رفض التلفزيون الوطني الجزائري بث المهرجان التكريمي الذي أقامته جريدة الشروق للرئيس التونسي المنصف المرزوقي أول أمس الأحد، وخلال نشرة الثامنة لذات اليوم اكتفت اليتيمة ببث جزء من النشاط الرئاسي للدكتور المنصف المرزوقي وحذف الجزء المتعلق بنزوله كضيف على جريدة الشروق حيث حظي باستقبال صحفييها وتكريمهم له في حفل بهيج حضرته شخصيات حقوقية وسياسية وإعلاميون. ويعد تصرف مسؤولي التلفزيون جزءا من الرداءة والانحياز الذي يضر بالمصلحة العليا للبلاد خاصة وأن اليتيمة قد مارست المقص على نشاط رئاسي رسمي، لرئيس يؤدي زيارة دولة للجزائر، كان ينبغي أن تساهم اليتيمة في إنجاحها وليس التعتيم عليها، لأن الموضوع لا يتعلق بمنافسة إعلامية بين جريدة وقناة وطنية بل يتعلق بحدث وطني ينبغي تكاتف الجهود لإنجاحه، إضافة إلى التكريم في حد ذاته هو إنجاز تاريخي لجريدة أثبتت قدرتها على المبادرة التي تعود بالنفع على الصالح العام. من جهة أخرى أثنى الإعلام التونسي العام والخاص كثيرا على تكريم جريدة الشروق اليومي لرئيس الجمهورية التونسية الدكتور محمد المنصف المرزوقي معتبرا إياها سابقة في تاريخ الإعلام العربي، وفي هذا الإطار بثت القنوات التلفزيونية الرسمية والخاصة أجزاء مهمة من حفل تكريم الشروق للمرزوقي، وركزت وكالة الأنباء التونسية على كلمة مدير جريدة الشروق التي ألقاها في مستهل الحفل، مؤكدا فيها أن الثورة التونسية كانت مفخرة للعالم العربي وغيرت الصورة القاتمة التي طالما التصقت بالشعوب العربية وأظهرتها خاضعة تحت وطأة الاستبداد والإحباط. وأكدت الصحف التونسية أن تكريم الرئيس التونسي تكريم لكل شهداء الثورة التونسية الذين سقطوا في مواجهة الديكتاتورية، وسلطت الإذاعة التونسية الضوء على الحضور القوي للشخصيات الثقافية والوطنية في الجزائر في تكريم المرزوقي، مؤكدة أنهم أعربوا عن تقديرهم للمسيرة النضالية الطويلة للمنصف المرزوقي دفاعا عن حقوق الإنسان والحريات ونصرة للمضطهدين والمقموعين من الأنظمة الديكتاتورية في كل البلدان العربية، وأكدوا مناصرتهم للثورة التونسية التي قادها شباب تونس بكل بسالة دفاعا عن كرامتهم وحقهم في مقومات العيش الكريم في كنف الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مذكرين بأن أحداث ساقية سيدي يوسف تعد أبرز ذكرى تعكس التضامن الحقيقي بين الشعبين الشقيقين في كفاحهما ضد الاستعمار. ومن جهتها ركزت بعض الصحف التونسية على غرار صحيفة "الرسائل العربية" وصحيفة "الفجر نيوز" على كلمة المرزوقي في الحفل والتي قال فيها "إن الثورة التونسية اليوم في أياد نظيفة وعقول سليمة، فالمثقفون الذين هم اليوم في أعلى هرم السلطة، سيحافظون على المبادئ التي قامت من أجلها هذه الثورة ولن يخونوا الشعب بل سيثبتوا له أنهم قادرون على تحقيق تطلعاته"، وركزت صحيفة "بنات تونس" على السبق الصحفي الفريد من نوعه لجريدة الشروق في تكريم المرزوقي كأول رئيس للدولة التونسية بعد ثورة الياسمين وأحد أهم الشخصيات التي برزت قبل، أثناء وبعد الربيع العربي، كما سلطت الضوء على الأجواء الاحتفالية التي ميزت التكريم والتي أكدت أنها امتزجت فيها الكلمات بالمشاعر القوية وسط حضور مكثف للوزراء والشخصيات الوطنية، الذين أعادتهم الشروق إلى أجواء الثورة التونسية، التي فاجأت العالم أجمع، وصنعت الحدث طيلة العام الماضي، ومازالت تصنعه حاليا، وأصبحت كثورة أو كأشخاص، رموزا للنضال في العالم ككل، وليس فقط في الوطن العربي، خاصة مشاهد مفجرها وعائلته البوعزيزي، كما ذكرت كل من صحيفة "أخبار تونس" و"المصدر" والشروق التونسية على زيارة المرزوقي للجزائر والتي ميزها تكريم الشروق لأول رئيس عربي منتخب بطريقة ديمقراطية بعد أحداث الربيع العربي. الفرق في التعامل الإعلامي مع زيارة المرزوقي بين موريتانيا والجزائر ذكرت صحيفة الوطن الموريتانية أمس "أن الصحافة الجزائرية احتفت كثيراً بمنصف المرزوقي الذي يزور الجزائر حالياً قادماً من موريتانيا؛ فقد برزت على الواجهة فروق كبيرة وواضحة بين تعامل صحافة البلدين مع الرئيس الذي توج مسيرة حافلة بالنضال والدفاع عن حقوق الإنسان بتقلده أرفع منصب في بلاده، ما إن وطئت قدما الرئيس المرزوقي أرض الجزائر حتى غطت صوره أغلفة وواجهات كل الصحافة الجزائرية، وأبرز حدث في هذا هو حلول المرزوقي ضيفاً على صحيفة الشروق الجزائرية التي استقبلته في مقرها ورحبت به في حفل كبير حضره عدد من الوزراء والشخصيات الكبيرة في الجزائر، وكانت آخر فقرة من مهرجان الشروق فقرة تكريم خاصة للرئيس التونسي، حيث ألبسته الصحيفة "برنوساً جزائرياً أصيلا"، وهو "البرنوس" الذي تعوّدت الشروق أن تكرم به رجال العلم والتاريخ، وكل من قدّم خدمات جليلة للأمة العربية، كما قدمت له هدية تلخص بعضاً من نضال الشعب الجزائري، تمثلت في سيف جزائري أصيل يعود إلى عهد الثورات الشعبية، ودرع الشروق"، وانتقدت ذات الصحيفة التغطية الإعلامية للمرزوقي من قبل الإعلام الموريتاني بما يتناسب مع حجم الضيف وقيمته النضالية والحقوقية في تاريخ الأمة العربية جميعاً، وباستثناء تقارير مختصرة عن زيارات سابقة للرجل إلى مورتانيا وأخبار -ترد على خجل بين زحمة الأخبار الكثيرة- عن محادثات يجريها المرزوقي مع نظيره الموريتاني، وأخرى "محتشمة" عن لقائه مع زعماء المعارضة، فإن زيارة المرزوقي الأولى من نوعها لموريتانيا (منذ أن صار رئيساً) مرت دون أن يكون لها أي صدى صحفي حقيقي يوازي ويعكس القيمة المعنوية والشرفية التي يتصف بها تاريخ الرجل؛ ليغادر موريتانيا دون أن يحمل معه أي شيء يذكِّره بأنه زار ذات مرة هذه البلاد.