يدخل الكثير من المخطوبين معترك الحياة الزوجية وهم يحملون أحلاما وردية بعيدة تماما عن الواقع بتحدياته وقسوته، وما إن يتكشف لهم هذا الوجه السيئ من الزواج، حتى تنشب الخلافات بين الطرفين، وتتصاعد حدة المشاكل لينتهي الأمر بهما إلى الانفصال. من هنا، جاءت أهمية تنظيم دورات للتأهيل الزواجي تحت إشراف جمعية العلماء المسلمين التي أيقنت أن إعداد الزوجين نفسيا واجتماعيا من شأنه أن يقلل من الخلافات ويوقف زحف الطلاق الذي يشهد ارتفاعا مطردا في الجزائر. في هذا الحوار الذي خصت به الاستشارية الأسرية عتيقة نابتي "جواهر الشروق"، سنتعرف على أهمية هذه الدورات، وأثرها الكبير في وقاية الأسرة من الطلاق والتشتت. ما أهمية دورات التأهيل الزوجي؟ تكمن أهمية دورات التأهيل الزواجي في الاستعداد النفسي والاجتماعي والمادي وحتى الفطري في استقبال حياة جديدة ، ذلك لأن الأسرة الممتدة كانت فيما مضى تتكفل بتهيئة البنت والولد على حد سواء لاستقبال حياة زوجية بأسس وضوابط أسرية عن طريق العمة والخالة والأم والجدة وعن طريق كبراء العائلة. الآن نحن في زمن لم يعد للعائلة كبارا ولم يعد هناك أسس تربوية يمكن أن تسهم في توجيه المقبلين على الزواج لذلك يدخل المتزوجون على رحلة الزوجية وهم لا يملكون زادا . ومن ذلك جاءت أهمية دورات التأهيل النفسي والتعرف على الذات وميولها وطباعها والتعرف على كثير من الأمور التي تكون زادا في الحياة الزوجية، منها الاطلاع حتى على بعض من أمور الثقافة الجنسية وميزانية البيت وسبل إدارة الحياة الزوجية وفق أسس التوافق الزواجي وغيرها من الأمور التي تحتاج إلى طول شرح وتوضيح. كيف تجدين الإقبال على هذه الدورات من طرف الجنسين؟ الاقبال من طرف الفتيات أكثر، وأعتقد أن سبب ذلك يرجع لأمرين اثنين الأمر الأول :هو كون هذه الدورات يقدمها مدربوا التنمية البشرية ومنهم الكثير الذي أساء لها وجعلها موردا لنهب جيوب الناس وهذا واقع نعيشه رغم أن فيها الكثير من الناس الرساليين والأمر الثاني : هو عدم فهم فحوى هذه الدورات، حيث يعتقدون أنها عبارة عن دروس عن الخطبة والزواج وتلك الأمور الفقهية التي يمكن أن تقدمها بعض المساجد، لكن نفعها يبقى قليلا لأنها تركز على الجانب الفقهي منها وبطريقة تقليدية. أما الشباب، فهم حتى في باقي الدورات حضورهم قليل أعتقد أنه أمر يتعلق بذهنية الرجل الجزائري. ما هو الأثر الذي لمستموه من تنظيم هذه الدورات؟ الأثر رائع جدا، بحيث تخرج المتدربات عادة وقد أخذن قسطا لا يستهان به من المعلومات والمهارات والتدريبات التي تؤهلها أن تكون أما وزوجة واعية. عند تنظيم هذه الدورات، هل تركزون على الجانب النفسي أيضا؟ للإجابة على هذا السؤال، سأعطيك محاور آخر دورة قدمتها وكانت بمعدل 18 ساعة خلال ثلاثة أيام. محاور دورة التأهيل الزواجي: أولا/ أبجديات التصالح مع الذات ثانيا/ مقاصد الزواج: المقصد النفسي والبيولوجي والاجتماعي والشرعي والمقصد الغريزي (الأمومة والأبوة). ثالثا/ أسس الاختيار ( الدين – الخلق – الوعي – الصلاح – الكفاءة الاجتماعية والاقتصادية- الحياء- الجمال – الحسب). رابعا/ سيكولوجية الرجل وسيكولوجية المرأة. الفروق الفردية – الأنماط التمثيلية – أنماط الشخصية – لغات الحب. خامسا/ التأهيل الزواجي أولا/ الخطبة وأحكامها. ثانيا/التأهيل النفسي والتأهيل الاجتماعي. ثالثا/ العواطف في مرحلة الخطبة. رابعا/ كلمة عن الحياة الحميمة وحدودها الشرعية. خامسا/ أساسيات التوافق الزواجي. سادسا/ علاج الكدر الزواجي وتجديد العلاقة الأسرية. سابعا/ ميزانية البيت الأزمات (الذمة المالية للمرأة وحدود مشاركتها في مصروف البيت). ثامنا/ الحياة الأسرية في سنة أولى زواج (مشكلات القوامة، عمل المرأة، الاستعداد للإنجاب). تاسعا/ الرسول صلى الله عليه وسلم في بيته في علاقته مع زوجاته في وفائه في حبه وفي تعامله مع الأطفال. عاشرا/ الحقوق الزوجية وحدودها والخصوصية بين الزوجين وحدودها. إحدى عشر/ الصحة والجمال والغذاء والتأهيل النفسي للانسجام الداخلي مع الحياة الجديدة. ما هي المشاكل التي تعترض الأزواج في الأسابيع والشهور الأولى من الزواج وتؤدي إلى الطلاق؟ أغلب المشكلات التي تحدث في سنة أولى زواج هو الجهل بالثقافة الزوجية والخصوصية بين الزوجين وتدخل الأهل من الطرفين، وارتفاع سقف التوقعات لدى الزوجين فالزوجة تعتقد بأنها ستعيش مع فارس الأحلام، والزوج يعتقد بأنه سيعيش مع خليفة أمه، مع الجهل بأمور الطباع لكلا الطرفين، وعدم التعود على تحمل المسؤولية، وتداخل الأدوار، والجهل أيضا بالثقافة الجنسية والحمل والإنجاب والتغيرات الهرمونية التي تحدث للمرأة والتي تسبب لها القلق فتنقله للطرف الآخر. ما هي أغرب المشاكل الزوجية التي تعرض عليكم أثناء دورات التدريب؟ من أغرب المشاكل التي مرت علي أثناء دورات التدريب أمور تتعلق بالعلاقة الحميمة بين الزوجين والتي تتسبب في كثير من التعاسة لكلا الطرفين . ما المساحة التي تخصصونها للحديث عن الحماة وأخت الزوج في هذه الدورات؟ لا أعتقد أن الحماة أو أخت الزوج تسبب مشكلة، لأن الدورات تقوم أساسا على الوعي بسبل التواصل الفعال وطرق الحوار الاسري المرن الذي يجعل الحياة الاسرية بسيطة وسهلة مادام كل طرف يعرف حدوده، فبإمكان الزوجين رسم خطوط وعلامات لحياتهما وعلاقتهما، فتكون العلاقات متوازية لا متقاطعة، وهناك سبل وتدريبات ومهارات تجعل الزوجين على دراية بكيفية نسج خيوط علاقاتهما بهدوء وليونة. هل هناك ضرورة لجعل دورات التأهيل الزوجي إلزامية؟ أكيد، هذه الدورات يجب أن تكون إلزامية لأنها ستقي الاسرة من مواجهة الكثير من المشكلات وستجعل الزوجين أكثر قدرة على مواجهة الازمات الاسرية.