تضمنت برقية التعزية التي بعث بها العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة على إثر الهجمات الإرهابية المقترفة يوم الأربعاء الماضي بالجزائر العاصمة، رسالة واضحة ينادي فيها الملك المغربي بضرورة "الاستجابة لحتمية التعاون والتضامن من أجل تحقيق التطلعات المشروعة والحقيقية لشعوبنا الشقيقة وتقوية حضور بلداننا الإقليمي والدولي"، ما يعني بالنسبة إليه أن ظروف قيام مغرب عربي موحد قد أصبحت مهيأة. وقال محمد السادس في برقيته مخاطبا بوتفليقة "إيمانا مني بأننا كلنا مستهدفون، المؤمن بالقيم الدينية السمحة وبالقواعد الديمقراطية وفي طليعتها إسلامنا الحنيف، فإني أجدد لكم الإعراب عن حرصي القوي على مواصلة العمل سويا معكم، ومع أشقائنا قادة الدول المغاربية الخمس، من أجل تحصين شعوبنا وبلداننا الشقيقة وتجنيبها مغبة وويلات تحولها إلى قاعدة للإرهاب المقيت، وتعبئة كل الطاقات ومضاعفة التعاون الصادق وتكثيف التنسيق التام، الذي نحن أشد ما نكون حرصا مشتركا عليه، لإنجاز الوحدة والتكامل والاندماج". حديث العاهل المغربي هذا يوحي بتجلي فكرة ضرورة التعاون المغاربي في الوقت الراهن، وإن لم يحن بعد وقت التفاهم والتآلف السياسي بين الدول المغاربية الخمس، فإن الظاهر أن ارتفاع صوت جار الغرب يوحي بأن المغرب يرى في الهجمات الإرهابية على بلاده والجزائر، سببا كافيا لقيام تعاون بين دول المغرب العربي الخمس، إن لم يكن سياسيا واقتصاديا مثلما تمنته الشعوب، يكون أمنيا استراتيجيا مثلما تمليه في الآونة الأخيرة ضغوط أجنبية على المنطقة. واعتبر الملك المغربي أن ما حدث "لم يصب الجزائر وحدها، وإنما نعتبر أنه يستهدف في مراميه العدوانية بلدكم الثاني المغرب، وذلك اعتبارا منا أن أمن الجزائر الجارة الشقيقة جزء لا يتجزأ من أمن المملكة المغربية، بل ومن استقرار المنطقة المغاربية خاصة، والشمال الإفريقي وجنوب غرب المتوسط وجهة الساحل والصحراء عموما"، وهذا حديث ما ألفنا سماعه من "جلالته" منذ سنوات طويلة بل ما فتأ التصعيد يأتي من حدود الجزائرالغربية، وكان المغرب في كل مرة يشيع أن حدوده الشرقية لم تصبح آمنة بسبب "تسلح الجزائر الزائد" في المدة الأخيرة. وفي نفس الاتجاه قال وزير الداخلية المغربى شكيب بن موسى يوم الأربعاء انه لا يستبعد ان تكون هناك صلة بين التفجيرات التى وقعت فى الدارالبيضاء والتى وقعت فى الجزائر، حيث قال إن تزامن توقيت التفجيرات من المحتمل أن يكون مصادفة على الرغم من انه ليس من المستبعد أن تكون هناك صلة بين تفجيرات الدارالبيضاء وتفجيرات الجزائر لكن ليس هناك اى دليل حتى الآن". هذه المؤشرات الجديدة في الخطاب الرسمي المغربي توحي ببداية استفاقة مطلب قديم لدى الأطراف المغاربية بضرورة توحيد شمل المغرب العربي، وكان مثلما هو معلوم، المغرب هو المعرقل الأول لكل المحاولات الرامية إلى "إصلاح ذات البين المغاربية"، و كانت قضية الصحراء الغربية هي الحجة في كل مرة لتعميق الهوة أكثر فأكثر بين هؤلاء، لكن الجديد في الموضوع هو ظهور القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، لينادي محمد السادس من تلقاء نفسه ب "الاستجابة لحتمية التعاون والتضامن" ليطرح معه سؤال كبير ستتوفر معطيات مستقبلية في الفترة المقبلة للإجابة عليه "هل سيبني هاجس القاعدة مغربا عربيا خربته الأنانية السياسية لبعض أعضائه؟؟". غنية قمراوي:[email protected]