أصبح في حكم المؤكد أن يصطدم منتجو حليب الأكياس بالسلطات العمومية الوصية فالمسألة باتت متعلقة ببقاء الوحدات التابعة للمتعاملين الخواص لإنتاج، هذه المادة الحيوية المدعمة بسعر حددته الدولة ب 25 دينارا للكيس الواحد، في حين أن تكلفة إنتاج هذا الأخير تجعل سعره الفعلي خارج المصنع يصل إلى 39.47 دينارا، و بالنسبة لهؤلاء المنتجين فإن قانون المنافسة و الأسعار يمنعهم من بيع المنتوج بالخسارة. و عليه فإنهم لن يلتزموا بالسعر المدعم و سيعرض الكيس الواحد من الحليب الذي أنتجه القطاع الخاص بثمن يصل إلى المستهلك بأكثر من 40 دينارا حسب رئيس فيدرالية منتجي حليب الأكياس عبد الوهاب زياني. و في انتظار اللقاء المقرر يوم الغد بين كونفدرالية الصناعيين و المنتجين الجزائريين مع المركزية النقابية لإيجاد مخرج للأزمة التي يتخبط فيها المنتجون الخواص لحليب الأكياس، لم يتردد السيد زياني عن التصريح للشروق اليومي أمس في اتصال هاتفي أن المعاملة التمييزية بين القطاعين العمومي و الخاص يدفع إلى اتخاذ المتعاملين الخواص التدابير التي يرونها قادرة على تجنيبهم الخسارة. الغريب في الأمر أن الوضع الذي يعيشه القطاع الخاص يستدعي الاستعجال أكثر على اعتبار أن مخزون الخواص من مسحوق الحليب المستورد قد نفذ في حين أن القطاع العام الممثل في مجمع جيبلي لا يزال مخزونه من هذه المادة الأولية يسمح لوحداته بالإنتاج إلى غاية شهر ماي المقبل، على حد قول زياني الذي ألمح في تصريحه إلى الدعم الذي خصصته الحكومة لمجمع جيبلي بمنحه 600 مليار سنتيم كتسبيق لدعم قدراته لاستيراد مسحوق الحليب الذي ارتفعت أسعاره في الأسواق الدولية و ذلك في انتظار منحه أيضا 400 مليار سنتيم أخرى لنفس الغرض لمواجهة ارتفاع أسعار مسحوق الحليب بالأسواق الدولية. و قد حذر المتحدث من التمييز بين إنتاج القطاع العام و الخاص فالمعاملة التفضيلية لصالح القطاع الأول بالنسبة إليه تعني إهمال ما يعادل 60 بالمائة من الإنتاج الوطني لحليب الأكياس و هو بهذا يعطي أرقاما مخالفة لتلك التي قدمها الرئيس المدير العام لمجمع جيبلي الذي أكد للشروق اليومي بحر الأسبوع المنصرم أن مجمعه هو الذي ينتج 60 بالمائة و ليس القطاع الخاص . و قال السيد زياني إن مصنعي بطوش و موني الذين توقفا عن الإنتاج لهما قدرة إنتاج يومية تصل إلى 600 ألف لتر، في حين أن قدرة إنتاج مصنع بئر خادم التابع لجيبلي لا تتعدى 400 ألف لتر في اليوم و أضاف المتحدث أن القطاع الخاص لا يقتصر على بطوش و موني و إنما يتعلق الأمر أيضا ب 78 منتجا، و بالتالي فإن قدرة إنتاج القطاع الخاص أكبر بكثير من القطاع العام، و أن أي اضطراب في إنتاج الخواص ستكون له انعكاسات محسوسة في السوق الوطنية التي بدأت منذ مدة تعرف ارتفاعا في أسعار حليب الأكياس، فما الداعي إذن إلى التمسك بسعر 25 دينار ما دام أنه غير مطبق في واقع الأمر في مناطق عديدة من الوطن حسب تساؤل السيد زياني الذي اشتكى تجاهل السلطات الوصية لمن يمثلهم و عدم إعلام هؤلاء بالإجراءات الجديدة التي تبنتها الحكومة على الرغم من حالة الطوارئ التي تعرفها وحدات إنتاج القطاع الخاص. هامش الربح و المنافسة يمنعان أسعار مشتقات الحليب من الارتفاع و لمواجهة تقلبات الأسعار في الأسواق الدولية، فإنه لا سبيل من تحرير سعر حليب الأكياس إن أرادت الدولة أن تبقي إنتاجه مستمرا فالمنافسة بين المتعاملين و هامش الربح الذي يجعل المنتجين لا يهربون عن إنتاج هذه السلعة يضمنان استقرار الأسعار في السوق المحلية و هو الأمر الذي تعرفه المنتوجات المتعلقة بمشتقات الحليب مثل الياوورت التي لم تتغير أسعارها رغم ارتفاع أسعار مساحيق الحليب في الأسواق الدولية سحب تأكيد السيد زياني و على عكس فإن إنتاج حليب الأكياس بعدما كان هامش ربحه دينار واحد قبل ارتفاع الأسعار أصبح في الوقت الراهن بالسالب على اعتبار أن الخسارة المفروضة على المنتجين تصل إلى حوالي 14 دينار. اللجوء إلى حليب الأبقار غير ممكن في الوقت الحالي وقال رئيس فيدرالية منتجي الحليب إن حليب الأبقار كان من المفروض أن يكون الملجأ الأحسن لتجنب الذهاب إلى الأسواق الدولية لإنتاج حليب الأكياس بغية الوقاية من أخطار تقلبات الأسعار فيها لكن هذا غير معقول على أساس أن عدد الأبقار المنتجة للحليب المتوفر في الوقت الراهن بالجزائر لا يتعدى 200 ألف بقرة مقابل الحاجة الوطنية إلى حوالي 1 مليون بقرة على الأقل حسبما أفاد به السيد زياني الذي انتقد مستوى دعم الدولة لإنتاج حليب الأبقار، و هو دعم يصل بالنسبة للتر الواحد إلى 7 دنانير لفائدة المربي و 4 دنانير لمجمع الحليب و دينارين اثنين لمنتجي الحليب. و تطوير حليب الأبقار ضروري على أن استغلال اللتر الواحد منه يمكّن من استخراج مشتقات عديدة خلافا لمسحوق الحليب المستورد الموجه لحليب الأكياس. و قد اشتكى عدد من مربي الأبقار الحلوب أيضا من ارتفاع أسعار الحبوب في الأسواق الدولية مما يجل مردودية نشاطهم ضعيفة على أساس أن بعض تلك الحبوب يتعلق بتغذية الأنعام و هو ما لا يتماشى مع استقرار الدعم المقدم لهم و كذا مع استمرار دعم الدولة لحليب الأكياس الذي يجعل الإقبال على حليب الأبقار ضعيفا بالنظر إلى ضعف تنافسيّة هذا الأخير أمام حليب الأكياس المدعم سعره. سليم بن عبد الرحمان:[email protected]