لا أعرف لما ذكّرتني فضيحة تسليم جثة رضيع، رحمة الله عليه، لأبيه داخل "كرطونة" في مستشفى وهران، بفيلم "أبو كرطونة" الشهير، وهنا يجب التوضيح بأن المقصود بأبي كرطونة هو المستشفى طبعا وليس والد الضحية، فهل يُعقل يا عباد الله أن يتمّ تسليم الجثث داخل العلب، حتى وإن كانت مستوردة ومن النوع الرفيع؟ وهل يُمكن كذلك تبرير هذه الفعلة الشنيعة، بأن المستشفى "متعوّدة دايما" على العمل بهذه التقنية داخليا؟ مأساة "الكرطونة" لن تنقص قيد أنملة من المأساة العامة، الفردية والجماعية التي تنخر داخل المستشفيات وخارجها، وليس قضية تسليم جثة الرضيع بمستشفى وهران، سوى استكمال لمشاهد الفضائح التي تمرمد المرضى وعائلاتهم بعديد المستشفيات والعيادات والمراكز الصحية بأغلب الولايات، وبالتالي، فإن ما حصل في وهران، ليس سوى مشهد من المشاهد المؤلمة والموجعة التي تعصف بكيان الواقع الصحّي في البلاد! أليس من العيب أن "تعتدي" قابلات على حوامل بالضرب أو اللفظ؟ حسب عديد الشكاوى الواردة على ألسنة الضحايا وشهود العيان؟ أليس من العار أن يتعرّض مرضى للإهانة واللإساءة بأروقة المصحات؟..أليس من العيب أن يُسافر مرضانا إلى مستشفيات دول جارة بحثا عن أطباء أكفاء، أو عن حسن المعاملة، رغم الملايين التي يتمّ دفعها بالدوفيز؟ مهزلة "الكرطونة" يا جماعة الخير، هي في الأول والأخير، دليل آخر على العقليات البائدة، لأولئك الذين يخربون بيوتهم بأيديهم، فهل من المعقول أن يسلّم طبيب أو ممرض أو حتى "عساس" جثة لأهلها بهذه الطريقة المرفوضة وغير الأخلاقية والتي لا تتماشى قبل كلّ ذلك مع تعاليم ديننا الحنيف، وهناك رأي متشائم أكثر، يعتقد أن مثل هذه التصرفات والانزلاقات لا تحدث في بلدان أخرى حتى مع "موتى" الحيوانات! وزارة الصحة قالت إنها فتحت تحقيقا في قضية "كرطونة وهران"، والرأي العام ينتظر بشغف نتائج هذا التحقيق، بعدما اعترف "العاملون عليها" وقالوا إنهم متعوّدون على نقل و"تبادل" جثث الرضع في "الكراطين"، لكن داخل المستشفى وليس خارجها، فصدّقوا أو لا تصدّقوا! نعم، لقد فعل "الجموفوتيست" فعلته في المستشفيات، مثلها مثل الكثير من المجالات والقطاعات الأخرى، وتحوّل التسيّب والإهمال واللامبالاة إلى ممارسة يومية يؤدّيها بطريقة حمقاء بلهاء وبشكل عشوائي وفوضوي، أفراد وجماعات أساؤوا إلى مهنتهم، ولوّثوا وظيفتهم، ولطخوا سمعة المؤسسات التي يشتغلون فيها ويأكلون منها الخبز، ولولا هذا الاختراع المسمى "الفايسبوك" لما ظهرت "الكرطونة" ولا "الفرتونة" ولا هم يحزنون!