التهبت أسعار العملة الصعبة "الدوفيز" في السوق الموازية بشكل لم يعهده الجزائريون من قبل، حيث وصل سعر صرف ورقة 100 أورو بسوق بور سعيد إلى 15 ألفا و650 دينار وأحيانا 15 ألفا و750 دينار، في حين بلغ سعر صرف ورقة من 100 دولار الأمريكي11 ألفا و250 دينار. كشفت جولة ميدانية قصيرة ل"الشروق" عبر ساحة بور سعيد في العاصمة، التي تعد أكبر سوق للعملة الصعبة في الجزائر، عن ارتفاع فاحش وجنوني لأسعار صرف الدوفيز، وبدا الفرق شاسعا بين سعر الصرف الرسمي للأورو والدولار لدى بنك الجزائر وبنك "السكوار" الموازي. وبحسب أحد الشباب من مصرّفي العملة الصعبة، فإن هذا الارتفاع طفا إلى السطح منذ مدة قاربت شهرين تقريبا، مضيفا أن حدّة الارتفاع زادت خصوصا منذ انطلاق الحملة الانتخابية شهر مارس الماضي، وعلق قائلا "الدوفيز ماكانش العرض راه ناقص بزاف.. السوق راه يقول هكذا". وأضاف أحد الشباب بأن عمليات البيع والشراء تناقصت، وحتى كتلة الدوفيز التي كانت متوفرة لم تعد كذلك، وقال "كان عديد رجال الأعمال ومن نعرفهم من المصدرين خصوصا والناس "المرفهين" يأتون في كل مرة للقيام بعمليات الصرف وبمبالغ هامة"، وتابع محدثنا "منذ مدة تغير الوضع ولم نعد نرى تلك الأموال بذلك الحجم الذي عهدناه سابقا". سألنا مصرّف "الدوفيز" عن سبب هذا التراجع وهذه الندرة في العرض فرد قائلا "ما علاباليش"، وأردف "نحن أول المتضررون من هذا الوضع، العرض صار محدودا وحتى المشتري لم يعد يقبل على علينا نظرا للارتفاع الكبير لسعر الصرف"، مؤكدا أن أغلب الزبائن صاروا ممن لديهم حالات طارئة للسفر. ويرى الخبير والمحلل الاقتصادي مالك سراي، أن سبب هذا الارتفاع المفاجئ وغير المسبوق مرده سياسي بدرجة أولى، وهو حالة التخوف والترقب التي تسود الساحة السياسية الوطنية، حيث لجأ أصحاب الأموال إلى تهريب العملة الصعبة إلى الخارج. وأفاد مالك سراي، في تصريح هاتفي ل"الشروق" أن أصحاب المال والتجار الذين ينشطون في السوق الموازية لجؤوا إلى شراء كتل مالية كبيرة من "الدوفيز" وتحويلها إلى الخارج، موضحا أن سبب هذه العمليات هو التخوف من تبعات الانتخابات الرئاسية ل17 أفريل المقبل، وقال أنهم بصدد تحويل ما استطاعوا تحويله. وبحسب سراي فإن من بين ما ساهم كذلك في هذا الارتفاع إقبال الجزائريين على شراء العقار في دول أوروبية عديدة وخصوصا إسبانيا، بعد انهيار أسعاره جراء الأزمة الاقتصادية، فضلا عن شراء الجزائريين لوحدات صناعية في الخارج، على غرار تركيا والصين وتايلاند. وأوعز محدثنا سببا آخر لارتفاع الدوفيز في السوق الموازية، وهو الكتلة المالية الضخمة من العملة الوطنية المتداولة في السوق الموازية بعيدا عن الرقابة البنكية، حيث أن 42 بالمئة من الإمكانات المالية الوطنية تتواجد بعيدا عن رقابة البنوك، معتبرا أن عدم وجود صرافات معتمدة للدوفيز ساهم أيضا في هذا الارتفاع.