ركن سيارة للدخول إلى الشواطئ، وإلى المنتزهات والحدائق وأماكن الترفيه.. وإلى مقرات المؤسسات، وإلى الأسواق.. مغامرة قد تؤدي بحياتك مع أشخاص تطفلوا على حظائر ليست حقا لهم.. فبين الخوف على السيارة وبين الرفض والدخول في المشاكل يبقى على أصحاب السيارات الخضوع لسماسرة "الباركينغ" مرغمين، ويدفعون مبالغ تضاف إلى المصاريف التي أثقلت كاهلهم في زمن الغلاء!.. رب عائلة من ولاية سكيكدة طعن حتى الموت، الأسبوع الماضي، من طرف شاب يتحكم في حظيرة عشوائية.. والحجة عدم دفع مبلغ الركن!.. في ثاني يوم العيد تعرض موظف بمطار أحمد بن بلة الدولي بوهران، إلى اعتداء خطير من طرف أشخاص ادعوا امتلاكهم لمكان من الشاطئ، بعد أن أجبروه على دفع 1200دج كحق الاستغلال.. وفي سنة 2014، نشرت على صفحات الفايسبوك، صورة رضيعة لم تتعد 20شهرا، تعرضت لتشويه على مستوى خدها الأيسر من حارس حظيرة غير شرعية في ولاية عنابة، انتقاما من والدها لأنه رفض دفع المبلغ!.. وقضايا أخرى كثيرة انتشرت عبر أنحاء الوطن، وباتت سيناريو يتكرر يوميا يحمل رمز"اللاأمن" في الجزائر. وفي هذا الإطار أكد المحامي زكريا بن لحرش، عضو رابطة حقوق الإنسان، أن قضايا الاعتداءات وتحطيم المركبات بسبب مشاكل "الباركينغ"، أصبحت تملأ المحاكم الجزائرية، حيث لا تخلو جلسات الجنح من قضايا أصحاب الحظائر العشوائية، وقال إن السائقين الجزائريين، يعيشون اليوم تحت رحمة عصابات اسمها "مافيا الحظائر العشوائية". البطالة وغياب الرقابة ثنائية خطيرة وأرجع، زكريا بن لحرش، محام لدى مجلس قضاء الجزائر، أسباب الانتشار الواسع للحظائر العشوائية، إلى عدم وجود فرص عمل للشباب، وعدم توفر رقابة من السلطات المحلية، حيث يعتبر هذان العاملان وراء الظاهرة، وقال إنه كمحام يتكفل ب3 ملفات شهريا تدور قضاياها حول "الباركينغ"، حيث دافع خلال شهر رمضان عن شابين من العاصمة، تم توقيفهما من طرف مصالح الأمن بعد أن فرضا سلطتهما على أصحاب السيارات الذين يدخلون الجزائر الوسطى، وتم إدانتهما ب6 أشهر حبسا غير نافذ. وتأسف لما وصلت إليه قضايا الحظائر العشوائية، حيث كشف عن قضية شخص ركن سيارة سياحية في شارع تليملي بالعاصمة، ولما رفض دفع مبلغ لشاب ادعى أنه صاحب الحظيرة، قام بتحطيم سيارته بعمود حديدي، مضيفا أن السكوت على مثل هذه التصرفات سيؤدي إلى نتائج وخيمة وإلى انتشار الحظائر العشوائية حتى في المدن الداخلية وفي القرى. تعاطف المحاكم ساهم في انتشار الظاهرة وحذّر المتحدث، من التطور الخطير لمافيا الحظائر العشوائية، قائلا إن القانون في حد ذاته قد يكون قمعا لا يصلح آفة اجتماعية، حيث يرى أن تغيير الذهنيات وتكثيف الرقابة للسلطات المحلية هو الحل، واتحاد المواطنين الجزائريين لردع الظاهرة. في السياق، قال المحامي سليمان لعلالي، إن أغلب حراس الحظائر العشوائية، الذين يتابعون قضائيا بتهمة تدخل في وظائف من دون وجه حق، يدانون بغرامة مالية أو عقوبة غير نافذة، حيث تستغل هيئة الدفاع عليهم، مغالطة العاطفة والأوضاع المزرية التي يتخبطون فيها، في حين أن العقوبة التي تنص عليها المادة القانونية تصل إلى عامين حبسا نافذا وغرامة نافذة. مبالغ الحظائر العشوائية ضريبة غير قانونية يدفعها الجزائريون من جهته، دعا مصطفى زبدي، رئيس جمعية حماية وإرشاد المستهلك، السلطات المسؤولة، إلى إيجاد حلول عاجلة مع انطلاق موسم الاصطياف، لحماية الجزائريين من مافيا الباركينغ، ورفع الضريبة غير القانونية التي يفرضها هؤلاء على أصحاب السيارات، وقال إن المساحات في المدن الكبرى يستولي عليها شباب ويفرضون قوتهم من دون وجه حق، واعتبر المبالغ التي يحددونها مسبقا والتي تتعدى أحيانا 200دج، بهدف الربح السريع تحسب على القدرة الشرائية للمواطن. ويرى أن الأمور تتخذ اتجاها خطيرا، إذ أصبح، حسبه، حراس الحظائر العشوائية، يشترطون شروطا حسب مزاجهم على أصحاب المركبات، وتكيف مواقف حسب مصلحتها، وتحدد ساعات التوقف والدفع المسبق، مشهرة "الهراوات" في أوجههم. وحمل السلطات المحلية المسؤولية الكاملة في القضاء أو تنظيم الحظائر العشوائية ومحاربة هذه الممارسات التي لا تخدم الجزائريين ماديا ولا معنويا، كما طالب بفتح حظائر قانونية لحل المشكل. طوارئ وسط الولاة ومصالح الأمن وحسب إجراء اتخذته ولاية الجزائر مؤخرا، يقضي بتحويل المساحات الشاغرة إلى حظائر، والقضاء على 1200 حظيرة عشوائية موزعة عبر 57 بلدية، ضمن إجراء المخطط الاستراتيجي لعصرنة العاصمة، فإن بلديتي حسين داي، والقبة اللتان تعرفان اختناقا مروريا، الأكثر نشاطا لحراس الحظائر العشوائية. وأكد رئيس بلدية سيدي موسى شرق العاصمة، علال بوثلجة، للشروق، في هذا السياق، أن الوالي عبد القادر زوخ، أعطى مؤخرا تعليمة حق تسيير المساحات الشاغرة في كل بلدية من طرف المؤسسة الولائية لتسيير حظائر السيارات مباشرة، وذلك عن طريق لجنة البلدية وممثلين عن المصالح الأمنية، حيث تم الشروع في إحصاء هذه الحظائر التي ستكون قانونية. وأوضح في اتصال بالشروق، أن إشكالية الحظائر العشوائية، جاءت لعدم وجود بديل عن حظائر مقننة ومدروسة، وهو ما دفع الأمور، حسبه، على الفوضى، وقال إنه بعد مرحلة تنصيب لجان بلدية لإحصاء المساحات الشاغرة، ستتراجع مافيا الباركينغ على مستوى العاصمة. ودعا إلى تنسيق وتعاون كل الجهات المسؤولة، في ظل قرار سياسي صارم، وبكل الوسائل لخلق البديل والردع لظاهرة الحظائر العشوائية في الجزائر. من جهتها دعت مصالح الأمن الوطني المواطنين إلى الإبلاغ عن الحظائر العشوائية خاصة تلك التي تنتشر في الشواطئ.