لم يخطئ وزير الاتصالات الصهيونية أيوب قرا، حينما وصف تغريدة وزير الخارجية البحريني خالد بن أحمد آل خليفة التي أيّد فيها ضرب القواعد العسكرية الإيرانية في سوريا، وعدّه "دفاعا عن النفس" ب"الدعم التاريخي لإسرائيل"؛ فلأول مرّة منذ 70 سنة، يتجرّأ مسؤولٌ عربي بارز على التأييد العلني للاحتلال الصهيوني! هذه التغريدة البحرينية غير المسبوقة في نصرة الاحتلال، شجّعت وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان على مطالبة دول الخليج "المعتدِلة" كما أسماها، ب"الخروج من الجُحر، والبدء في الحديث علانية، فقد حان الوقتُ ليكون في الشرق الأوسط محورٌ للدول المعتدِلة"! اليوم، بدأت الاصطفافات تظهر في المنطقة بشكل واضح لا لبس فيه؛ فمقابل محور إيرانوسوريا وحزب الله وفصائل المقاومة في غزة، الذي تشكّل منذ سنواتٍ طويلة، بدأ محورٌ آخر يخرج من السرّ إلى العلن ويمثله الكيانُ الصهيوني وبعض دول الخليج، وقد تنضمُّ إليه لاحقا دولٌ عربية يصنفها الأمريكيون والصهاينة "دولا معتدلة"، وتحتمي هذه الدول بالكيان الصهيوني لحمايتها من التهديد الإيراني بعد أن ساهمت من قبل بنفسها في إسقاط حكم صدام حسين الذي كان لعقودٍ درعاً واقياً يحميها، ومن ثمة تسليم العراق على طبق من ذهبٍ لإيران والمساهمة في توسيع رقعة نفوذها، وهي تحاول اليوم تصحيح خطئها القاتل بخطإ آخر أكثر فظاعة وشؤماً منه، وهو الاحتماء بالاحتلال الصهيوني؛ العدوّ الأول لفلسطين والعرب والمسلمين! ما لا تريد هذه الدول أن تفهمه هو أن الكيان الصهيوني لن يخوض أبدا حربا مفتوحة ضد إيران لحماية عروشها حتى لو قام "تحالفٌ تاريخي" بين الطرفين، لأن الكيان يُدرك تماماً أن نتيجة الحرب لن تكون دمار إيران وحدها، بل سيمتدّ الدمار إلى مدنه ومنشآته بعد أن تنهال عليه مئات الآلاف من الصواريخ، ولذلك سيكتفي باشتباكات محدودة كما حدث فجر الخميس الماضي، ثم يعلن عن رغبته في عدم التصعيد وتتوقف الأمور عند هذا الحدّ في كل مرة، وسيتّخذ هذه الاشتباكات المتقطعة وسيلة لاستدراجٍ أكبر لدول الخليج وجرّها إلى التحالف معه بعد تنفيذ شروطه، وفي مقدمتها الاعتراف العلني به، والتطبيع الكامل معه، ومواصلة الضغوط على الفلسطينيين لحملهم على القبول بتسوية قضيتهم وفق المنظور الصهيوني – الأمريكي وحده.. وفي المقابل لن يمنحها هذا الكيان غير الاشتباكات المحدودة مع إيران في كل مرة؛ فما واجهه في حرب تموز 2006 على يد حزب الله شكّل رادعا قويا له، والمعروف أن الجيش الصهيوني يفضِّل الحروب القصيرة التي يحقق فيها نصرا كاسحا لا غبار عليه ولا يميل إلى الحروب المفتوحة. لقد ظل قادة العدو الصهيوني يهددون بضرب المنشآت النووية الإيرانية طيلة 13 سنة، لكنهم لم يفعلوا خشية ردّ فعلٍ إيراني مدمّر، وبقوا يراهنون على أن تفعل الولاياتالمتحدة ذلك بدلا منهم، ولا يزالون يراهنون على ذلك إلى الآن، ولن يحاربوها لأجل عيون الخليجيين، لذلك نعتقد أن هذا "التحالف" سيفيد فقط الكيان الصهيوني ويُشرْعِن احتلاله لفلسطين ويجمّل وجهه الإجرام القبيح ويُضعِف أكثر القضية الفلسطينية ويقوّي الجهود الأمريكية لتصفيتها، أما الخليجيون فلن يحصدوا إلا الريح وسيتَّضح لهم مع الأيام أنهم خانوا فلسطين والأقصى مجاناً.