بعبارات صادقة نابعة من القلب وشهادة حيّة طبعتها روح المحبة والصداقة والإخلاص، وبتأثر كبير لفقدان رفيق الدرب، استذكر المعلق التلفزيوني وعميد الصحفيين بن يوسف وعدية أجمل اللحظات التي جمعته مع أيقونة الإعلام الرياضي محمد صلاح، الذي فارقنا قبل أيام فقط بعد صراع مع المرض، وكان ذلك خلال وقفة إستذكار وترحم نظمتها جريدة «الشعب». عاد بن يوسف إلى أجمل اللحظات التي جمعته مع صلاح، واصفا إياه بالقدوة الذي يجب أن يقتدي به جيل المستقبل سواء في طريقة عمله أو في خصاله قائلا: «أشكر جريدة الشعب على هذه الوقفة التي نظمتها والتي تعتبر بمثابة فرصة من اجل إستذكار مسيرة الإعلامي الكبير الذي فارقنا مؤخرا محمد صلاح، تاركا خلفه عملا كبيرا وجبارا لإيصال الكلمة والتعليق إلى الوطنية بطريقة رائعة جدا تجعل كل مستمع يعيش الأجواء كما لو كانت في التلفزيون». أضاف عميد الصحفيين قائلا: «تربطني مع محمد صلاح صداقة كبيرة منذ الستينات لأنه في هذه الفترة بالذات كانت مهمة صعبة بعد الإستقلال مباشرة كنا نطمح إلى خدمة اللإعلام الرياضي، وهدفنا أن ندخل لكل المنازل بتعليق جزائري خالص بعد طول إنتظار، ما يعني أن الأمر كان هام جدا بالنسبة للإذاعة والتلفزيون، ولكن من خلال العزيمة والإرادة وحب الوطن ورغبة منا في النجاح في مهمتنا رفعنا التحدي لكي يكون التعليق بالعربية وهذا ما إضطرنا إلى تغيير الأسلوب لكي نصل إلى هدفنا». «سعيد جدّا لأنّني عايشت أيقونة كبيرة» واصل وعدية قائلا: «بما أن صلاح كان معلقا في الإذاعة جعله يتميز بإتقانه للمصطلحات العربية، هذا ما ساعده في مشواره إضافة إلى إتقانه للعمل وتفانيه في تأديته على أكمل وجه، وكذا نوعية التعليق على المباريات سواء كرة القدم أو رياضات أخرى، وفي ذلك الوقت لم نتعود على القيام بعملية التعليق، إلا أننا وصلنا إلى هدفنا والأكثر من ذلك تلتها تعليقات خاصة بأنواع أخرى من الرياضة، والتي كانت بمثابة أمر جديد بالنسبة لنا لأنها لم تكن موجودة من قبل لكن بالعمل الجماعي وتكاتف الجهود تمكنا من النجاح إلى أبعد الحدود وأصبح للإعلام الرياضي دور كبير فيما بعد». أرجع بن يوسف وعدية إلى الظروف التي سبقت المهمة قائلا: «في البداية كان التساؤل حول نوعية المصطلحات وكيف نقوم بإيصال المعلومة للجمهور المتتبع للإذاعة حتى ننقل له الصورة على أكمل وجه من خلال وصف كل الأمور سواء اللباس، أو الجهة التي يلعب فيها كل فريق وطريقة تمرير الكرة بين اللاعبين إعطاء بعض النقاط التي تتعلق بالتاريخ لكي يستفيد المستمع، وهذا ما جعل للإذاعة في ذلك الوقت وزن كبير بما أنها كانت على المستوى الوطني وشاملة عكس جهازالتلفزيون الذي لم يكن متوفر في كل البيوت، ولهذا المعلق كان يصنع الصورة للناس، الذين يستمعون له سواء في الاماكن النائية أو المدن ويجعلهم يعيشون الحدث كما لو أنهم يتابعونه في الشاشة». «الجزائر سبّاقة في تعريب المصطلحات التقنية» أكّد ضيف «الشعب» أن ملحمة خيخون كانت المنعرج بالنسبة لصلاح قائلا: «أحسن حدث جعل صلاح يتألق ويبرز ملحمة خيخون في تلك الفترة أنا كنت في التلفزيون وهو كان في الإذاعة، وهناك سمعته لأول مرة حيث أني لم أفهم حينها سبب إعادة تعليقه على أهداف المنتخب الوطني لعدة مرات، ولكن لما وصلت إلى الجزائر وشاهدت المباراة التي جمعتنا مع منتخب ألمانيا الفيدرالية لمست تلك الطريق الرائعة والتاريخية في التعليق على أهداف وطريقة وصفها التي كانت بعفوية كبيرة ولكن نابعة من القلب ما جعلني أعتمد عليها فيما بعد في التلفزيون، ولهذا أنا جد فخور كوني عايشت هذا الإنسان الرائع». وجّه عميد الصحفيين الرياضيين رسالة للجيل الحالي طالبا منه الإقتداء بأسلافهم من أجل رفع المستوى قائلا: «نحن كافحنا وناضلنا حتى يستمر عمل الإذاعة والتلفزيون غداة الإستقلال رغم الصعوبات والعراقيل من كل الجوانب، إلا أن الإرادة والتحدي والشعور بالوطنية جعلتنا ننجح وبالفعل عربنا التعليقات والحصص والجزائر رائدة في هذا المجال لأنها كانت السباقة في تعريب ميدان الإعلام، وكان ذلك بداية من سنة 1968 ونجحنا وأتمنى أن يقتدي بنا الجيل الصاعد ونحن جاهزون من أجل تقديم الخبرة والتجربة لهم بالمجان لأن الإعلام أخلاق قبل كل شيء».