غرامات مالية بأكثر من 18 مليار دينار ضد "متعاملين" أجانب أفادت مصادر أمنية تشتغل على التحقيقات الاقتصادية، بأن حركة تحويل الأموال بالعملة الصعبة شهدت خلال الثلاثي الأول من السنة الجارية ارتفاعا غير مسبوق، حيث تمكن رجال أعمال ومستوردون "نافذون" من تحويل ما يقارب ملياري دولار نحو بنوك أوروبا وأمريكا ودول عربية وخليجية. وسجلت تحريات مشتركة قادتها مصالح الأمن والجمارك والضرائب تواطؤ ضباط وأعوان ومسؤولين في الموانئ والمطارات وحتى مراكز العبور البرية. وأوضحت مصادر "البلاد" بأن التقارير المعدة كشفت استنادا إلى معلومات بنكية، عن ارتفاع قياسي لنزيف "الدوفيز" من سنة إلى أخرى مقارنة بمعدل تهريب العملة خلال الثلاث سنوات الأخيرة مثلما يكشفه حجم التعاملات البنكية، انطلاقا من ثلاثة بنوك تونسية استقبلت أموالا قادمة من الجزائر وساقها التقرير في إطار توثيق التجاوزات، إضافة إلى ذلك، فإن محاور من التقارير اعتمدت على اعترافات الموقوفين من الجمارك ووكلاء عبور بتهمة تسهيل تهريب العملة التي تكشف، بناء على القيم التي حولوها لفائدة رجال أعمال وأصحاب شركات تصدير واستيراد وأجانب أن الثلاثي الأول فقط من السنة الجارية قد لامس سقف ملياري دولار. وعلى صعيد متصل، فرضت مصالح الجمارك وحدها غرامات بأكثر من 18 مليار دينار ضد عدد من المستثمرين الأجانب يملكون شركات ذات حقوق جزائرية تورطوا بشكل مفضوح في تهريب العملة الصعبة تحت غطاء الاستثمار الذي تبين أنه لم يكن سوى استثمارا وهميا على الورق وبغرض إيجاد الغطاء الأمثل للتمكن من تهريب ملايين الدولارات عن طريق استيراد عتاد وتجهيزات بدعوى أنها تستعمل في مجالات نشاطهم، في حين أنها ليست سوى تجهيزات قديمة تباع في سوق النفايات الحديدية بالدول المستوردة منها. وقد أفلحت تحريات مصالح مكافحة الغش ومصالح المراقبة اللاحقة مع هؤلاء "المستثمرين" المهربين للعملة من طرف فرق المراقبة على مستوى الموانئ على مدار السنوات الثلاث الأخيرة في معرفة محاور التحرك ومسار الأموال المحولة تحت غطاء استيراد تجهيزات معفية من الرسوم الضريبية والجمركية، لأنها تدخل في إطار الاستثمار، وتمكنت مصالح الجمارك من جمع معلومات كافية تدين تلك الشركات فيما تعلق بالحيل والتلاعب على البنوك وباقي القطاعات المعنية وقامت إثرها بحصر لما تم استيراده وما حول من عملة مقابلة لقيمة التجهيزات ليتضح بعد المراقبات البعدية التي أجرتها الفرق الجمركية أنها عتاد تم تمريره تحت غطاء الاستثمار لتهريب العملة الصعبة. وتكشف أرقام الجمعية الوطنية لمكافحة الفساد عن تهريب أكثر من 100 مليار دولار خلال السنوات العشر الأخيرة. وتوجه أصابع الاتهام إلى شركات الاستيراد والتصدير التي تلجأ -حسب الخبراء- إلى تضخيم فواتير مختلف السلع التي تستوردها من مختلف مناطق العالم، فضلا عن عمليات التهريب على مستوى المطارات والموانئ الجزائرية. وتعالج المحاكم المحلية في العاصمة وعنابة وسكيكدة ووهران مثلا عدة قضايا من هذا النوع، على غرار تورط خمسة موظفين من شركة الخطوط الجوية الجزائرية في تهريب مبالغ مالية، وصدرت بحقهم أحكام بالسجن تتراوح بين سنة وخمس سنوات بتهمة مخالفة التشريع والتنظيم الخاص بالصرف وحركة رؤوس الأموال. وتشير مصادر مصرفية إلى أن القيم المحولة داخل الدائرة الرسمية عن طريق توطينات شكلية فاقت المعدل السنوي خلال السداسي الأول لهذه السنة، مما فتح أعين مصالح الاستعلام المالي للتدقيق في التوطينات خلال نفس الفترة.