اكد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي داوود شهاب في حوار ل”البلاد”، أن بعض المشاريع الكبيرة التي تنجز بجهود قوافل رفع الحصار هي من أموال الجزائريين خاصة مستشفى الجزائر في غزة· وفي الشأن الفلسطيني انتقد مشروع إعلان عباس عن قيام الدولة الفلسطينية وقال إن المصالحة لا ينبغي أن تسقط خيار المقاومة· هل يمكن الوقوف على الأسباب التي قادتكم لزيارة الجزائر؟ زيارتي للجزائر تأتي للتواصل مع مكونات الشعب الجزائري بمختلف توجهاته الإسلامية، الوطنية والديمقراطية، وشرح أبعاد الصراع في فلسطين وحاجة الشعب الفلسطيني إلى حضن عربي وإسلامي يرعى القضية الفلسطينية ويدعمها، إلى جانب حث الشعوب العربية والإسلامية على القيام بدورها في دعم مدينة القدس في مواجهة التهويد والتدنيس الذي يقوم به الكيان الصهيوني· كيف كان انطباعكم من هذه الزيارة؟ خرجنا من هذه الزيارة بانطباع إيجابي جدا، وجدنا كل مكونات المجتمع الجزائري تقدم دعما كبيرا وغير محدود للقضية الفلسطينية ووجدنا الرئاسة والحكومة والشعب يدعمون الشعب الفلسطيني· اللقاءات كانت مع القوى السياسية في الجزائر على رأسهم الإخوة في حركة مجتمع السلم وجمعية العلماء، وتزامن وجودنا في الجزائر مع وفاة العلامة الشيخ عبد الرحمان شيبان رحمه الله، وكان لنا شرف تقديم العزاء للشعب الجزائري وجمعية العلماء وأهل الشيخ عبد الرحمان شيبان رحمه الله· كما التقينا مع فصائل التيار الإسلامي الأخرى كالإصلاح والنهضة· كيف تقرأون إصرار عباس على الذهاب إلى الأممالمتحدة للإعلان عن إقامة الدولة الفلسطينية؟ أولا، نحن حركات تحرر وطني، وتحرير الأرض الفلسطينية هو الهدف الذي نناضل من أجله·· إذا هدف حركة التحرر الفلسطيني ليس إقامة دولة الآن فالحديث عن إقامة دولة في ظل الاحتلال هراء وسراب، بل إن ذلك سيشغلنا عن هدف التحرير، لأن ذلك من شأنه أن يعيق مشروع المقاومة ويدخلنا مجدداً في أتون المفاوضات، خاصة وأن هذا التحرك السياسي من قبل السلطة ورئيسها جاء بعد أن تنكر الاحتلال الصهيوني للمفاوض الفلسطيني ولم يف بتعهداته وأخذ يتذرع بعدم وجود شريك في المفاوضات· لذا قرر الأخ أبو مازن الذهاب للأمم المتحدة كمحاولة للضغط على الاحتلال وإثبات وجوده كشريك تفاوضي، ونحن نعتبر هذه محاولة متجددة لاستجداء المفاوضات، وطبعاً هذا الحراك على حساب برنامج ونهج المقاومة الذي تسعى المفاوضات والاتفاقات الأمنية إلى إجهاضه· نحن على قناعة بعدم جدوى هذا الحراك، وقد سبق أن أعلن عن قيام دولة فلسطينية في الجزائر عام 8891 فماذا قدم ذلك الإعلان للقضية الفلسطينية؟! الشعب الفلسطيني موجود ومنزرع في أرضه ولسنا بحاجة إلى من يعترف بوجودنا وحقنا في أرضنا، وهذا الحق يجب أن نناضل من أجله ومعنا كل أمتنا· هذا الحق لا يأتي ويستعاد بالاستجداء والمفاوضات التي كانت على حساب مقومات العودة والتحرير· ما رأيكم في موقف حماس من القضية؟ نحن والإخوة في حماس والقوى الفلسطينية الملتزمة متفقون على الموقف من المفاوضات ومسعى إقامة الدولة الذي نراه محاولة لتسويق الوهم· نحن ندرك أن قضية إعلان الدولة هذه هي محاولة لإلهاء الحراك السياسي بمسألة نحن نعرف مسبقا أبعادها وعدم جدواها ونحن لسنا ضد وجود حراك سياسي عربي وإسلامي لعزل الكيان الصهيوني وفضح جرائمه، ولكن أن ينشغل الحراك السياسي في مسألة إعلان الدولة بهذه الطريقة فهذا يشغلنا كثيرا ويعطل البرامج الجهادية وبرنامج المقاومة والتحرير· هذا الحراك السياسي كان لا بد أن يركز على ما يجري في القدس من تهويد وتشكيل موقف موحد لحمايتها· كيف تفسرون إصرار عباس على الإبقاء على فياض رئيسا للحكومة المقبلة مع ذهاب عباس إلى المصالحة؟ المصالحة الفلسطينية ضرورة دينية ووطنية، والمصالحة تشكل رافعة للعمل الوطني المشترك لاستكمال مشروع التحرير الذي هو هدفنا، نحن نقول بضرورة وحدة الجميع في خندق المقاومة والجهاد، هذه هي الرؤية التي ننطلق منها لتحقيق المصالحة، ولذلك بذلنا جهودا مضاعفة وقدمنا في سبيل ذلك الكثير إلى أن ذهبنا مؤخرا إلى القاهرة وتم التوقيع على المصالحة بين مختلف الفصائل الفلسطينية· وكان هذا الاتفاق هدية الشعب الفلسطيني لكل الشعوب العربية· ما جرى بعد التوقيع أن الأخ أبو مازن أصر على أن يبقى سلام فياض على رأس الحكومة التي ستشكل، نحن في حركة الجهاد الإسلامي موقفنا واضح من المشاركة في هذه الحكومة وهو موقف رافض للمشاركة ولذلك لم نشارك في المباحثات المتعلقة بتشكيل الحكومة· وكان من وجهة نظرنا أن نبدأ بتطبيق البند المتعلق بإعادة بناء منظمة التحرير لتكون إطارا جامعا للكل الوطني، أو أن يكون تطبيق المصالحة بالتوازي بين كافة البنود· الإخوة في حماس وفتح أصروا على البدء بملف خلافي وهو ملف الحكومة ولذلك برزت العراقيل والتدخلات الخارجية· وبات الأمل يتلاشى بتطبيق المصالحة· ونحن نأمل ألا نقف عند حدود الأسماء وتقديس الأشخاص، لأن ذلك سيكون مدعاة للفشل والعودة إلى المربع الأول من الانقسام والمناكفة والسجالات· لا بد من التقدم خطوة إلى الأمام· وإذا لم يتفقا على بند الحكومة يجب العودة إلى أطراف الاتفاق والالتزام بالإجماع في هذه المسألة· هناك من يرى أن ذهاب محمود عباس إلى المصالحة لم يكن إلا للبقاء في السلطة، ما مدى وجاهة هذا الرأي؟ نحن لا نريد أن نسيء الظن ونتمنى أن تكون المصالحة قد تمت بدافع وطني من الجميع، وأن تكون القلوب مفتوحة للعمل المشترك لتحقيق أهدافنا في العودة والتحرير· ما موقع المقاومة في مشروع المصالحة خاصة أن إسرائيل الرافضة للمصالحة لن ترضى بما دون تقليم أظافر المقاومة؟ المصالحة لا يجب أن تكون على حساب المقاومة، وهذه الأخيرة هي مستقبل الشعب الفلسطيني المتوحد على مواجهة الاحتلال وبالتالي نحن مع المصالحة التي تحفظ للشعب الفلسطيني حقوقه وتشكل دافعا إضافيا لبرنامج المقاومة ومشروع التحرر في فلسطين ونحن لا نفهم المصالحة إلا في هذا الإطار أن نتوحد ونتراص جميعا في مواجهة الاحتلال ومقاومته ووحدة الصف بكل تأكيد ستسهل كثيرا تحقيق أهداف المقاومة· ألا يخشى على حماس وهي تشارك مرة أخرى في العملية السياسية أن تنخرط في مسار التنازلات؟ أريد لنا ولحركة حماس أن نقدم تنازلات تتعلق بالموقف السياسي وتعرض الإخوة في حماس لضغوط كبيرة والحصار المضروب على الشعب الفلسطيني لإجباره على التخلي عن برنامج المقاومة وتقديم مختلف التنازلات للاحتلال ولكن الشعب صمد واستبسل في كل المعارك وحركة حماس تدرك تماما أن تقديم التنازلات سيقلل من شعبيتها واحتضان الشعب الفلسطيني لها، لذلك فلا حماس ولا باقي الفصائل الأخرى والشعب الفلسطيني يقبل التنازل عن المقاومة وعن حقوقه المشروعة· أنت من غزة، فكيف الوضع في غزة؟ الأوضاع لاتزال صعبة رغم تحسن طفيف، لكن الحصار لايزال متواصلا وإسرائيل تمارس كل أشكال الاضطهاد والعدوان في حق الشعب الفلسطيني· لكن رغم كل ذلك فالشعب الفلسطيني صامد والمقاومة ثابتة وقادرة على على صد العدوان ومواجهة أي تصعيد عدواني أو حربي من قبل إسرائيل· أوضاعنا الآن أفضل بكثير مما كانت عليه قبل الحرب على غزة· للمقاومة جاهزية عالية وعلى استعداد لمواجهة إسرائيل، وقد استخلصت من الحرب الماضية العبر والدروس الكفيلة بتعزيز الصمود أكثر· أما الحصار السياسي والاقتصادي فلايزال متواصلا، والشعب لا يكل ولا يمل لإعادة بناء مؤسساته وبناء ما هدمته الحرب، وهذا كان واحدا من أهداف الزيارة التي قادتنا إلى الجزائر لنعمل على حشد دعم المؤسسات المدنية لدعم قطاع غزة· يعني الحاجة إلى تنظيم قوافل لاتزال قائمة؟ بطبيعة الحال، الحاجة إلى قوافل جديدة وأشكال جديدة لكسر الحصار لاتزال ملحة، ناهيك عن الدعم المعنوي الكبير الذي قدمته هذه القوافل للشعب الفلسطيني· واليوم هناك العديد من المشاريع الكبيرة التي تنجز بجهود قوافل كسر الحصار ومستشفى الجزائر في طور الإنجاز في غزة بأموال الجزائريين التي وصلت عبر القوافل في شهر رمضان من العام الماضي· وهناك قافلة أخرى ستنطلق قريبا إلى غزة من الجزائر· وبالمناسبة فالقوافل التي جاءت من الجزائر سواء تلك التي أشرفت عليها جمعية العلماء أو الإرشاد أو الهلال الأحمر، أو الأموال التي رصدها السيد الرئيس بوتفليقة لقطاع غزة كلها ساهمت في كسر الحصار ونأمل في أن تستمر هذه المساعدات، وهذا عهدنا بالشعب الجزائري· التهديدات الإسرائيلية مستمرة، فكيف تتعاملون مع هذا المعطى؟ نوايا الاعتداء قائمة، ونعتقد أن الحرب لم تتوقف على الشعب الفلسطيني، الحرب مستمرة وتأخذ أشكالا متعددة تارة بالاستيطان وتارة بالاعتداءات العسكرية والقصف، وتارة أخرى بالحصار والتهويد المستمر والاستباحة اليومية للضفة الغربيةوالقدس· ونحن قدرنا في فلسطين أن نتصدى لهذه الحرب وأن نواجه الآلة العسكرية المدمرة للاحتلال الصهيوني، وأن نموت شهداء على أرصنا صامدين، ولن نسمح أبدا للكيان الصهيوني بأن يهنأ بالاستقرار· ومع كل هذا فالاحتلال يفكر ألف مرة قبل أن يقرر شن حرب على الشعب الفلسطيني، لأنه يدرك تمام الإدراك قدرة الشعب الفلسطيني على الصمود· ذكرتم قبل قليل قضية التهويد وللأسف الشعوب العربية أقل تحركا في مسألة التهويد مقارنة بتحركها عندما يتعلق الأمر بعدوان عسكري؟ الحقيقة ما يجري في القدس أمر مؤسف ومؤلم جدا وقضية تهويد القدس تمر بآخر فصولها ربما وإذا لم تتحرك الشعوب العربية والإسلامية والحكومات والقيادات العربية مجتمعة فقد نصحو يوما ونجد الاحتلال الصهيوني قد ابتلع مدينة القدس، الآن أبناؤها يتصدون للاحتلال بأجسادهم العارية لذلك نحن مطالبون اليوم عرب ومسلمون وأحرار بتوفير كل أشكل الدعم للحرم المقدسي وأن نفعل كل الجهود الممكنة لحماية مدينة القدسالمحتلة هذا هو العنوان الكبيرالأساسي الذي يجب أن نلتف حوله بدل الانشغال بإعلان الدولة بعيدا عن الشجب والاستنكار والخطابات يجب أن يكون هناك حراك جدي عملي وفاعل لحماية القدسالمحتلة· ما تأثير الثورات العربية على القضية الفلسطينية؟ ما يحدث في العالم العربي أمر لا نخشى منه لأنه في صالح الشعوب والشعوب دائما مع قضايا الأمة لكن لا نريد كشعب وقوى أن نتدخل تدخلا مباشر لأننا نعتقد أن ما يجري من حراك شأن داخلي· بلا شك عندما يحاكم رأس النظام المصري السابق حسني مبارك ويفتح ملف تصدير الغاز لكيان الاحتلال بمبالغ زهيدة جدا هذا يكشف أن هؤلاء الحكام لم يكونوا مع إرادة الشعوب وظنوا أن الاستقواء بالخارج يغنيهم من التصالح مع شعوبهم والاستقواء معهم وبهم ويمكنهم من البقاء على العروش ولكن نسوا أن إرادة الأمة لاتزال بخير وقادرة على إحداث التغيير واستعادة دورها الحضاري الريادي وعلى هذا نتمنى أن يكون هذا الحراك والتغيير في اتجاه تحقيق نهضة عربية وإسلامية شاملة تستعيد معها الأمة دورها الحضاري في هذا العالم· الشعوب تواقة إلى تحرير فلسطين وأي قيادة أو حكومة تتخلى عن دعمها للقضية الفلسطينية سيكون عكس إرادة الجماهير العربية، وكل من يتاجر بالقضية الفلسطينية سيدفع ثمن ذلك نقدا وسيفضح· كيف وجدتم الجزائر في أول زيارة لها؟ انشرح صدري عندما رأيت شباب الجزائر بخير، عندما رأيت المساجد مكتظة بالمصلين، عندما رأيت هذه الصحوة وأنا أقول لهؤلاء الشباب إن الإسلام هو الذي يحمي كل شبر من أرضنا وتراثنا ووجودنا وحضارتنا· والجزائر بلد كبير له تاريخ وحضارة، وعلى مدار التاريخ كانت الجزائر بلدا رائدا وقويا في العلم والمعرفة، والجزائر لها من المؤهلات والإمكانيات ما يجعلها دولة رائدة على المستوى العربي والإفريقي والمغاربي وتكون لها كلمتها في المحافل والمؤسسات الدولية· هناك شباب تورطوا في ظاهرة الإرهاب بالجزائر وفي غيرها، فماذا يمكن أن تقول لهم وأنت الذي جئت من أرض الرباط؟ بالمناسبة، أقدم باسم ”الجهاد الإسلامي” أسمى عبارات المواساة لأهالي المصابين في اعتداءات تيزي وزو، وأقول إن الإسلام بريء من كل أشكال العدوان والاعتداء· والمعركة الأساسية للشباب العربي والإسلامي والقوى الإسلامية هي مع الاحتلال الذي يستحل أرضنا ويغتصب مقدساتنا، وبعد ذلك فالمعركة معركة إعمار وبناء· ثم إن أصحاب الفكر المضلل والمنحرف يستخدمون لخدمة أغراض وأهداف تتناقض ومصالح ومقاصد الشريعة وجوهر الإسلام ومع مصالح الأمة، وعلى هؤلاء أن يعودوا إلى رشدهم وأن ينتبهوا إلى المخططات التي تريد لأمتنا أن تغرق في أتون الحروب والصراعات الداخلية والانقسامات، عليهم أن ينخرطوا في معركة التنمية بدل معركة الإرهاب الخاسرة·