يؤكد الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية حماس سامي أبو زهري، أن مسيرات العودة التي انطلقت قبل فترة قد حققت أهدافها، على المستويين الداخلي والخارجي، ويجزم أبو زهري في هذا الحوار مع "الشروق" على هامش زيارته إلى الجزائر، بأن المسيرات لن تتوقف ولو دعت إلى ذلك الحركة، ويبدي المتحدث انزعاجا من تعامل فتح مع ملف المصالحة، قائلا إن السلطة مرتهنة للمواقف الأمريكية والإسرائيلية، بالمقابل، يبدي الكثير من الثناء على مواقف إيران من القضية الفلسطينية والحركة، ويتأسف للعداء الذي نصبته بعض الأنظمة الخليجية لهم. أيام تمر على انطلاق مسيرات العودة، أطراف عدة بما في ذلك الفلسطينية، انتقدت ضخامة عدد الشهداء والجرحى الذين سقطوا، ودعوا إلى توقيفها، هل ستواصلون المسيرات لمدة أطول، أم تعتزمون التوقف عنها مقابل تخفيف الحصار عن غزة، كما يعرض القادة الصهاينة عبر القاهرة؟ مسيرات العودة هي مسيرة شعبية تشارك فيها كل القوى الفلسطينية، حتى فتح في القطاع مشاركة فيها، ويشارك فيها كل أبناء شعبنا نساء ورجالا وعلماء وحتى أطفالا، هو ضغط لكسر الحصار الصهيوني عن غزة، وأيضا لمواجهة خطة ترامب وقراراته بشأن القدس، وتثبيت حق العودة في ظل النزعة الدولية التي تحاول تثبيت فكرة أن فلسطين هي غزة والضفة فقط، وهذا شيء خطير جدا، ولهذا كان العنوان الأبرز في المسيرات هو تثبيت حق العودة، وضمان هذا الحق، والمسيرات نجحت نجاحات كبيرا، وسببت إحراجا للكيان الصهيوني، كما وضعت نصف جيشه في حالة تأهب، وعجز عن مواجهة المسيرات، ووضعت المجتمع الدولي في الزاوية في متابعة الأحداث، فانعقد مجلس الأمن أكثر من مرة، وانعقاده يعكس إدراك المجتمع الدولي الأزمة الحاصلة في القطاع وضرورة إنهائها. القضية الفلسطينية عادت إلى الواجهة بقوة خاصة بهذا العدد من الشهداء، كما عادت القضية إلى الوعي العربي على الصعيد الشعبي وحتى الرسمي، فأطراف عربية كانت تناور لشطب القضية الفلسطينية بالتواطؤ مع ترامب وتمرير صفقة القرن هي عاجزة عن ذلك، في ظل هذا الصمود البطولي لشعبنا. الدعوات من البعض لوقفها هي دعوات معزولة وقليلة وهدفها التساوق مع الموقفين الأمريكي والصهيوني، وأنا أجزم بأن هذه المسيرات ولو قررت حماس الانسحاب منها، وتدعو إلى وقفها فلن تتوقف ، لأن الشعب الفلسطيني لم يجد من سبيل لمواجهة الحصار سوى الخروج في مواجهة الاحتلال. والحديث عن الثمن، لا يوجد شعب محتل يواجه عدوه دون ثمن، الثمن في حياة الشعوب المحتلة هو ثمن طبيعي، عندما نأتي إلى الجزائر نستحضر ما دفعه الجزائريون لطرد المحتل، نحن لن نتحرر إلا بدفع الثمن الذي دفعه الجزائريون، أما أن يتحدث شخص عن مواجهة الاحتلال بالورود والياسمين فهو غير واقعي في ظل احتلال مجرم. ماذا بعد المسيرات، ونحن نلحظ أنه لا تغيير قد حصل على أرض الواقع؟ نحن مطالبون بألا نستسلم ونبذل جهدا في مواجهة الاحتلال، وألا نرفع الراية البيضاء لهذا المحتل، هو راهن أن الحصار قد نجح في كسر غزة ومسيرات العودة أظهرت العكس، أثبتت أن غزة حية وقادرة على فرض المعادلات وقلب الطاولة على المحتل، إذن مسيرات العودة لا يمكن الحكم عليها بعد أيام فقط، المسيرات بدأت وستستمر حتى تحقيق أهدافها. يلوح القادة الصهاينة بحرب على غزة هذه الصائفة، هل سينفذ الكيان الصهيوني تهديداته، وهو الذي يشتكي من أسلوب الطائرات الورقية، الذي كبدته خسائر اقتصادية هائلة، وماذا عن جاهزية جناحكم العسكري؟ موضوع الطائرات الورقية من إبداعات الفلسطينيين، نحن نتحدث عن لعبة أطفال أصابت الصهاينة في مقتل، والآن يخرج قادة الاحتلال في مؤتمرات صحفية لتهديد أصحاب الطائرات الورقية، هذا يعكس حالة الضعف والوهن، لدولة تقول إنها قوة نووية، وتعجز عن مواجهة بضع طائرات ورقية هذا يزيد من ثقتنا بأنفسنا، وثقتنا في مدى قوة وجدية المسيرة. أما التهديد بشن حرب على غزة، فهو يهدد باستمرار وقد يلجأ إلى ارتكاب حماقة، ونحن لسنا في حالة قلق أو ارتياب، وجاهزون للتعامل مع أي خيار أو سيناريو. في هذا التوقيت غزة ليست معنية بحرب في ظل الوضع الإقليمي، ولكن إن فُرضت الحرب فإن المقاومة على أتم الجاهزية للمواجهة، للتعاطي مع كل الخيارات، وتهديدات نتنياهو ليست لها قيمة، ولو أدرك أنه يستطيع حسم الصراع مع المقاومة في ليلة واحدة فإنه لن يتوانى في شن الحرب على غزة، وهو يعرف أنه سيدفع ثمنا باهظا إذا شن عدوانا على القطاع. لكن قبل أيام عقدت تسوية مع المحتل الصهيوني، لوقف تبادل النار، كيف نقرأ هذه الخطوة، هل هي تراجع منكم؟ التصعيد الذي جرى الأسبوع الماضي، كان هدفه القفز على موضوع مسيرات العودة، ومحاولة إعطاء الانطباع بأن المسألة مرتبطة بمسألة صراع عسكري، وليست مسيرات شعبية، هو يريد أن يغطي على الفعل الشعبي المؤذي له في المحافل الدولية، والرأي العام العالمي، هو ارتكب حماقات ومدرك أن المقاومة في وضع لا يَسمح لها بالرد، وأن حسابات المقاومة ليس من المناسب الرد، هو اعتدى معتقدا أنه سيستمر في القصف، والذي حدث عكس ذلك تماما، المقاومة ردت بقوة وبشكل سريع وواسع، وهشمت صورة القبة الحديدية التي عجزت عن حماية نفسها قبل أن تحمي الاحتلال، والاحتلال أمام انفجار الوضع، هو الذي بدأ يتصل بأطراف دولية وفي الإقليم ودعوتها إلى التوسط مع حماس والمقاومة لضمان الهدوء، ونحن لم يكن لدينا مانع في ذلك، لم نكن المبادرين بالتصعيد، وكانت رسالتنا واضحة، إذا أوقف الاحتلال نحن جاهزون لذلك، وموقفنا ثابت هو الدفاع عن شعبنا. هل ما زالت الحركة تمتلك تفويضا شعبيا بأحقيتها في خوض حرب مع العدو الصهيوني، خاصة أن حربا أخرى سيدفع ثمنها بشكل أساسي المواطن الغزاوي؟ القرارات المتعلقة بالمقاومة الفلسطينية ومسيرات العودة هي قرارات تأخذ بالإجماع، بين الأطراف الفلسطينية ذات الصلة، القرار ليس قرارا فرديا لحماس لوحدها، والأمر الثاني نحن لا نذهب إلى مواجهات واسعة خاصة في ظل هذه الظروف العامة، نحن في حالة دفاع عن النفس وفي هذه الحالة يجب أن يكون هنالك إجماع فلسطيني للمقاومة. قضية أثارت جدلا في فلسطين، ويتعلق الأمر باستشهاد المسعفة رزان النجار، اتهمت كتائب القسام بالاعتداء على المشيعين، ماذا حصل؟ وما تعليقكم على والد الشهيدة الذي دعا إلى معاقبة المتورطين؟ الشهيدة رزان النجار هي إحدى المناضلات اللائي مثل عطائهن معلما بارزا لأهلنا في غزة ومثّل استشهادها علامة مهمة لدور المرأة والفتاة الفلسطينية، وتهشيم وتحطيم صورة الاحتلال أنه في حالة دفاع عن النفس ثم يقتل مسعفة. أما ما جرى من لغط أثناء مراسم تشييع الشهيدة وتبنيها، هذا ناتج عن الخلل والتجاوز من الإخوة في حركة فتح، كان الاتفاق في الهيئة الوطنية المسؤولة عن مسيرات العودة على تبني الشهيدة بشكل جماعي، وأيضا تنظيم احتفاء جماعي، ولكن الذي حدث أن هنالك خروجا عن التوافق، ولكن في النهاية الجدل لا ينتقص من وزن الشهيدة وقيمة أهلها، وموضع والد الشهيدة علينا أن نسمع للآخرين وألا ننزعج، ولكن علينا أن ندرك أن هنالك أطرافا تحاول استغلال الأحداث وأي قصة بغرض الإساءة إلى صورة المقاومة، لكن الناس في غزة تعرف الحقيقة. من الغرابة أن يحدث تنازع لأسباب كهذه؟ نحن لم نتبن الشهيدة، ولسنا طرفا فيما حصل أصلا، الشهيدة تنتمي إلى جبهة الديمقراطية، والفصائل الموجودة في اللجنة الوطنية لمسيرات العودة قررت بالإجماع تبني الشهيدة باسم جميع الفصائل نظير ما قدمته، ونحن لم نطلب ذلك، ولم نكن طرفا في السجال، ولكن هنالك من يحاول الإساءة إلى المقاومة، حيث تعتبر حماس القائدة. وماذا عن مسار المصالحة، ألم يتحقق شيء؟ المصالحة مرهونة بالمزاج الإسرائيلي والأمريكي والإقليمي عموما، والسلطة للأسف هي مرتهنة لهذا المزاج نحن بدأنا خطوة ومشوارا جيدا وقطعنا شوطا كبيرا، وفي ظل وجود تدخلات، عادت الأمور إلى الخلف وكل ما تم إنجازه توقف والمصالحة مجمدة بسبب مواقف فتح. سلمنا الوزارات والمعابر ولم يعد بإمكاننا تقديم شيء آخر، والطرف الآخر لم يلتزم بشيء، لم يلتزم برواتب الموظفين ورفع العقوبات عن غزة من كهرباء وعلاج، وقلنا لهم بشكل واضح إنه من الممكن أن نختلف مع بعضنا البعض ولكن يجب ألا تعاقبوا غزة. لمعالجة خلافتنا علينا أن نصبر على بعضنا البعض، لا أن نزج بالناس بهذه الطريقة وحرمانهم من الرواتب والعلاج والكهرباء، والاستمرار في الضغط على كل متنفس في غزة فهذا أمر غير مقبول. رئيس الحركة يحيى السنوار، أثنى قبل فترة في تصريحات تلفزيونية على إيران، وقائد فيلق القدس قاسم سليماني، ألا تسبب لكم هذه التصريحات والمواقف المتقاربة لكم من طهران بعض الحرج، آخذين بعين الاعتبار الخصومة بين إيران وعدد من الأنظمة العربية؟ يجب أن نكون واضحين، العلاقة مع إيران تستند على قرار مجتمع عليه داخل مؤسسات الحركة، وهذا ليس اجتهادا فرديا من قبل أي قائد في الحركة، نسعى لندير علاقاتنا بتوازن كبير ونحافظ على جميع علاقاتنا، لدينا علاقات جيدة مع مصر، وبالمقابل لدينا علاقة جيدة مع إيران. البعض من أبناء أمتنا لديهم ملاحظات على هذه العلاقة، هذا شيء طبيعي ولا يزعجنا، لكن نحن أصحاب قضية ولا نريد أن نصبح طرفا في أي سجالات، أو أي خصوم، ونبحث عن أي متنفس في معركتنا. ومن يلومنا، عليه أن يعذرنا لأنه في ظل الخنق الذي تتعرض له القضية الفلسطينية، يجب أن يتعامل معنا كل أبناء الأمة للبحث عن أي نافذة لإسناد المقاومة الفلسطينية، ونحن بشكل واضح في ملف القضية الفلسطينية، إيران وقفت إلى جانب القضية وتحديدا المقاومة، وعلينا أن نشهد بهذا الأمر من دون تردد، ورسالتنا إلى كل الأطراف يجب حل الإشكالات التي يعاني منها أبناء شعوب المنطقة وخاصة في سوريا، نحن مع الحل هنالك وعودة الشعب السوري إلى أرضه ومع وجود حق الشعب السوري في إدارة شأنه هذا موقفنا أصلا، لكن يجب أن نتفهم أبناء أمتنا بعض ممن يمتلك ملاحظات على مواقفنا، عليه كذلك أن يتفهم مواقف الحركة باعتبار القضية قضية جامعة وتسع الجميع. وماذا عن الجفاء الحاصل مع بعض الأنظمة الخليجية، كيف يمكن تجاوزه؟ مواقف بعض الأنظمة الخليجية ليس سببه الحركة، مواقفها بُنيت انطلاقا من الرواية الإسرائيلية التي تصور حماس أنها حركة إرهابية، رغم أن العرب موقفهم هو تحرير فلسطين من احتلال الصهاينة وليس مخاصمة الشعب الفلسطيني، والمقاومة دورها تحرير فلسطين. بالمقابل، نحن لا نخاصم هذه الأطراف ونسعى لإبقاء الأبواب مفتوحة والحرص على العلاقات معها، ونعتبر أن المصلحة تتقلب والسياسة تتقلب، ونأمل أن تصل هذه الأطراف لقناعة قريبا بأن مواقفها ضد حماس وضد المصالح الفلسطينية مواقف خاطئة. هل هنالك مسعى أو اتصالات تقومون بها مباشرة أو عبر وسطاء لتقريب وجهات النظر معها؟ أبوابنا مفتوحة، وحين نلتقي بأي مسؤول أو شخصيات نبلغهم مواقفنا وحرصنا على علاقة متوازنة مع الجميع، بما في ذلك الأطراف التي جعلت نفسها في مواجهتنا. نخبة دينية في العالم العربي أمثال وسيم يوسف ومشاري راشد العفاسي يتهمون الحركة بتوريط الفلسطينيين في مواجهة غير متكافئة مع العدو الصهيوني، كيف تنظرون إلى هذه الآراء؟ الأسماء المذكورة لا أصفها بالنخبة المتدينة، توصيفها بالنخبة المتدنية توصيف غير دقيق، هذه شخصيات محسوبة على أطراف عربية معينة وهي تترجم مواقف هذه الأطراف عبر التغريدات والتصريحات السلبية، لم أسمع لهذه الشخصيات مواقف تهاجم الاحتلال الذي يقتل الفلسطينيين ويهاجم الأقصى ويدنسه كل يوم ويستبيح ساحات المسجد الأقصى، لم نسمع العفاسي ولا وسيم يوسف يهاجم المستوطنين، بل بالعكس سمعناهم يتهجمون على المقاومة التي هي في حالة دفاع الناس، المشكلة في الاحتلال وليست في الشعب الذي يدافع عن نفسه، وأيضا مثل هذه التغريدات لا تعنينا في شيء، من يغرد على تلك الشاكلة يسقط ولا يسيء إلا لنفسه، ومكانته بين الشعوب كانت أفضل بلا شك قبل هذه التغريدات. مرة أخرى أنت في الجزائر، ماذا لمست في هذه الزيارة؟ نحن نتردد على الجزائر كما نتردد على مختلف ساحاتنا العربية والإسلامية، وهذه الساحة بالذات نقصدها بكثرة لما تمثله من حضن دافئ لشعبنا، هذه الأرض كنز معنوي حقيقي لا يمكن أن نفرط فيه، ونعمل على توطيده. وأهل غزة يفهمون هذا جيدا وهو ما تعكسه أعلام الجزائر التي ترفع في مسيرات العودة دون أن يُطلب منهم أحد ذلك وحتى الأطفال يفعلون هذا وجثمانين الشهداء تكفن بالراية الجزائرية، كما أنني التقيت ببعض المسؤولين من جهات الاختصاص وهذا في سياق التواصل مع الجهات المعنية في البلاد.