فتح المدرب الجديد للمنتخب الوطني الأول لكرة القدم جمال بلماضي جبهة صراع جديدة مع وسائل الإعلام الجزائرية، بعدما تمادى في تجاهلها وإقصائها ومعاملتها بطريقة فظة، توحي بحدوث قطيعة وشيكة بين الطرفين رغم أنه لم يمر على تعيينه على رأس الطاقم الفني للخضر سوى شهر واحد فقط. ودخل بلماضي في صراع “مجّاني” مع الصحافة الجزائرية، خاصة أن الأمور لم تكن توحي أبدا بأن تصل إلى ما هي عليه الآن في العلاقة بين الطرفين، بالنظر إلى كون المدرب هو الوحيد من بين المدربين السابقين للمنتخب الوطني، الذي حصل على دعم ومساندة وسائل الإعلام ذاتها بعدما هللت لقدوم بلماضي حتى قبل أن يتم تعيينه على رأس الطاقم الفني للخضر، كما أن وسائل الإعلام كثيرا ما طالبت بضرورة منح بلماضي فرصة تدريب الخضر منذ قدوم المكتب الفدرالي الحالي بقيادة خير الدين زطشي، قبل أن “يكشّر” عن أنيابه في وجهها و”يفتعل” مشكلة من “لا شيء”، ما سيساهم في توتر العلاقة وتأزمها بين الطرفين مستقبلا. والظاهر من طريقة حديث بلماضي خلال خرجتيه الإعلاميتين الأخيرتين أنه، إما لديه “حسابات قديمة” بصدد تصفيتها مع الصحافة، وإما أن طرفا ما قام ب”تغليطه” ورسم له صورة قاتمة السواد عن الصحافة في الجزائر، وهو ما جعله يتصرف بتلك الطريقة السيئة مع الصحفيين خلال رده على أسئلتهم خاصة في الندوة الصحفية الأخيرة التي عقدها يوم الثلاثاء الماضي التي شهدت توجيهه كما من “التهم” والأوصاف “المقيتة” للصحفيين “دون استثناء” على حد قوله، حيث نعتهم ب”النفاق” و”انفصام الشخصية” و”الشعبوية” وحتى”التآمر عليه”، قبل أن يقرر إلغاء لقاء اللاعبين مع الصحفيين الذي كان محددا صبيحة الخميس بحجة رغبته في إراحة لاعبيه قبيل السفر إلى غامبيا، وعدم تقديم أي سبب وجيه ل”إقصاء” الصحفيين من ممارسة مهامهم في نقل المعلومة وتصريحات اللاعبين للرأي العام والجماهير مثلما جرت عليه العادة قبل كل مباراة، لكون تخصيص ربع ساعة للقاء إعلامي مع اللاعبين قبل سفريتهم إلى بانجول لن “يؤثر” على راحة اللاعبين وتركيزهم. وللأمانة، فإن الوسط الإعلامي “موبوء” ومليء بالنفاق والتضليل والرداءة والشعبوية مثلما قال بلماضي، لكن ما لم يقله هو أن هذا الأمر لا يقتصر على الصحافة فقط وإنما يتعداه إلى ميادين أخرى حتى لدى المدربين واللاعبين أنفسهم وكذا الاتحاد الجزائري لكرة القدم ومختلف الهيئات التابعة إليه. وللأمانة أيضا، فإن الانحطاط الذي تعيشه الصحافة الرياضية في الجزائر، لا يعطي الحق أبدا لبلماضي أو غيره في وضع رجال الإعلام في “سلة واحدة”، ولا يعطيه الحق أبدا في التمادي في تجاهل وإقصاء الصحفيين أو التحامل عليهم ومعاملتهم بتلك الطريقة الفظة، ولا يمنحه الحق أيضا في اختيار الأسئلة التي تطرح عليه، بينما يملك كل الحق في عدم الرد عليها والدفاع عن نفسه وخياراته ومبادئه وحماية لاعبيه، أو التحلي ب”الدبلوماسية” في تعامله مع هذا الوضع، لكون العمل مع الإعلام يمثل جزءا من مهمته كمدرب وطني، ويدخل في إطار التشريعات والقوانين التي تكفل الحق في الإعلام للصحافة والرأي العام والجماهير. ويفرض هذا الوضع أن يقوم بلماضي بمراجعة حساباته جيدا قبل الاستمرار في “معاداته” لوسائل الإعلام، وتفاديا لما وقع لسابقيه على غرار رايفاتس وليكنس وألكاراز وماجر، لأن بلماضي ليس فقط حديث العهد بمنصب مدرب المنتخب وإنما لم يكتشف بعد الواقع المرير و”المحيط المتعفن” الذي سيشتغل فيه في ظل الظروف السيئة التي تمر بها المنظومة الكروية حاليا، كما يفرض هذا الوضع أيضا أن “يستثمر” هذا المدرب في الظروف الجيدة التي يشتغل فيها عكس سابقيه، لأن مهمته الأولى تنحصر في النهوض بالمنتخب وإعادته إلى الطريق الصحيح والواجهة القارية والعالمية وتحسين مستواه ونتائجه وإبعاده عن المشاكل والصغوط، وليس الدخول في صراع “مجاني” ومتاهات لا جدوى منها مع أي طرف كان، على غرار الصحفيين الذين لم ولن يكونوا أبدا “أعداء المنتخب الوطني” مثلما وصف ماجر أحد زملاء المهنة، وليسوا “أعداء الجزائر” مثلما وصفهم رئيس الفاف خير الدين زطشي، وأخيرا لا تنطبق على جميعهم أوصاف “النفاق” أو”انفصام الشخصية” أو “الشعبوية” التي تحدث عنها مدرب “الخضر” مؤخرا.