رضخ الاتحاد الجزائري لكرة القدم (الفاف) بقيادة الرئيس خير الدين زطشي، وعاد مرة أخرى إلى انتهاج سياسة الرئيس السابق ل"الفاف" محمد روراوة، بالاعتماد على اللاعبين مزدوجي الجنسية والناشطين في الخارج، على حساب المحليين في المنتخب الوطني، بعد أن تبنى سابقا وظل يتغنى طوال العام ونصف العام من وصوله إلى سدة الحكم، بسياسة "رد الاعتبار للكرة المحلية واللاعب المحلي في "الخضر"، بمباركة من وزير الشباب والرياضة السابق الهادي ولد علي. أوصد المدرب الجديد للمنتخب الوطني جمال بلماضي الأبواب في وجه اللاعبين المحليين، بعد أن خلت قائمته تحسبا لمواجهة غامبيا يوم 8 سبتمبر المقبل في إطار الجولة الثانية من تصفيات كأس إفريقيا للأمم 2019، عن اسم أي لاعب ينشط في البطولة الجزائرية، وهذا في سابقة تاريخية لم تشهدها كرة القدم الجزائرية منذ الاستقلال (حتى في عهد روراوة الذي تبنى هذه السياسة وكان هناك نوع من التوازن ما بين المحليين والمحترفين، لاسيما خلال فترة المدرب وحيد خاليلوزيتش)، فضلا عن توجيهه الدعوة إلى 17 لاعبا تلقوا تكوينهم في مختلف مدارس كرة القدم الأوروبية، بعيدا عن الجزائر من أصل 23 لاعبا وجهت إليهم الدعوة لتربص مواجهة غامبيا. وحظي قرار بلماضي بمباركة رسمية من "الفاف"، لكون الرئيس زطشي رفقة المناجير العام للمنتخب حكيم مدان هما من كانا وراء مفاوضة بلماضي، وعلى دراية مسبقة بفلسفته التدريبية وأفكاره التي سيطبقها في المنتخب ومن ضمنها الاعتماد على المحترفين ومزدوجي الجنسية أكثر، قبل الموافقة على تعيينه مدربا جديدا ل"الخضر" خلفا للمقال رابح ماجر من طرف جل أعضاء المكتب الفدرالي، في صورة تؤكد انقلاب زطشي وتراجعه عن سياسته السابقة، التي كانت تعتمد أساسا على اللاعبين المحليين، من خلال منحهم الفرصة في المنتخب على عكس ما كان عليه الأمر في السابق، ليكونوا نواة المنتخب على المديين المتوسط والبعيد، وهو الأمر الذي أملاه واشترطه رئيس "الفاف" على المدربين السابقين الإسباني لوكاس ألكاراز ورابح ماجر، دون بلماضي. وبالإضافة إلى ذلك، استبق زطشي الأحداث مؤخرا، وفتح النار على اللاعبين المحليين، حيث طالبهم ببذل مجهودات مضاعفة بدلا من إكثار الكلام في الجرائد، للظفر بمكانة في المنتخب المحلي وبعده المنتخب الأول، وهذا في تصريحات إلى الإذاعة الوطنية نقلتها بعض وسائل الإعلام المحلية. العودة إلى نقطة الصفر ويمكن القول إنه اتضح جليا بهذه الخطوة أن الرئيس زطشي باع الأوهام للشعب الجزائري واللاعبين المحليين، وانتهج سياسة معارضة كل ما تبناه المكتب الفدرالي السابق، من أجل المعارضة للوصول إلى كرسي الرئاسة وفقط، دون تقديم برنامج واضح للنهوض بكرة القدم الجزائرية وتطوير مستوى اللاعب المحلي إن كان حقا ذا مستوى ضعيف أو متوسط لا يستحق مكانة في المنتخب، وإلا بم نفسر تراجعه وعودته إلى انتهاج سياسة روراوة بطريقة غير مباشرة من خلال مباركته قرارات وفلسفة بلماضي. هذا التراجع جاء بعد مرور عام ونصف عام من التجارب الفاشلة والتخبط في جملة من القرارات غير المسؤولة والارتجالية، حتى وصل الأمر إلى حد مهاجمة "الفاف" اللاعبين مزدوجي الجنسية، عبر بيان رسمي في موقعها على الشبكة العنكبوتية، ما أدى إلى دخول المنتخب الوطني النفق المظلم بتسجيله نتائج سيئة للغاية وتراجعه في التصنيف العام ل"الفيفا"، والآن يمكن القول إن "الفاف" عادت إلى نقطة الصفر، التي كان من الممكن الانطلاق منها من البداية ومواصلة عمل روراوة، ربحا للوقت وخدمة لكرة القدم والمنتخب الوطني وعشاقه فقط، دون حسابات ضيقة. قوة شخصية بلماضي تتجلى في أول قائمة يعدها ولكن!! وكان بلماضي أكد في ندوته الصحفية السابقة أنه مستعد لتوجيه الدعوة إلى أي لاعب يملك الجنسية الجزائرية ومستعد للتنقيب عن اللاعبين ومعاينتهم في أي بطولة كانت دون التفريق بين اللاعبين المحليين والمحترفين أو مزدوجي الجنسية، والشرط الوحيد هو أن يكون اللاعب الذي توجه إليه الدعوة الأفضل وقادرا على تقديم الإضافة المرجوة منه ل"الخضر"، وهذا شيء إيجابي، ويعود بالفائدة على المنتخب، ولكنه بالمقابل لا يتماشى مع سياسة "الفاف" والمكتب الفدرالي الحالي الذي تبنى فكرة "رد الاعتبار للاعب المحلي مع المنتخب" قبل كل شيء، للتقليل من وجود مزدوجي الجنسية واللاعبين المكونين في الخارج في المنتخب، وهذا منذ انتخابه في مارس 2017، ورغم ذلك تمكن بلماضي من فرض منطقه من أول قائمة يعدها بفضل قوة شخصيته، وهذا رغم وجود بعض الأسماء التي يراها البعض لا تستحق أن توجه إليها الدعوة في صورة المدافع إلياس حساني الناشط في الدوري البلغاري. ما مصير لاعبي "الأكاديمية" مع بلماضي؟ شيء آخر يجب التنويه إليه في قائمة المدرب بلماضي، وهو خولها من أسماء لاعبي نادي بارادو، فريق رئيس "الفاف" خير الدين زطشي، وهذا لأول مرة منذ ترأس زطشي "الفاف"، حيث لم يسبق للمدرب الإسباني لوكاس ألكاراز ولا خليفته رابح ماجر أن تجاهل لاعبي "الأكاديمية" كما فعل جمال بلماضي في الوقت الراهن، مع العلم أن بلماضي تابع مباراة نادي بارادو وشباب بلوزداد ضمن الجولة الثانية من الرابطة المحترفة الأولى (0/0)، ليبقى السؤال المطروح حاليا: ما مصير لاعبي "الأكاديمية" مع المدرب بلماضي؟.. فهل اعتماد بلماضي على المحترفين هو سبب إقصائهم من المنتخب أم إن المدرب السابق للدحيل القطري لم يقتنع أصلا بقدراتهم؟ تجدر الإشارة إلى أن زطشي أثر- بشكل أو بآخر- على المدربين السابقين لاستدعاء لاعبي بارادو إلى المنتخب، حتى تسهل مهمة تسويقهم وترويجهم سواء بالجزائر أم الخارج.