شيّعت، الثلاثاء الفارط، جنازة الصحفي الرياضي الشهير، محمد صلاح، في مقبرة قاريدي بالعاصمة، وسط موجة من الحزن التي ألمت بالأسرة الإعلامية والشارع الرياضي الجزائري الذي لا يزال تحت الصدمة، بالنظر إلى مكانة وتاريخ شيخ المعلقين الجزائريين الذي يبقى اسمه مقترنا بأبرز المحطات الحاسمة للكرة والرياضة الجزائرية منذ الاستقلال، وفي مقدمة ذلك مباراة الجزائرألمانيا في مونديال 82، وهو الذي غادر هذا العالم وعمره 82 سنة. لم يتوان المحيط الإعلامي والرياضي في تعزية شيخ المعلقين الرياضيين محمد صلاح الذي وافته المنية عن عمر يناهز 82 سنة، اثر مرض عضال ألم به في الأشهر الثلاثة الأخيرة، تاركا وراءه 3 أبناء، رابعهم وافته المنية منذ سنوات اثر حادث مرور، حيث أكد المعلق حفيظ دراجي في تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الجزائر فقدت صوتا إذاعيا ومعلقا رياضيا مميزا، يعد بمثابة المدرسة، وهو نفس الكلام الذي ذهب إليه زميله في المسيرة بن يوسف وعدية، في الوقت الذي خصه مدير القناة الإذاعية الأولى بمنشور ختمه بالقول "المرحوم محمد صلاح مات في سن 82 عاما وهو الذي تعلقت به الأسماع في خيخون صيف 82". ويملك الصحفي الرياضي الراحل محمد صلاح في رصيده محطات مهمة ومثيرة مع التعليق الرياضي، بحكم أنه عايش أبرز محطات الكرة الجزائرية منذ عام 1964، تاريخ التحاقه بالإذاعة الوطنية بصفة معلق رياضي، ورغم أنه علق على مباريات كبيرة في صورة نهائي العاب البحر الأبيض المتوسط بين الجزائروفرنسا، ومباراة كرة اليد بين فرنساوالجزائر في سوريا، إضافة إلى تعليقه على ابرز مشاركات الأندية الجزائرية في المنافسات الإفريقية، في صورة مولودية الجزائر ونصر حسين داي وشبيبة القبائل ووفاق سطيف، إلا أن اسمه اقترن بالمباراة الشهيرة بين الجزائر والمانيا في مونديال 82، وفي هذا المجال أكد في تصريحات إعلامية سابقة بأن تعليقه على مباراة الجزائروألمانيا قد أدخله التاريخ وفتح له باب الشهرة واسعاً، ويسرد تلك اللحظات التاريخية قائلاً "عندما انتهت المباراة بفوز الجزائر، تجمع حولي عدد من الصحفيين الألمان لتسجيل تعليقي، حيث لاحظوا عليّ شدة الانفعال، وعلمت لاحقاً أنه تم بثه في عشرات القنوات الألمانية، لأن تعليقي كان بالنسبة لهم مهماً لتفسير فوز الجزائر على المنتخب الألماني رغم أنها تشارك لأول مرة". كما له قصة طريفة في مباراة الشيلي التي فاز فيها "الخضر" بثلاثية، حيث قال في تصريح سابق لموقع "العربية.نت": "كنت أعلق بحماسي الفياض على المباراة وكان بجنبي المعلق الألماني شوماخير الذي أشار لي بيده يسأل إن كانت الجزائر قد اشترت المباراة ضد الشيلي، فأجبته مشيراً بيدي أيضاً أنك مجنون، لأنك لم تقدر بعد قوة الفريق الجزائري". فتح باب الشهرة للتعليق الجزائري وتبرأ من تهمة الأذان ويجمع الكثير بأن الصحفي الراحل محمد صلاح قد أدخل التعليق الجزائري العالمية، بفضل صيحاته الشهيرة التي واكبت هدفي ماجر وبلومي في مباراة ألمانيا، ناهيك عن العبارة التي رددها على إيقاع "بلومي ماجر وزيدان معاهم" بطريقة تلقائية جعلت إدارة التلفزيون الجزائري توظف صوته، لأنه كان الأنسب لمعايشة لقطات المباراة، رغم أنه كان معلقا في الإذاعة الوطنية، وهذا باعتراف الصحفي بن يوسف وعدية خلال نزوله مؤخرا ضيفا على قناة الشروق نيوز. وأكد محمد صلاح في أكثر من مناسبة بأنه محظوظ في تحقيق هذا المشوار، ومعايشته لأبرز محطات الكرة الجزائرية، ناهيك عن إشادته بالتعليق الجزائري الذي فرض نفسه حسب قوله عربيا وإقليميا، مستدلا بتواجد 8 معلقين في قنوات معروفة. من جانب آخر، كثيرا ما ترددت إشاعة رفض محمد صلاح إعادة الخط لمنشطة الإذاعة موازاة مع حلول موعد الآذان، وفي هذا الجانب يؤكد محمد صلاح بأنه فند هذه الإشاعة في كل مناسبة إعلامية تتاح له، حيث قال في هذا الجانب "القصة وما فيها هو أن المباراة لم يتبق منها سوى لحظات قليلة، والأمر يتعلق بمشاركة تاريخية في كأس العالم، فقلت لها: "يا زميلتي، لم يتبق سوى ثوان وتنتهي المباراة، وفعلا صفر الحكم بعد لحظات". ساعد ساعد: محمد صلاح أفاد الطلبة ولم يطلب مقابلا عن محاضراته من جانب آخر، وصف الدكتور ساعد ساعد الذي يشتغل استاذا جامعيا بالسعودية الفقيد محمد صلاح بأيقونة التعليق الرياضي، وقال في هذا السياق "عرفت الرجل متأخرا قبل 15 سنة، من خلال الدورات التدريبية التي كنا نقيمها في مركز التدريب الإعلامي بالقبة والبليدة. كان نعم الرجل خلقا وأدبا وتواضعا وتسامحا… يُحدث الطلبة والمتدربين عن تجاربه الطويلة وذكرياته الجميلة، وكواليس التعليق في الإذاعة والتلفزيون في أدغال إفريقيا وغيرها… يتحدث بقلبه وروحه المرحة.. فينصت له الجميع متدربين وأساتذة… ولا أذكر مرة سألني عن المقابل في محاضراته أو مداخلاته في التدريب… حقا أيقونة الجزائر في التعليق الرياضي… لازال صوته في أذني بصوته الجهوري يقطع الأنفاس وهو يرفع صوته عاليا مع حركات الكرة في الهجوم"، وختم الدكتور ساعد ساعد بالقول "الذكريات والأيام الجميلة التي قضيناها مع المرحوم محمد صلاح تبقى في قلوبنا وعقولنا ولا يمكن نسيانه". ويعد الصحفي الراحل محمد صلاح من مواليد جويلية 1936 بدمشق، التحق بالإذاعة الوطنية في الفاتح جانفي 1964، ليشتهر بين الناس بتعاليقه على الأحداث والمباريات الكبرى، وبصيحته الشهيرة في مباراة الجزائر – ألمانيا في مونديال 1982، كما تقلد عدة مسؤوليات آخرها نائب رئيس القسم الرياضي بالقناة الأولى إلى أن تقاعد إداريا سنة 1995، ثم اشتغل متعاونا مع القناة الأولى ببرنامج إذاعي بعنوان (أين هم)، ترك ثلاثة أولاد رابعهم توفي منذ سنوات اثر حادث مرور.