كما كان متوقعا، عاد العنف إلى ملاعب العار في محاولة جديدة لحصد الأرواح بذريعة الفوز الحتمي والبقاء إلى الأبد في ما يسمى عبثا بالرابطة المحترفة الأولى وهي في الحقيقة بريئة من الاحتراف والاحتراف بريء منها. و لمؤسف في الأمر أن العنف الذي ضرب في كل الملاعب بدون استثناء" بل وتفنن في الخراب والدمار وحتى إزهاق الأرواح، طل علينا هذه المرة من سعيدة، فحدث ما حدث من عنف واعتداءات على لاعبي الفريق الزائر ومسيريه في مشهد مؤلم ومؤسف لا يشرف أصحابه، بل يدعو إلى الحزن لما بلغته الكرة البائسة في بلادنا في الذكرى الخمسين لتأسيس الاتحادية الجزائرية لكرة القدم. لقد بينت الصور التي بثت على "الفايسبوك" ما حدث في ملعب سعيدة، والفوضى التي تلت المباراة، وكان مصورها يحتفل ويدعو إلى المزيد من الاعتداء على لاعبي اتحاد الجزائر وكلام آخر لا فائدة من ذكره.. وإذا كان ما حدث في سعيدة، وما عاشته ملاعب أخرى من عنف وتخريب، يلقى بالمسؤولية التامة على مرتكبيه فإنه لا ولن يعفي من حرضوا على العنف بالكلمة والقلم واتخاذ القرارات الهزيلة والهزلية من المسؤولية الأخلاقية على الأقل. فلما يقول مسؤول أن فريقه سيفوز بالمباراة "بكل الوسائل" فهذا تحريض على العنف، ولما يعلن قبل المباراة بأيام عن منع التلفزيون من التصوير فهذا دليل على أن هناك نية مبيتة للاعتداء. والحقيقة أن ما جرى بملعب سعيدة، ليس جديدا، وسيتكرر بكل تأكيد في ملاعب أخرى وربما في الأسابيع القادمة التي سيكون فيها العنف الحكم الرئيسي وستتحول فيها المباريات إلى معارك واقتتال بين الجزائريين أو المجانين منهم الذين يقصدون الملاعب لإشعال فتيل العنف. وبدون شك أن ما حدث أول أمس في ملعب سعيدة، سيضع الاتحادية الجزائرية والرابطة الوطنية أمام مسؤولياتهما، لأن ما شجع على تنامي العنف هو التردد والتخاذل في اتخاذ القرارات أو الكيل بمكيالين في مناسبات سابقة. والغريب أننا لم نسمع يوما منذ أن انطلقت ما يسمى بالبطولة الوطنية أن فريقا عوقب حق العقاب أو أنزل إلى القسم الأسفل، فهذا لن يحدث ما دامت الرابطة عاقبت رؤساء أندية بالتوقيف، ثم اعترف رئيسها أنه لا يملك الوسائل القانونية لتنفيذ القرار.. يا له من عذر. ومهما يكن من أمر، فإن على الاتحادية الجزائرية لكرة القدم التي دفعت بالأندية إلى الاحتراف، أن تفصل في الأمر، وتنهي بطولتها السوداء التي بات يحكمها السلاح الأبيض في ملاعب العنف والعار.