انتقل أعضاء المكتب السياسي المقصون إلى السرعة القصوى من أجل الرد على قرار إقصائهم من طرف الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، مستندين إلى ما يعتبرونها "جملة من الخروقات القانونية لمنظومة الحزب". وينتظر أن تشهد الأيام القليلة المقبلة (بعد انقضاء شهر رمضان) تصعيدا في التوتر الصامت حاليا بين ولد عباس وخصومه، تستعمل فيه كل "الأسلحة التقليدية وغير التقليدية"، لأن أعضاء المكتب السياسي المقصيين يعتقدون أنهم تعرضوا ل"ظلم تنظيمي غير مبرر"، وانطلاقا من أن تزكيتهم كانت على مستوى اللجنة المركزية، ومن ثم فهي المخول الوحيد بإنهاء مهامهم. وتحدثت مصادر من داخل المكتب السياسي عن تفاصيل انهيار الثقة بين الأمين العام وغرمائه في المكتب السياسي، وتقول هذه المصادر إن السبب في كل ما حدث، راجع لاتفاق أخلاقي وقع بين ولد عباس وأعضاء المكتب السياسي المقصين في آخر اجتماع للمكتب، يقضي بعقد دورة اللجنة المركزية المؤجلة في الثلاثين من الشهر الجاري، على أن يبقى هذا الاتفاق طي الكتمان، غير أن ولد عباس قرر التملص من وعده فقرر التخلص من شركائه في هذا الاتفاق. ويعني إبعاد أعضاء المكتب السياسي ال15، انهيار الاتفاق الذي سبقت الإشارة إليه، لأن الطرف الذي اتفق معه ولد عباس على عقد دورة اللجنة المركزية، لم يعد موجودا في الهيئة القيادية بعد استبدالهم بآخرين جدد، لا يمكنهم الشروع في العمل إلا بعد تزكيتهم من طرف اللجنة المركزية، وفق ما تنص عليه لوائح الحزب العتيد. وسيكون أول عمل سيقدم عليه أعضاء المكتب السياسي المقصون، هو الانضمام للمطالبين بانعقاد دورة اللجنة المركزية المؤجلة وما أكثرهم، وذلك استنادا إلى النظام الداخلي لهذه الهيئة القيادية، الذي يؤكد على أن "اللجنة المركزية تنعقد مرة واحدة على الأقل كل سنة". وبات ولد عباس، بقراره الأخير هدفا لنيران متعددة المصدر، لكنها تلتقي عند هدف واحد وهو الإطاحة به، وقد تكون نهايته شبيهة بما حدث للأمين العام الأسبق للحزب، عبد العزيز بلخادم، الذي انقاد لسحب الثقة قبل نحو خمس سنوات في دورة للجنة المركزية. ومن سوء حظ ولد عباس فهو مضطر لنهج هذا الطريق (عقد دورة للجنة المركزية) الذي لا مفر منه، لأن ترسيم شرعية أعضاء المكتب السياسي الجدد، يجب أن يمر عبر تزكيتهم من قبل هذه الهيئة القيادية، وفي ذلك مخاطر كبيرة على مستقبل ولد عباس على رأس الحزب العتيد. فغالبية أعضاء اللجنة المركزية متذمرون من تمرد ولد عباس على القانون الأساسي والنظام الداخلي للحزب العتيد، ومن ثم فهم يعتقدون أن فرصتهم المواتية للتخلص منه هو الترصد عند هذا الموعد لسحب الثقة منه، لا سيما أن الكثير منهم وقعوا على عريضة تطالب باستعجال عقد الدورة المؤجلة.