعو إلى انتخابات مبكرة لحل الازدواجية في السلطة.. المجلس بكل قوائمه الانتخابية وبكل نوابه مطالب بهذا الحل الذي يؤكد مصداقيته ومصداقية نوابه". من جهته، طالب المجلس التشريعي في بيان له، ممثلي حماس وفتح الذين توجهوا للحوار في مكةالمكرمة "بأن تكون نواياكم وإرادتكم وقراركم صادقا وجديا، ومستجيبا لإرادة شعبكم في حقن دماء أبنائنا والوصول إلى اتفاق". وقال نائب رئيس المجلس حسن خريشة، وبحضور ممثلين عن كافة القوى ومن بينهم نواب حماس "نطالب المجتمعين بالخروج باتفاق حول شراكة سياسية حقيقية ممثلة بحكومة وحدة وطنية". القسم الدولي