كشف محمد بن سعيد آيت يدر، أحد أعضاء الوفد المغربي الرسمي المشارك في مراسيم تشييع جنازة الرئيس الجزائري الراحل أحمد بن بلة، أنه لم يسمع بانسحابهم من مقبرة العالية، بسبب حضور وفد الصحراء الغربية برئاسة محمد عبد العزيز، إلا بعد نزوله في مطار الدارالبيضاء وتوجهه إلى بيته، حيث علم من خلال الإذاعة أن انسحابهم كان بسبب حضور ممثلين عن البوليزاريو في الجنازة. وفيما كانت العديد من التحليلات، أكدت أن رئيس الحكومة المغربي، عبد الإله بن كيران، لم يتصرّف بمحض إرادته أو نتيجة قرار شخصي أو موقف صادر من الوفد الذي حضر مراسيم تشييع جنازة الراحل بن بلة، وإنّما كان تبعا "لأوامر هاتفية" قادمة من البلاط الملكي، ولا يُستبعد أن تكون من عند الملك محمد السادس شخصيا الذي كان يتابع مراسيم الجنازة على القناة الجزائرية، وأوضح بن سعيد في تصريحات صحفية، أن الأمر كان يتعلق ب"جنازة وليس مهمة سياسية، وهي جنازة شخصية محترمة ووحدوية". وكشف بن سعيد، أحد قادة جيش التحرير في المغرب، تفاصيل انسحاب الوفد المغربي من مقبرة العالية، بعد ترحمه عليه بقصر الشعب، فقال، "إنه كان يحضر مراسيم التشييع عندما دعي للالتحاق بالوفد المغربي بإحدى القاعات من أجل الذهاب إلى المطار للعودة إلى المغرب"، مؤكدا أن أي طرف لم يخبرهم حينها بأن الأمر يتعلق بانسحاب من الجنازة الرسمية!" واعترف أحد أعضاء الوفد المغربي، بالتأكيد على أن عملية الانسحاب عرفت "تكتما شديدا"، حيث لم يتطرق أيا من المسؤولين المغربيين القادمين إلى الجزائر، وهم على متن الطائرة العسكرية في طريق العودة، إلى قرار الانسحاب وأسبابه. وأضاف بن سعيد: "لم يقل لنا لا رئيس الحكومة، عبد الاله بن كيران، ولا مستشار الملك، الطيب الفاسي الفهري، أن هناك أي مشكل"، مستطردا: "وبعد وصولنا إلى المغرب توجه كل منا إلى وجهته، وعلمت بالصدفة وعن طريق الإذاعة أن وكالة المغرب العربي تقول إن الوفد المغربي انسحب من جنازة بن بلة". شهادات بن سعيد نقلت تفاجؤه بالانسحاب، لأن أعضاء الوفد المغربي، مثلما قال: "لم يغادروا الجزائر على أساس أنهم منسحبون"، مضيفا: "ولأن الأمر برأيي لا يستحق رد فعل من هذا النوع، بل يزيد فقط من توتير العلاقات بين البلدين. وحضور البوليزاريو في الجنازة لا يستدعي إعطاء أية أهمية، بل كان علينا تهميشه وترك الأمر يأخذ طريق البحث المفتوح حاليا بين المغرب والجزائر". وفي رسالة لوم وعتاب مشفرة، صرّح بن سعيد: "كنت أتمنى من المسؤولين أن يكون لهم توجه إيجابي عوض التمسك بخطوات لاتقدّم ولا تؤخر بل تضيع المزيد من الوقت بسبب كمشة من الناس". ومعلوم أن الوفد المغربي، برئاسة عبد الإله بن كيران، شارك في مراسيم تشييع جنازة أول رئيس للجزائر المستقلة، وكان في استقبالهم كما في توديعهم، الوزير الأول، أحمد أويحيى، قبل أن تفجّر وكالة الأنباء المغربية، قرار انسحاب الوفد المغربي من الجنازة، بسبب تفاجئه بحضور وفد البوليزاريو برئاسة محمد عبد العزيز، الذي حضر الجنازة كغيره من المعزين والمتضامنين بدون تلقيه دعوة رسمية! وحتى إن كانت "اعترافات وشهادات" محمد بن سعيد آيت يدر، ترسم علامات استفهام وتعجب، حسب ما تسجله أوساط مراقبة، فإن اللقطات التي بثتها مختلف القنوات، لحظة التحضير للانسحاب من المقبرة، تعطي الانطباع أن بن كيران لم يكن سوى منفذا لقرار إتخذه المخزن!