دق رئيس الجمعية الجزائرية لمكافحة الفساد، جيلالي حجاج، ناقوس الخطر، في ظل تنام غير مسبوق لجريمة تهريب العملة الصعبة عبر مطارات وموانئ الجزائر نحو الخارج، وسط وضع مالي صعب يتسم بتآكل مدخرات الجزائريين من العملة الصعبة إلى أزيد من النصف، وتأرجح احتياطي الصرف تحت عتبة ال100 مليار دولار. ويقول حجاج في تصريح ل”الشروق” إن حجم الأموال المحجوزة أقل بكثير من القيمة الحقيقية التي يتم تهريبها بعيدا عن أعين الرقابة والناجية من الحجز والكشف، والتي تكون عادة وجهتها الأولى تركيا وتونس، متسائلا عن سر التهافت الكبير لهذه الجماعات على اسطنبول. كما لم يتوان ممثل منظمة الشفافية الدولية، في التحذير من ارتفاع نسبة تهريب العملة الصعبة عبر المعابر الحدودية الشرقية، مذكرا بالعملية الأخيرة التي كشفت عنها مديرية الجمارك، حينما تم حجز أزيد من مليوني أورو، على متن سيارة سياحية، بحوزة شاب لا يتعدى العشرين سنة، مشددا “لا أظن أن هذا الشخص يقف وراء العملية، فهنالك أطراف وشبكات يجب التحري عن نشاطها”(..). ولفت المتحدث إلى وجود عمليات تبييض وغسيل للأموال وراء محاولات تمرير “الدوفيز” الجزائري عبر المطارات والموانئ، حيث تتواطأ برأيه بعض الجماعات في عمليات تهريب العملة للتمكن من اقتناء عقارات بالخارج، لتبويب أموالهم والبحث عن ملاذات آمنة، بعيدة عن أعين الضرائب، وتجنبا للشبهات وتحريات “من أين لك هذا؟”. واستدل جيلالي حجاج على هذا الطرح بالأرقام والإحصائيات المستنبطة من التقارير الإعلامية الإسبانية والفرنسية، والتي تؤكد -كما قال- أن الجزائريين يحتلون الصدارة في صفقات اقتناء العقار بباريس وأليكانت وروما واسطنبول وعواصم أوروبية أخرى. وانتقد ممثل مكافحة الفساد، التزام الصمت حيال هذه الجرائم الاقتصادية، خصوصا أن عدد المهربين في تزايد سنة بعد الأخرى، مطالبا بالكشف عن عدد هؤلاء المهربين والحجم الحقيقي للدوفيز المهرب، مع العلم أن مصلحة الجمارك كانت قد كشفت في تقرير 2017 عن حجز 25 مليون أورو، في حين تحدث الوزير الأول أحمد أويحيى عن خروقات بنصف مليار دولار، تشمل كافة ممارسات وجرائم التهرّب المالي. وأوضح المتحدث، قائلا “لم نصل اليوم إلى درجة مكافحة الظواهر السلبية لأن الفساد يتسع، وأصبح ذا أبعاد دولية”، كما تأسف لغياب الإرادة الحقيقية لمحاربة الظاهرة، رغم وجود القوانين والمؤسسات الرقابية، متسائلا عن سبب تخلف الحكومة عن تنظيم سوق صرف العملة الصعبة في الجزائر، واعتمادها على السوق الموازية، داعيا إلى استحداث نقاط صرف بكل بلدية تحت إشراف سلطة الولاية. وبالمقابل، برر جيلالي حجاج عدم إقدام الجمعية التي يرأسها على رفع تقارير للعدالة عن الخروقات الممارسة في هذا الإطار، بسبب ما سماه “الثغرات” التي يتضمنها القانون الجزائري، والذي لا يعطي الحق للجمعيات بالمبادرة في مثل هذه التجاوزات، مطالبا بضرورة المسارعة لتعديل قانون الجمعيات ومكافحة الفساد وجعله أكثر مرونة، للتمكن حسبه من التأسس كطرف مدني على الأقل.