شدة الاحتقان بين مناصري الأندية الجزائرية، بلغت مستوى خطيرا جدا، وما شاهدناه يوم الجمعة الماضي في قسنطينة، أين وقعت إصابات خطيرة بين أنصار العميد، حسب ما كشفت "الفيديوهات" المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والحديث عن وفاة مناصر آخر، يزيد من حدة الكراهية بين الجميع وينذر بمستقل أكثر سوءا للكرة الجزائرية. سيناريو حملاوي، ليس الأول من نوعه في بطولة "الانحراف" بمستوياتها الأول والثاني، ففي كل موسم تتكرر الأحداث المأساوية في ملاعبنا، ولا أحد من المسؤولين ووجد الحل للقضاء أو للحد على الأقل من ظاهرة العنف، فما حدث كان متوقعا، بدءا من اختيار إدارة شبيبة القبائل اللعب في قسنطينة، وهي على دراية بأن الصراع الكبير بين أنصار المولودية وشباب قسنطينة، بسبب أحداث مواجهتي الذهاب والإياب بينهما في البطولة. وتنامي العنف وارتفاع مستوى التهديدات من قبل أشباه أنصار السياسي الذين رحبوا بنظرائهم من الشبيبة وتوعدوا محبي العميد، لم يقابله أي تنديد أو تصريح من قبل أي مسؤول من الفاف ولا من المكتب المسير للرابطة ولا من إدارة الشبيبة والمولودية، لتهدئة الأنصار والدعوة للتحلي بالروح الرياضية، بل على العكس، فالجميع يزرع العنف وينمي ثقافة كره الآخر، فعندما يسقط رائد البطولة خارج الديار، لا تحمل الإدارة لاعبيها ولا الطاقم الفني المسؤولية، بل نستمع لخزعبلات وتصريحات مشبوهة من الرئيس أو المدير الرياضي يلمّح لتعرض فريقه لمؤامرة، موجها أصابع الاتهام إلى المنافسين المباشرين، وهو لا يدري أنه لذلك الكلام عواقب خطيرة. ولم تمر على الفاجعة التي ألمت بالجزائر، والتي راح ضحيتها 257 شاب من حماة الجزائر في بوفاريك، إلا 48 ساعة حتى كدنا نعيش كارثة جديدة في ملعب الشهيد حملاوي، والغريب في أمر الفاف ووزارة الشباب والرياضية، لم تجرؤ على تأجيل المباريات الثلاثة التي لعبت يومي الخميس والجمعة، ولو لمدة ل24 ساعة رغم الإعلان عن حداد لثلاثة أيام عبر كل التراب الوطني. وحتى الصحافة العالمية تساءلت عن موقف الاتحادية الجزائرية، التي رفضت تأجيل المباريات رغم الحداد الوطني، فجريدة "ذي سان" البريطانية، على سبيل المثال، استغربت من عدم تغيير البرمجة رغم وفاة 257 شخص بسبب سقوط الطائرة العسكرية، كما تطرقت إلى أحداث العنف التي شهدتها المباراة. وتبقى أحداث قسنطينة، وصمة عار في جبين مسؤولي الكرة وكل من لديه علاقة من قريب أو من بعيد بأحداث العنف التي نشهدها في كل موسم، فالرياضة التي تجمع بين عشاقها باتت تفرق بين أبناء البلد الواحد، بسبب المصالح الضيّقة لأشباه المسيّرين الذين لا يفقهون شيئا في الرياضة والوطنية. الأمور تسير نحو الأسوأ وتنذر بكوارث جديدة ما حدث في قسنطينة، لن يفيد السياسي وأشباه الأنصار الذي زرعوا الرعب وسط محبي المولودية وعائلاتهم، ولا شبيبة القبائل، ولا الكرة الجزائرية بصفة عامة، بالأمس كانت العلاقة جيدة طيبة بين مسوؤلي وأنصار كناري والعميد، ولكن أحداث قسنطينة قضت على تلك المودة والمحبة، فلا يمكن إقناع أي مناصر من المولودية اليوم، أن ما حدث في حملاوي لم يكن مدبرا، فقد شاهدوا على أرض الواقع ما كان يكتب عبر العالم الافتراضي من قبل مشجعي منافسيهم. وإن لم تسارع السلطات وكل مسؤولي الكرة، بدءا من وزير الشباب والرياضة محمد حطاب ورئيس الفاف خير الدين زطشي، ورؤساء الأندية المحترفة إلى محاربة العنف والتشديد على رؤساء الفرق واللاعبين بالابتعاد عن التصريحات النارية وإطلاق اتهامات تجاه الحكام والمنافسين دون أي دليل، والتي تغذي الحقد والعنف على الشباب والمناصرين الجزائريين، فإننا سنعايش كوارث أخرى في ملاعبنا التي تفتقد لأدنى شروط الحماية، فالثأر من أنصار الشبيبة بدأ من عند بعض أنصار شباب بلوزداد، عبر "الفايسبوك"، والذين رحّب بعضهم بمشجعي مولودية الجزائر، في 20 أوت، بمناسبة المواجهة التي تجمع بلوزداد مع الشبيبة يوم الجمعة المقبل.