كشفت مصادر إعلامية أن طائرة عسكرية جزائرية قد تعرضت أول أمس لهجوم، بينما كانت تتهيأ للهبوط في مطار العاصمة الصومالية مقديشو وهي تحمل على متنها جنودا أوغنديين ومعدات عسكرية إلى قوات حفظ السلام الإفريقية العاملة بالصومال، وحسب جريدة الشرق الأوسط اللندنية في عددها الصادر أمس فإن جماعة مسلحة صومالية تدعى "حركة المقاومة الشعبية في بلاد الهجرتين" قد تبنت عملية الهجوم على الطائرة الجزائرية بحجة معارضتها لأي تدخل إفريقي في الشؤون الداخلية الصومالية. ورغم أنها هذه الجماعة تبنت صراحة الهجوم على الطائرة الجزائرية، إلا أن المتحدث باسم قوات حفظ السلام الإفريقية قال أن التحقيقات جارية لمعرفة ملابسات الحادث، في الوقت الذي أشارت إليه بعض التقارير أنه تم تحويل مسار الرحلات من مطار العاصمة مقديشو إلى مطارات أخرى، لأن الطائرة الجزائرية المحترقة لاتزال جاثمة في وسط المدرج ولم تتمكن سلطات المطار من تحريكها من مكانها. وفيما يخص الطائرة الجزائرية حسب ما ذكر المصدر ذاته فهي طائرة شحن من نوع "اليوشين 76" روسية الصنع، وهي تابعة لسلاح الجو الجزائري، شبت فيها النيران وهي تتأهب للنزول على أرضية مطار مقديشو، تكون قد أصابتها نيران وجهتها لها جماعة حركة المقاومة الشعبية في بلاد الهجرتين القريبة من تنظيم المحاكم الإسلامية في الصومال، حيث كانت طائرة اليوشين 76 الروسية الصنع قد شبت النيران في الجزء الخلفي منها الذي تصاعدت منه أعمدة الدخان، لكن حسب مراسل "الشرق الأوسط" من مقديشو فإن رجال الإطفاء تمكنوا من إخماد النيران بعيد اشتعالها في الطائرة في حين نجا جميع من كان فيها سواء من الجنود الأوغنديين أو من طاقم الطائرة الجزائريين. وعلى صعيد آخر أكد المتحدث باسم قوات حفظ السلام الافريقية بادي أنكوندا في تصريحات صحافية أنه لم يصب أحد من طاقم الطائرة والجنود الأوغنديين الذين كانوا على متنها، مشيرا إلى أن الطائرة أقلعت من مطار عنتيبي في أوغندا وتحمل معدات عسكرية للوحدة الأوغندية العاملة في الصومال ضمن قوات حفظ السلام الافريقية، يحدث هذا في ظل تصاعد الهجمات ضد القوات الأوغندية منذ بدء وصولها إلى مقديشو منذ ثلاثة أيام، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها المسلحون عن ضرب طائرة تابعة لقوات حفظ السلام الافريقية، ولسوء الحظ كانت طائرة جزائرية تعتبر كمساهمة من الجزائر في جهود القوات الإفريقية لحفظ السلام بالصومال. وعن كيفية إصابة الطائرة الجزائرية من طرف مسلحي تنظيم حركة المقاومة الشعبية في بلاد الهجرتين وهي إحدى الجماعات المعارضة للتدخل العسكري الإفريقي في الصومال، فإن رواية التنظيم جاءت في بيان له وزعته في مقديشو وتناقلته مواقع على شبكة الإنترنت مقربة من المحاكم الإسلامية، وتقول هذه الرواية أن صاروخين أطلقهما مقاتلو الحركة أصابا جسم الطائرة عندما كانت تهبط في مطار مقديشو، هذه الرواية لم يستبعدها المتحدث العسكري باسم قوات حفظ السلام الإفريقية، الذي أشار في تصريحاته أمس الأول إلى فرضية الهجوم على الطائرة من قبل الجماعات الرافضة للتدخل العسكري الإفريقي في الصومال، قائلا في الوقت نفسه أن التحقيقات جارية لمعرفة ملابسات الحادث وليس بإمكانه ترجيح فرضية على أخرى حتى ظهور النتائج. وتجدر الإشارة إلى أن الجزائر سبق لها وأن أعلنت عن وضع اثنتي عشرة طائرة تحت تصرف الاتحاد الإفريقي لنقل قوات حفظ السلام الذي يعتزم الاتحاد نشرها في الصومال، حيث أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي شارك خلال شهر جانفي في أعمال قمة الاتحاد الإفريقي بأديس أبابا اقترح وضع 5 طائرات من طراز "اليوشين 76" و7 طائرات من طراز "هيركول سي 130" تحت تصرف الاتحاد الافريقي لنقل القوات الرواندية والأوغندوية إلى الصومال، موضحا أنه لا يمكن أن تنتظر افريقيا دائما من الخارج أن يمول عمليات حفظ السلام بها. هل ستسحب الجزائر طائراتها العسكرية من الصومال؟ جاءت مبادرة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بوضع تحت تصرف الإتحاد الإفريقي 12 طائرة عسكرية لنقل قوات حفظ السلام الإفريقية إلى الصومال، لتكون سابقة تاريخية للقوات الجزائرية وعكس ما صرح به في وقت سابق عبد العزيز بلخادم الذي أكد أن القوات الجزائرية لا تحمي إلا التراب الجزائري ولن تشارك بجنودها في معارك ليست معنية بها، وجاء كلامه في وقت كانت الإدارة الأمريكية تحاول أن تتخلص من المستنقع العراقي حينما اقترحت إرسال قوات عسكرية عربية لحفظ الأمن في العراق، وهو الأمر الذي رفضته الجزائر قبل حوالي سنتين بقوة على لسان وزيرها للخارجية في ذلك الوقت عبد العزيز بلخادم قبل أن يطوى الملف نهائيا. وتجدر الإشارة أن الإستثناء الوحيد للجيش الجزائري هو مشاركته في الحربين العربيتين ضد إسرائيل عام 1967 وعام 1973، بالإضافة إلى مشاركة بعض الضباط كملاحظين في مهمات محدودة. لكن مبادرة الرئيس بوتفليقة بوضع 5 طائرات من طراز اليوشن 76 و7 طائرات من طراز هيركول سي 130 تحت تصرف الاتحاد الافريقي لنقل القوات الرواندية والأوغندوية إلى الصومال، جاء ليخرق هذه القاعدة، ويطرح التساؤل إن كانت مبادرة الجزائر تؤشر لمرحلة جديدة في تاريخ القوات الجزائرية، أم أن الأمر مجرد مبادرة عابرة لا تتجاوز حدود إرسال بعض الطائرات رغم أن طاقمها من القوات الجزائرية، وفي ظل تساؤل البعض عن إمكانية تراجع الرئيس بوتفليقة عن مبادرته بعد أن أُسقطت طائرة اليوشن 76 التابعة لسلاح الجو الجزائري بصاروخين في عملية تبنتها جماعة تطلق على نفسها "حركة المقاومة الشعبية في بلاد الهجرتين". نسيم لحكل:[email protected]