خدمات الحالة المدنية لوازرة الخارجية كل يوم سبت.. تخفيف الضغط وتحسين الخدمة الموجهة للمواطن    الذكرى ال70 لاستشهاد ديدوش مراد: ندوة تاريخية تستذكر مسار البطل الرمز    انتصارات متتالية.. وكبح جماح تسييس القضايا العادلة    مجلس الأمن يعقد اجتماعا حول وضع الأطفال في غزّة    تمديد أجل اكتتاب التصريح النهائي للضريبة الجزافية الوحيدة    فتح تحقيقات محايدة لمساءلة الاحتلال الصهيوني على جرائمه    التقلبات الجوية عبر ولايات الوطن..تقديم يد المساعدة لأزيد من 200 شخص وإخراج 70 مركبة عالقة    خدمات عن بعد لعصرنة التسيير القنصلي قريبا    وزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية يشدد على نوعية الخدمات المقدمة وتعزيز استعمال الدفع الإلكتروني    بلومي يباشر عملية التأهيل ويقترب من العودة إلى الملاعب    ريان قلي يجدد عقده مع كوينز بارك رانجرز الإنجليزي    الجزائر رائدة في الطاقة والفلاحة والأشغال العمومية    رحلة بحث عن أوانٍ جديدة لشهر رمضان    ربات البيوت ينعشن حرفة صناعة المربى    35 % نسبة امتلاء السدود على المستوى الوطني    حزب العمال يسجل العديد من النقاط الايجابية في مشروعي قانوني البلدية والولاية    قافلة تكوينية جنوبية    المولودية على بُعد نقطة من ربع النهائي    مرموش في السيتي    تراجع صادرات الجزائر من الغاز المسال    الرئيس يستقبل ثلاثة سفراء جدد    نعمل على تعزيز العلاقات مع الجزائر    أمطار وثلوج في 26 ولاية    حريصون على احترافية الصحافة الوطنية    إحياء الذكرى ال70 لاستشهاد البطل ديدوش مراد    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    بسكرة : تعاونية "أوسكار" الثقافية تحيي الذكرى ال 21 لوفاة الموسيقار الراحل معطي بشير    كرة القدم/ رابطة أبطال افريقيا /المجموعة 1- الجولة 6/ : مولودية الجزائر تتعادل مع يونغ أفريكانز(0-0) و تتأهل للدور ربع النهائي    كرة القدم: اختتام ورشة "الكاف" حول الحوكمة بالجزائر (فاف)    حوادث المرور: وفاة 13 شخصا وإصابة 290 آخرين خلال ال48 ساعة الأخيرة    تجارة : وضع برنامج استباقي لتجنب أي تذبذب في الأسواق    ري: نسبة امتلاء السدود تقارب ال 35 بالمائة على المستوى الوطني و هي مرشحة للارتفاع    مجلس الأمن الدولي : الدبلوماسية الجزائرية تنجح في حماية الأصول الليبية المجمدة    سكيكدة: تأكيد على أهمية الحفاظ على الذاكرة الوطنية تخليدا لبطولات رموز الثورة التحريرية المظفرة    تطهير المياه المستعملة: تصفية قرابة 600 مليون متر مكعب من المياه سنويا    الجزائرتدين الهجمات المتعمدة لقوات الاحتلال الصهيوني على قوة اليونيفيل    كأس الكونفدرالية: شباب قسنطينة و اتحاد الجزائر من اجل إنهاء مرحلة المجموعات في الصدارة    تقلبات جوية : الأمن الوطني يدعو مستعملي الطريق إلى توخي الحيطة والحذر    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 46899 شهيدا و110725 جريحا    منظمة حقوقية صحراوية تستنكر بأشد العبارات اعتقال وتعذيب نشطاء حقوقيين صحراويين في مدينة الداخلة المحتلة    اتحاد الصحفيين العرب انزلق في "الدعاية المضلّلة"    الأونروا: 4 آلاف شاحنة مساعدات جاهزة لدخول غزة    اقرار تدابير جبائية للصناعة السينماتوغرافية في الجزائر    وزير الاتصال يعزّي في وفاة محمد حاج حمو    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    قتيل وستة جرحى في حادثي مرور خلال يومين    تعيين حكم موزمبيقي لإدارة اللقاء    بلمهدي يزور المجاهدين وأرامل وأبناء الشهداء بالبقاع المقدّسة    جائزة لجنة التحكيم ل''فرانز فانون" زحزاح    فكر وفنون وعرفان بمن سبقوا، وحضور قارٌّ لغزة    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    بلمهدي يوقع على اتفاقية الحج    تسليط الضوء على عمق التراث الجزائري وثراء مكوناته    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    الأوزاعي.. فقيه أهل الشام    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الناجون ل"الشروق": "رأينا الموت وشربنا من ماء البحر أسبوعا كاملا"
بعد أسبوع من فقدانهم في عرض مياه المتوسط.. نهاية مؤلمة وسعيدة ل 15 حراقا
نشر في الشروق اليومي يوم 28 - 04 - 2018

انتهت رحلة 15 حراقا، ينحدرون من أربع ولايات، بما فيها العاصمة الجزائر، انطلقوا منذ أسبوع، على متن قارب خشبي متهالك، من شاطئ البطاح بالشط ولاية الطارف، قاصدين جزيرة سردينيا الإيطالية، انتهت إلى قصّة تصلح لأن تكون فيلما عالميا، بحيث نجا 14 حراقا من أصل 15، من الموت بأعجوبة، بعد أن قضوا أسبوعا كاملا، في عرض مياه البحر الأبيض المتوسط، تتلاعب بهم الأمواج العاتية، وتتقاذفهم التيارات البحرية، شمالا وجنوبا، وعند سوء الأحوال الجوية وتساقط الأمطار وتزايد سرعة الرياح يستسلمون للموت، ويلقنون بعضهم الشهادة، قبل أن يستفيقوا ببقايا القارب مازالت تعبث بها الأمواج، وعليها جثثهم وهم أحياء، في صور ومشاهد مروعة من فيلم خيالي، يروي قصّة نجاة 14 شابا، حاولوا الفرار من الواقع المظلم والمؤلم والموحش بسبب الفقر والبطالة والحقرة والميزيرية، فوجدوا أنفسهم في عمق البحر الأبيض المتوسط، مسافة الموت أقرب إليهم من حبل الوريد.
"الشروق" تسللت إلى مصلحة الاستعجالات ومصلحة العناية المركزة، بمستشفى عبد القادر نطور بالقل، غربي ولاية سكيكدة، حيث أسعف الحراقة المفقودون، وتنقل لكم تفاصيل وحيثيات مرعبة من رحلة الموت التي قادت شبابا في عمر الزهور نحو مصير مجهول.
يقول محمد الشريف، وهو شاب في ال28 من العمر، ينحدر من حي شابوي في عنابة، إنهّ قرر الهجرة غير الشرعية، وركوب قوارب الموت، طمعا في الوصول إلى جزيرة سردينيا الإيطالية، واللقاء بشقيقه الموجود هناك منذ سنوات، وفي يوم السبت المشؤوم الماضي، أقلع رفقة 14 شابا آخر، تتراوح أعمارهم ما بين ال19 وال28 سنة، من شاطئ البطاح بولاية الطارف، بعد أن دفعوا مبالغ تتراوح ما بين 10 و15 مليون سنتيم، إلى قائد الزورق، وهو شاب في ال35 من العمر، يدعى "البرايجي" متزوج ومقيم بفرنسا، رحّل منذ أسابيع من فرنسا بسبب مشاكل تورط فيها، وقرر العودة إلى فرنسا، عن طريق إيطاليا، واختار قاربا خشبيا، واقترح على بعض الشباب مشاركته الرحلة، ومن بينهم أنا، يقول محمد الشريف، الذي يضيف: "أقلعنا في حدود الساعة الواحدة صباحا، وبعد نحو 20 ساعة من الإبحار في عرض البحر، ضللنا وجهتنا، بسبب عدم حيازتنا جهاز تحديد الوجهة "جي بي أر أس" فتحولت رحلتنا إلى جحيم حقيقي.. وبعد أن شارفنا على دخول جزيرة سردينيا، وعندما بدأت تتراءى لنا جبال جزيرة سردينيا الإيطالية، ساءت الأحوال الجوية، وعلت أمواج البحر، فقذفت زورقنا، وغيرت سرعة الرياح وجهتنا، قبل أن ينفد منا مخزون البنزين، ما جعلنا نعتمد على "دلاء المياه" لمحاولة جرّ الزورق نحو منطقة الأمان، غير أننا لم ننجح وراحت الأمواج العاتية والرياح القوية تتلاعب بنا أكثر وأكثر، وما زاد الطين بلّة، هو نفاد مخزون المؤونة التي كانت بحوزتنا، وكذا ماء الشرب، بحيث إننا، يقول محمد الشريف، لم نكن مستعدين لمثل هذا السيناريو، ومع مرور اليومين الثاني والثالث، بتنا تائهين في عرض البحر، محاصرين بالمياه والأمواج العملاقة من كل جانب، ننتظر الموت في كل لحظة، لا شيء أمامنا سوى المياه المالحة التي بتنا نرتشف منها، في محاولة يائسة لري عطشنا وجوعنا". ويضيف محمد الشريف أنهم حاولوا الاتصال بعائلاتهم، غير أنّ انعدام تغطية هاتفية خارج الحدود الإقليمية والمياه البحرية حال دون ذلك.. "وبتنا ننتظر مصيرنا المحتوم وهو الموت غرقا"، قائلا: "أوصيت رفقائي بأنه في حال هلاكي ونجاتهم بأن يدفنوني بعنابة، بجوار قبر صديقي وأن يبلغوا السلام لوالدتي وبأني أطلب السماح منها"، مضيفا في صبيحة يوم الجمعة، من تاريخ ال27 من الشهر الجاري، أخرج أحدنا هاتفه النقال وأشعله وإذا به تغطية هاتفية، أسرع إلى الاتصال بأحد أفراد عائلته بأم البواقي، ومن خلال ذلك، تم إبلاغ وحدات البحرية بعنابة، ليتضح أننا قبالة سواحل مدينة القل، التي اعتمدت على رقم الهاتف لتحديد مكان وجودنا ليتم التدخل العاجل وإنقاذنا، وإذ نحمد الله على عودتنا سالمين، فإننا نتأسف ونترحم على وفاة قائد الزورق الذي انتهى بالموت غرقا، صبيحة الجمعة".. ودعا محمد الشريف، في ختام حديثه مع "الشروق"، الشباب الراغبين في الحرقة والهجرة غير الشرعية، بدفن هذا الحلم لأنه في الحقيقة كابوس مرعب، وبعد الذي عاشه في عرض البحر لمدة أسبوع كامل، فإنّه لن يعيد الكرة مرة أخرى، ولن يحرق قلب والديه وعائلته عليه مرة أخرى.
بينما قال شاب ناج آخر من العاصمة، إنه قرر الهجرة غير الشرعية، بسبب الظروف المزرية الكارثية التي يعيشها رفقة عائلته، وحالة البطالة الخانقة التي يعيشها وسافر إلى عنابة، بحثا عن أمل في إيجاد فرصة للحرقة، ولكنّ هذا الأمل وهذه الفرصة، تحولت إلى كابوس مرعب، قضى من خلاله المعني أياما مرعبة في عرض البحر الأبيض المتوسط، غير أنّه قال إنه مستعدّ للهجرة مرة أخرى، ولكن هذه المرة بطريقة قانونية، متعهدا بعدم ركوب "البوطي" مرة أخرى، هذا في الوقت الذي قال فيه أهالي الناجين من ولاية أم البواقي إنهم يتقدمون بجزيل الشكر إلى النائب البرلماني سمير جبايلي الذي قالوا إنه احتوى قضيتهم، وسارع إلى التدخل لدى السلطات حال ورود اتصال من أبنائهم المفقودين بعرض البحر، وإنه أسهم في تسريع الإجراءات وإنقاذ الضحايا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.